بقلم : عبد اللطيف المناوي
انعقدت القمة العربية الطارئة فى القاهرة وسط أوضاع معقدة فرضتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وما تبعها من محاولات أمريكية وإسرائيلية لفرض واقع جديد فى المنطقة. تأتى هذه القمة فى وقت تتزايد فيه المخاوف من مخطط تهجير سكان القطاع إلى دول الجوار، وسط تحركات عربية لرفض هذا التوجه وإقرار خطة لإعادة الإعمار دون المساس بالحقوق الفلسطينية.
ويرى متابعون أن الأيام التى تلى القمة تمثل فرصة حاسمة للتنسيق من أجل تعزيز وتوحيد الموقف العربى فى مواجهة المخططات التى تستهدف تغيير الخريطة الديموغرافية للقطاع، كما أن الخطة الأمريكية لتهجير سكان غزة تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومى العربى، وليس المصرى والأردنى فقط باعتبارهما دول الجوار، كما أنها تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر خلق وقائع جديدة على الأرض.
لقد عملت مصر جاهدة لطرح خطة بديلة تركز على إعادة إعمار غزة دون المساس بالوجود الفلسطينى. وتهدف هذه الخطة إلى تعزيز صمود السكان ومنع أى محاولات للتهجير، مع تقديمها كموقف عربى موحد إلى المجتمع الدولى.
ويرى محللون أن نجاح القمة يعتمد بشكل أساسى على قدرة الدول العربية على تجاوز الخلافات الداخلية وتقديم موقف موحد يرفض تهجير الفلسطينيين، لأن الإرادة السياسية القوية للدول العربية ستكون العامل الحاسم فى مواجهة هذه التحديات، ووحدة الموقف العربى ضرورية لإرسال رسالة واضحة للمجتمع الدولى.
أرى أيضا أن خطة إعادة الإعمار التى تتبناها مصر وعدد كبير من الدول العربية ليست مجرد إجراء إنسانى، بل هى استراتيجية أساسية لحماية الوجود الفلسطينى ومنع محاولات التهجير، لأن السماح بتهجير سكان غزة قد يشكل سابقة خطيرة يمكن أن تُطبق مستقبلاً فى الضفة الغربية.
إن الدول العربية تمتلك عدة أدوات لمواجهة هذه التهديدات، من بينها الضغط السياسى والدبلوماسى على الإدارة الأمريكية لوقف دعمها المطلق لإسرائيل.
كما أن استمرار الانحياز الأمريكى لإسرائيل دون مراعاة المصالح العربية قد يؤدى إلى توترات أوسع فى المنطقة، وبالتالى فإن توجيه رسالة واضحة لواشنطن أن المصالح الأمريكية فى العالم العربى ستكون فى خطر إذا استمرت فى دعم مخططات تهدد الأمن القومى لدول المنطقة، هى ضرورة من الضروريات التى يجب العمل عليها.
الأيام التالية للقمة العربية، والتنسيق الواجب والضرورى بين الدول يمثل اختبارًا للإرادة السياسية العربية فى لحظة مصيرية.
وفى ظل هذه الظروف، أكرر أن وحدة الصف العربى أمر ضرورى ليس فقط لحماية الفلسطينيين، بل أيضًا للحفاظ على الأمن القومى العربى ومواجهة أى مشاريع إقليمية تسعى لفرض واقع جديد يخدم المصالح الإسرائيلية على حساب الحقوق العربية.