مأساوية الحرب وأفكار النهايات
أخر الأخبار

مأساوية الحرب وأفكار النهايات

 فلسطين اليوم -

مأساوية الحرب وأفكار النهايات

بقلم : فهد سليمان الشقيران

تبدو الأمور أكثر تعقيداً؛ ثمة شحّ في طرق الخروج من النفق، الكارثة عميقة، ولو أن مغامريْن اثنين لم يرتكبا ما ارتكباه لما مشى محيطهما إلى جرف الوادي، ولكن من يعلم؟ لعله مخاض يلد إقليماً مختلفاً ولكن بثمنٍ باهض. ولولا المغامرات الحادّة لكانت كل المناطق المضطربة الآن في عيشٍ رغيد، ثمة تقديرات تتحدث عن شهور وربما سنة أو سنتين لأمد هذه الحرب، وحتى الآن لا أحد يعرف في داخل المناطق المنكوبة أو خارجها ما هو التسبيب العسكري أو الاستراتيجي لبدء حربٍ من هذا النوع مع دولةٍ جاهزةٍ ومتطورةٍ ولديها أحدث الأسلحة وأكثر القوى التكنولوجية الحربية والاستخبارية تطوّراً، ما هو تفسير هذه البداية لشنّ حربٍ في إقليمٍ كان قبل الحرب في أوج استقراره وازدهاره؟!

يمكن اعتبار هذه الأزمة جزءاً من دورات، وربما ذروات التاريخ الضرورية التي تمحض نفسها، ومن ثمّ تلد من أزماتها وقائع مختلفة، أو هو صراع الأضداد الذي يؤسس لواقعٍ جديد مختلف، كما يعبّر هيغل، وربما تمكّنت الحيويّة الدنيويّة والأطماع من تصعيد فكرة الحرب من دون أن يكون لها زمام أو خطام. إن فلسفة الحروب عبر التاريخ تقوم على هدفٍ ممكن، لا على أفكارٍ مستحيلة. فالحرب وسيلة وليست غاية. من أسس للحروب بأنها غاية الإنسان هي النظُم الأصولية التي تعتبر تغبير الأرجل بأرض الحرب غاية أخروية. لا بد من أخذ الحرب بوصفها طريقة سياسية في حال استنفاد السبل الدبلوماسية، فالحرب جزء من السياسة، وليست جزءاً من الاعتقاد. الحرب هي آخر الأدوية السياسية وليست أولها. إن الأنماط الحربية الموجودة حالياً تفتقر إلى المفاهيم السياسية الرئيسية مثل تحديد الهدف، وأمد الحرب، ومن قبل تسبيب بداية الحرب، ودراسة أثرها على الإقليم والإنسان، وتحديد الضرر، وفقه موضوعات اليوم التالي، ووضع خطةٍ كاملةٍ لها.

أما الحروب التي نشهدها الآن بدأها أصحابها في ليلٍ أظلم، حتى من دون تنسيقٍ مع محورهم، يعبّر ذلك عن عدم فهمٍ للموضوعات المتجددة، والتقنيات الصاعدة، لم تعد الحروب بالسهام والسيوف والكاتيوشا والدبابات، حين تعيش خارج العالم فإن التاريخ سيلفظك، لا تظنّ أن حرب هذه السنة مثل حروب السنة المقبلة، الحروب أصبحت مرتبطةً بالعلم، الآن هناك قلق من تأثير الذكاء الاصطناعي على القوة النووية، وهو قلق عبّرت عنه أميركا والصين. الحرب لم تعد أسنّة ورماحاً، وإنما أساسها الفهم السياسي والتقدير العالي للآماد التي يمكن أن يصار إليها والأهداف التي يمكن تحقيقها، وتقدير وقت الجلوس على الطاولة. من دون ذلك، فإنها ستكون مجّرد نزاعات آيديولوجية. وبناءً على ذلك، فإنني أقترح ملاحظتين...

الأولى؛ الانتقال من مرحلة شنّ الحرب إلى استعمالها؛ فبدلاً من الغيبوية الآيديولوجية التي تنزع الحرب من مضمونها، يمكن البناء على هذه المغامرة بغية تغيير وقائع معينة نحو الأفضل؛ إما الانتقال من الفضاء الطائفي إلى الفضاء المدني، أو استثمارها في تعديل دستور، أو الخوض في نقاشٍ حول مفهوم الدولة، وهذا ينطبق تحديداً على لبنان، من هذه الزاوية يمكن الدخول إلى الحضارة والتاريخ، وهذا التحدّي يطرحه بعض الزعماء اللبنانيين المعتدلين، كذلك الأمر في فلسطين حيث فتحت حركة فتح مفاوضات داخلية بغية ردم الانشقاقات، ولكن على هذا الحوار أن يعمّ الجميع لتتحول فلسطين إلى دولة واحدة ضمن مقترح حلّ الدولتين، الذي أسست له الرؤى، وعلى رأسها المبادرة والرؤية السعودية الفصيحة والحازمة.

الثانية؛ استثمار أفكار اليوم التالي المطروحة؛ ثمة تبويبات حيويّة طرحها المعتدلون في الغرب والإقليم عن هذا الموضوع، لا بد من القبض عليها قبل نهاية وقت عرضها، منذ شهور ثمة عروض أميركية للمتضررين بدعمهم في الإعمار، بشرط السلام وإنهاء هذه الأزمة. من دون الاعتبار والاستثمار بالمقترحات فلن يظلّ إلا الدمار.

الخلاصة... أن الإقليم يحتاج إلى عقولٍ نيّرة تعزز من أفكار التفاوض، وتقلل من نزعات التعارض، وهذا يجعل المنطقة أكثر حيويّة في تحقيق أسس التنمية، أما الخوض في الحروب اللانهائية فيعني أن الدمار هو الغاية، وعليه يجب على المعتدلين لجم هذه النزعة والأخذ بأهلها نحو مجالات أكثر رحابةً ومدنية، وتغيير أفكار الحروب الآيديولوجية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مأساوية الحرب وأفكار النهايات مأساوية الحرب وأفكار النهايات



GMT 09:37 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

العودة إلى عُمان

GMT 09:35 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

وَحَبَّبَ لِلنَّاسِ أَوْطَانَهُمْ

GMT 09:33 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

زمن بورقيبة التونسي

GMT 09:30 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

التفاوض والفوضى والتفويض مع إيران

GMT 09:27 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

الاقتصاد العالمي والرمال المتحركة

GMT 09:24 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

أميركا... السيطرة على العالم أم قيادته؟

GMT 09:22 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

هل حقاً احتجاجات حرب غزة لن تُؤتي أُكلها؟

GMT 09:19 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

قِدرة الفول والعرش

إطلالات النجمة يسرا المدهشة من فساتين الكاب إلى الجمبسوت

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تتميز دائماً النجمة يسرا بإطلالتها الأنيقة بمختلف الأوقات، ولكن لا زالت تحتفظ بأناقتها مع مرور السنوات. واحتفالاً بعيد ميلادها قررنا أن نشارككِ أبرز صيحات الموضة التي حرصت على اختيارها النجمة يسرا بمختلف الأوقات سواء بالحفلات والمهرجانات، والتي ساعدتها في الحصول على مظهر أنيق ورائع يخطف الأنظار. الفساتين بموضة الكاب اختيار يسرا كانت فساتين السهرة بموضة الكاب من أكثر الصيحات المفضلة لدى النجمة يسرا عند ظهورها على السجادة الحمراء في مختلف دول العالم. حيث اختارت الفستان العاجي المطرز بتفاصيل ذهبية، وذلك عند حضورها حفل الأوسكار 2020. لهذا تميل دائماً لاختيار هذه الموديلات من توقيع المصممين العرب مثل زهير مراد وإيلي صعب وجورج حبيقة. اختارت أيضاً الفستان السماوي بموضة الكاب بأقمشة الشيفون بشكل ناعم مفعم بالأنوثة خلال حضورها �...المزيد

GMT 08:37 2025 السبت ,12 إبريل / نيسان

ماجد المصري يكشف تفاصيل لقائه مع راغب علامة
 فلسطين اليوم - ماجد المصري يكشف تفاصيل لقائه مع راغب علامة

GMT 14:31 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 00:05 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

الجمهور يتغزل في إطلالة كارول سماحة الكلاسيكية السوداء

GMT 22:28 2016 الخميس ,14 إبريل / نيسان

فوائد البامية

GMT 04:13 2016 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

نبيل شعث يعلن أن برنامج "فتح" يواجه الاحتلال

GMT 21:14 2017 السبت ,02 أيلول / سبتمبر

الإعلان عن قميص مبابي في باريس سان جيرمان

GMT 23:51 2016 الثلاثاء ,13 كانون الأول / ديسمبر

سعد المجرد الأول في قائمة يوتيوب و دنيا سميرغانم في العاشرة

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday