بقلم : حسن البطل
درج ناس بلادنا، فوق المدارية، على الربط بين الشتاء والمطر، وبين المطر والقرّ. في بلاد أخرى درج الناس، في المنطقة الاستوائية، على الربط بين الصيف والمطر.
تصادف، هذا العام، أن بدأ التوقيت الشتوي مع «رشرشة» السماء زخة مطر للمرة الثانية، ومعه «تلخبطت» الساعة البيولوجية لمدة يومين أو ثلاثة، كحال بدء التوقيت الصيفي.
اللخبطة هذه لا تنفي «وجعلنا الليل لباساً وجعلنا النهار معاشاً»، رغم أن بورصات العالم لا تعترف بالساعة البيولوجية، وكذا المدن الكبرى التي تختلط فيها حركة الحياة ليلاً نهاراً.
اليابانيون أدخلوا حكمتين إلى لغات العالم: «السوشي» إلى أطباق الطعام، وحكمة نسيتها وتعني: الموت من إرهاق العمل.
مع أن الألمان شعب شَغِّيل ومُجِدّ، ولكن ليس بدرجة اليابانيين، وهم يطالبون، الآن، الاتحاد الأوروبي بإلغاء العمل بالتوقيت الصيفي والشتوي ـ الذي بدأ عندهم كما عندنا بالأمس ـ لأنه يسلب حقهم بالنوم ساعة.
أعتقد أن الألمان، وهم من بدأ التوقيت الصيفي عام 1980، واقتدى الاتحاد الأوروبي بهم في العام التالي. الألمان لا يقيلون، ظهراً أو عصراً، ساعة كما شأن اليونانيين مثلاً، وشأن معظم العرب، أيضاً.
يبدو أن روّاد المحطة الدولية الفضائية مارسوا تدريباً على تطويع ساعتهم البيولوجية، ولا أدري كيف سيقتدي بهم روّاد فضاء قد يسافرون نصف عام قبل الوصول إلى المرِّيخ لاستعماره واستيطانه البشري لاحقاً. يبقى كوكب الأرض هو المائي (سائلاً، جامداً.. وغازياً).
كانت الكهوف بيوتاً للإنسان الأول، ويأوي إليها مع آخر ضوء للنهار مثل الدجاج، ويبدو أنه سيأوي إليها في تابعنا القمري، حيث اكتشفوا مغارة طولها 50كم وعرضها 100متر، ولا أعرف هل هذا في الجانب المضيء أبداً من القمر أو المظلم أبداً منه. المهم أن في القمر بقية من ماء جامد ضرورية كمحطة سفر إلى كواكب أبعد.
ليست كل الكواكب في مجموعتنا الشمسية تدور حول نفسها كل 24 ساعة، ومن ثم سوف تتلخبط الساعة البيولوجية للروّاد المستعمرين من البشر.
آخر اكتشافات طبية عن تأثير الساعة البيولوجية تقول إن أنجح عمليات القلب تجري خلال ساعات بعد الظهر، وليس في الصباح مثلاً.