بقلم : عبد المنعم سعيد
فيما يلى بعض من ذكرياتى عن ثورة يناير 2011 والتى نشرت بعضا منها، ولكن فى مصر الآن أجيال جديدة من حقها أن تسمع وتقرأ عما جرى فى لحظة تاريخية. هذه جاءت فى مقدمة كتيب صدر لى عن الثورة بعنوان "الدولة والثورة فى مصر: إشكالية التغيير والسياسة" الذى نشرته جامعة "برانديز" الأمريكية فى الذكرى الأولى للثورة المصرية. المقدمة صدرتها بأول فقرتين فى رواية "تشارلز ديكنز" "حكاية مدينتين: قصة الثورة الفرنسية" (لندن 1859)، وبعدها مضى تشارلز ديكنز يصف عصر الثورة الفرنسية. كان تشارلز ديكنز كمن يصف كل الثورات، ومن يراجع ما كتب عن الثورة المصرية بعد ذلك سوف يكتشف أن أشهر العبارات عنها كانت أنها أخرجت أفضل وأسوأ ما فينا؛ وبعد أعوام سوف تجد كثرة تتيه بالثورة عجبا وفرحة، وجماعة أخرى ليست قليلة تعض بنان الندم، وحتى تعتذر أحيانا عما جرى من كوارث. وبالنسبة لى فإن أيامى الثورية كانت قد انتهت منذ وقت طويل، وتحديدا خلال الفترة من 1968 وحتى 1973. فى ذلك الوقت، ربما مثل كل أبناء جيلى ممن انزعجوا بشدة مما جرى فى حرب يونيو 1967 تحت القيادة الكارزمية للرئيس جمال عبدالناصر. انتهت الحرب بكارثة للدول العربية الثلاث التى شاركت فيها: فقدت مصر سيناء وغزة؛ وفقدت الأردن الضفة الغربية، وسوريا مرتفعات الجولان.
وعقب الهزيمة أصبحت نشيطا فى السياسة الثورية محتفظا دائما بهدف أساسى هو تحرير الأراضى التى احتلتها إسرائيل ومحاسبة هؤلاء المسئولين عن الهزيمة. وفى 21 فبراير 1968، ظهرت هذه المشاعر التى شارك فيها غالبية من كانوا فى جيلى عندما انطلقت أولى المظاهرات ضد نظام عبدالناصر. وبينما شاركت فى المظاهرات، والكتابة فى صحف الحائط (لم تكن المدونات ولا الفيس بوك أو التويتر قد ظهرت بعد) وارتبطت بعدد من الجماعات الثورية اليسارية، لم يتغير إيمانى بأن الهدف هو تحرير الأراضى المحتلة.