بقلم : عبد اللطيف المناوي
تناولنا سابقًا المزايا التى ستعود على الغرب وأمريكا جراء انسحاب ترامب من المعادلة الروسية الأوكرانية، ومن ثم سعيه لتحقيق المصالحة وإنهاء الحرب، وهو توجه حميد فى مسألة المصالحة، لكن ذلك قد يحمل مخاطر كبيرة للغرب، كما ذكر بعض المراقبين الغربيين.
فالنتيجة المباشرة هى إضعاف أوكرانيا وتقوية روسيا، فالمجهود الحربى الأوكرانى يعتمد بشكل كبير على الإمدادات العسكرية الغربية، لا سيما أنظمة الدفاع الجوى المتقدمة، والذخيرة، والدعم الاستخباراتى، وبدون استمرار المساعدات، قد تجد أوكرانيا صعوبة فى الحفاظ على دفاعاتها، ما يزيد من احتمال تحقيق روسيا مكاسب عسكرية.
وقد يؤدى ضعف أوكرانيا أيضًا إلى تشجيع روسيا على التوسع أكثر غربًا، ما قد يهدد أمن دول أوروبا الشرقية الأعضاء فى الناتو، وإذا شعرت موسكو بأن الدعم الغربى لكييف بدأ فى الانهيار، فقد تتجه نحو تصعيد العمليات العسكرية بدلًا من الدخول فى مفاوضات.
النتيجة الأكثر خطورة وتأثيرا على المدى البعيد هى تقويض الناتو الذى يعتبر حجر الزاوية فى أمن الغرب منذ الحرب العالمية الثانية، وهو هدف بعيد لدى ترامب، لأن لدى الرئيس الأمريكى الحالى تاريخ من التشكيك فى أهمية الناتو، حتى أنه اقترح أن الولايات المتحدة قد لا تدافع عن الدول الأعضاء التى لا تفى بالتزاماتها المالية.
أظن أن ضعف الناتو وإعلان الرغبة الأمريكية فى الانسحاب منه ومن أى نزاع آخر عالمى، قد يدفع بعض الأنظمة الأخرى للتوسع، ومنها تحديدًا الصين، التى قد تتخذ خطوات أكثر عدوانية تجاه تايوان أو فى بحر الصين الجنوبى، وفى المقابل قد تبدأ دول أخرى، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، فى التشكيك فى مدى موثوقية الولايات المتحدة كشريك أمنى، وهذا ما يدفعها إلى البحث عن ترتيبات أمنية بديلة.
فقد يؤدى انسحاب الولايات المتحدة من الصراع إلى إعادة تشكيل التحالفات العالمية. فقد تعزز روسيا علاقاتها مع الصين وإيران ودول أخرى.
الجانب الإيجابى من هذا الانسحاب الأمريكى -إذا ثبت نجاحه وصدقه- قد يمثل نقطة تحول فى نهج واشنطن تجاه السياسة الخارجية لعقود قادمة، ونتمنى أن ينسحب ذلك بالتأكيد على الصراع العربى الإسرائيلى، بدلًا من الانحياز المطلق لتل أبيب!.