محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص
آخر تحديث GMT 06:05:23
 فلسطين اليوم -

محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص

 فلسطين اليوم -

محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص

بقلم : خالد منتصر

استقبال الإمارات لمحمد صلاح وحديثه فى معرض كتاب الشارقة، وكلامه عن كتالوجه الخاص وعدم اهتمامه بالهجوم، كل هذا يُثبت أن محمد صلاح حالة حضارية مصرية لا بد أن تُدرس جيداً، حالة حضارية قبل أن تكون موهبة كروية أو مهارة رياضية، هناك لاعبو كرة قدم كثيرون قد سافروا إلى أوروبا قبل صلاح، وتوفرت لهم فرص وبدايات أفضل من صلاح، ومن الممكن أن تكون لديهم مهارات فنية مثل صلاح وأكثر وقت سفرهم، لكن السؤال: لماذا تميز محمد صلاح واستمر وحافظ على مستواه وتألق حتى أصبح ثالث أفضل لاعب فى العالم وأغلى لاعب فى الدوري الإنجليزي؟

أقول إن محمد صلاح حالة حضارية لأنه امتلك هذا التفرد والاختلاف عن سابقيه، سافر واندمج حضارياً دون كراهية أو نقمة أو غضب من تلك الحضارة، لم يُضمر شراً لها، بل نهل من معين النور فيها، ومن قيم الحداثة التي نشرتها تلك الحضارة وما زالت تنشرها، اندمج ولكنه لم يذب، احتفظ بمصريته الضاربة فى أعماق التاريخ، عاشق للبهجة، متدين يمارس طقوس دينه دون صراخ، هادئ، تعلم الجدية، فهو لا يكتفى بالتدريب التقليدى فى مران فريقه، ولكنه يستمر فى التدريب خارج الملعب، أدرك أن رأس ماله الحقيقى ليس راتبه من ليفربول، لكنه قبل ذلك صلاح نفسه، لياقته البدنية، تركيزه، مهارته، كل هذه الأشياء هى رأس ماله الحقيقى، اشتغل على نفسه، طور أدواته النفسية قبل الجسدية.

صلاح ليس خريج الجامعة الأمريكية أو السوربون أو الإنترناشيونال سكول، حصيلته التعليمية هنا فى مصر كانت متوسطة، لكنه كان كورقة النشاف، استوعب الثقافة الغربية والحضارة التى سافر إليها فى زمن قياسى، صار «كوزموبوليتان»، تعلم اللغة الإيطالية ثم الإنجليزية، لا كمفردات من القاموس ولكن كروح تسرى كالعصارة فى الزيتونة، فصار محبوباً من الإيطاليين والإنجليز وكل الأوروبيين، بل وكل العالم.

أتذكر فى حلقة «صاحبة السعادة» الرائعة مع النجم محمد صلاح، التى كانت أفضل نموذج للريبورتاج التليفزيونى، ظهر وجه آخر لمحمد صلاح غير وجه لاعب كرة القدم المحترف، وهو وجه المربى لبنتين جميلتين «مكة وكيان»، رب الأسرة الذى رغم مشاغله المتعدّدة وازدحام جدوله الرهيب، إلا أنه يضع جدولاً صارماً للتربية يحقّق فيه المعادلة الصعبة ما بين عشق البنت لأبيها واحترام المعايير والمقاييس التى يضعها لصحتها الجسدية والنفسية والعقلية.

كتبت من قبل أن سر نجاح «صلاح» ونجوميته ليس أنه لاعب كرة حريف فقط، ومراوغ سريع فقط، وهداف متفوق فقط، ولكن لأن مسامه العقلية والروحية انفتحت لتتشرّب الثقافة الغربية، وهذا لا يعنى الانسحاق أو الدونية على الإطلاق، ولكنه يعنى فك شفرة وأبجديات الحداثة، وعلى رأسها أسلوب تربية الطفل هناك والتعامل معه كثروة بشرية وعضو فاعل فى المجتمع، لا بد أن نحافظ عليه، لأنه ليس ملكاً خاصاً للأب والأم.

أضاء «صلاح» عدة نقاط فى غاية الأهمية فى حواره مع الجميلة إسعاد يونس، ليس كل ما يحبه الطفل ويُمتعه هو مفيد ويجب الانصياع له، فليس هناك فى العالم أجمل من الشيكولاتة، ولا يوجد كائن بشرى فى الكون يكره طعم الشيكولاتة، ورغم ذلك فالنجم محمد صلاح لا يعطى ابنته «مكة» إلا قطعة شيكولاتة واحدة فى الأسبوع!

تعجّب الكثيرون وصُدموا من هذا التصريح، رغم أن «صلاح» طبّق فيه معايير الجمعيات العلمية العالمية لطب الأطفال بالحرف، واستفاد من تحذيراتهم ضد الإفراط فى الشيكولاتة، لدرجة منعها النهائى قبل عمر السنتين، «صلاح» بهذا التصريح يضع قاعدة صحية مهمة فى التربية، فهو يدرك جيداً الشيكولاتة وتأثيرها على الأسنان واللثة، والأهم يدرك تأثير الكافيين على الجهاز العصبى للأطفال، حتى قطعة الشيكولاتة التى يمنحها كهدية هو يدرسها طبقاً لتلك الثقافة التى تشرّبها والتى علمته أن يعود إلى المرجع العلمى لطلب الحقيقة، فيسأل هل يقدم شيكولاتة بيضاء أم غامقة؟

وما نسبة السكر والكافيين فى كل منهما.. إلخ، وهذا يقتل ثقافة الفهلوة اللاعلمية العشوائية التى تسكن أمخاخ الكثيرين عندنا، ويؤكد على طلب الإجابة من مرجع العلم الصحيح، الكلام نفسه عن ضوابط استخدام الآى باد والألعاب الإلكترونية، هناك انضباط فى المواعيد والأبليكيشن والمواقع.. إلخ.

هناك حجرة خاصة، لكن هناك أيضاً مساحة خاصة يتحرك فيها الطفل نفسياً وذهنياً، حتى يعيش طفولته ولا يشيخ قبل الأوان، أشياء فى منتهى الأهمية، حتى لو تصورتها نوعاً من الغلاسة، لكنها قمة الأداء التربوى المتميز، احتفال أسرة «صلاح» بكل الأعياد، سواء الدينية التى تخص المصريين أو الإنجليز بدون عنصرية حتى يعلم طفلته تقبُّل الآخر، دروس محمد صلاح صارت كثيرة، منها التحدى والقدرة على الاستمرار والاندماج والتسامح، أنت أهم رأسمال لنفسك، وأولادك، أهم استثمار لوطنك ومجتمعك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص محمد صلاح يصنع كتالوجه الخاص



GMT 05:00 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 04:57 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 04:54 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا سامح الله من أغلق ملفات الفساد

GMT 04:47 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا!

GMT 04:42 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 04:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 04:37 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

GMT 04:35 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لهذه الأسباب فاز الجمهوريون وخسر المحافظون

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday