بقلم : عبد المنعم سعيد
الشائع عالميا وأمريكيا أن الرئيس دونالد ترامب يكذب كثيرا؛ ويصيغ ذلك فى صيغ درامية حول أن كل ما سبقه فشل؛ وكل ما جنته أمريكا من سياسات عالمية كان الغبن والظلم من الأعداء والأصدقاء. الآن آن الأوان لتغيير هذا الأمر المزرى وأن تصبح أمريكا عظيمة وغنية ويتدفق عليها تريليونات الدولارات التى تجعل تخفيض الضرائب منطقيا وسداد الدين العام ممكنا. فى 3 أبريل الحالى فندت صحيفة «الواشنطن بوست» خطاب الجمارك الرئاسى بأن الصورة التى تظهر للولايات المتحدة الأمريكية ليست صحيحة لدولة ناتجها المحلى الإجمالى يزيد على 29 تريليون دولار؛ بينما الدولة التالية ـــ الصين ــ فهو 18 تريليونا. نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى هو 90 ألف دولار؛ بينما هو 14 ألفا فى الصين 58 ألفا فى ألمانيا و36 ألفا فى اليابان. الصحيفة بعد ذلك لكى تتبع مقارنات ترامب فى السلع مثل «الموتوسيكل» والسيارات لكى تجد أن ما ذكره عن جمارك الدول الأخرى ليس صحيحا وأقل مما قال وأحيانا فإنه كان يقابله تعريفات أخرى فى السلع التى تتمتع فيها أمريكا بتفوق واضح مثل عربات النقل.
ما هو غير مذكور فى المقال صراحة غير تصحيح أرقام الرئيس أن واقع الحال فى الولايات المتحدة هو حالة من العجز التنافسى فى الصناعات التقليدية للسيارات والسفن والحديد والصلب والألومنيوم؛ أو التركيز على الزراعة والتعدين فى مناطق الوسط والجنوب. ولكن الحقيقة غير المعلنة كثيرا أنه خلال العقود الأربعة الماضية جرى نوع جديد من تقسيم العمل بحيث تحتكر الولايات المتحدة صناعات الطيران والفضاء والهندسة الوراثية ومكافحة الأمراض المستعصية؛ باختصار كل ما يتعلق بنتائج الثورتين الصناعيتين الثالثة والرابعة، والتى تمركزت فى السواحل الأمريكية على المحيطين. هذا التقسيم كان مثمرا اقتصاديا بشدة حيث أبقى التضخم منخفضا وكذلك البطالة التى لم تتجاوز خلال السنوات الأخيرة حاجز 4% سنويا وهو معدل بالغ المعقولية ويسبب كثيرا من الحسد داخل الدول المتقدمة.