توطين المهاجرين تهديد للديموغرافيا الليبية
أخر الأخبار

توطين المهاجرين تهديد للديموغرافيا الليبية

 فلسطين اليوم -

توطين المهاجرين تهديد للديموغرافيا الليبية

بقلم : جبريل العبيدي

ليبيا ضحية الهجرة غير النظامية، وليست صانعتها ولا جلادها، فمشكلة الهجرة إلى أوروبا ليست ليبيا المسؤولة عنها، ولا عن أسباب تهجير هؤلاء الناس من أوطانهم، فالسبب هو متلازمة «الفقر والمرض والبطالة»، وضعف التنمية المستدامة، وكثرة الصراعات والحروب الأهلية في بلدانهم.

ما ليبيا إلا بلد عبور، وليست قبلة يتجه إليها هؤلاء المهاجرون، بل يتخذونها محطة ترانزيت، وهي تعاني خلال مرحلة الترانزيت هذه من وجودهم على أرضها، منتهكين حرمتها وقوانين الدخول إليها والإقامة فيها.

فلماذا تتحمل ليبيا وحدها وزر الهجرة ومضاعفاتها، بينما المتسبب فيها خارج دائرة أي مساءلة، ولا يدفع تكاليف علاجها، ولا حتى يساعد في تقديم حل للمشكلة؟

ليبيا غير معنية بأي اتفاقيات بشأن الهجرة... حتى اتفاقية الأمم المتحدة سنة 1951 بخصوص اللاجئين، وبروتوكولها الإضافي لسنة 1967، رفضتها ليبيا، ولم توقع عليها، وبالتالي ليبيا غير ملزمة بأن تكون شرطياً لحماية أوروبا، أو سجناً، أو حتى موطناً ترفيهياً بديلاً للمهاجرين الذين في الأصل وجهتهم ليست ليبيا؛ بل «الحلم» بالفردوس على الأراضي الأوروبية.

لو كان الاتحاد الأوروبي معنياً بحل أزمة الهجرة وإيقاف تسونامي المهاجرين نحو أراضيه، فعليه أولاً احترام السيادة الليبية، وعدم استخدام ليبيا سجناً، ولا حتى فندقاً سياحياً للمهاجرين. وعلى الاتحاد الأوروبي، الذي يمتلك المال والسلطة، تقديم خدمات وتنمية حقيقية للأفارقة الجياع في بلدانهم، وتحسين ظروفهم المعيشية عبر الاستثمار والتنمية في أفريقيا، وبذلك يقلل من هجمات الهجرة بسبب الظروف الاقتصادية والجوع والفقر والبطالة، بدلاً من استحداث سجن سياحي لهم في ليبيا أو اللعب بالديموغرافيا الليبية بمحاولة توطينهم؛ وهو الأمر المرفوض بالمطلق في ليبيا، التي هي الأخرى ضحية تسونامي الهجرات نحو أوروبا واستخدام الأراضي الليبية ممر عبور؛ مما يتسبب في انتقال الجريمة والمرض، واستنزاف الموارد المالية والصحية، وحتى إنهاك القوات الأمنية في ملاحقات للهجرة عبر مساحات شاسعة لصحراء حارقة تتجاوز حجم القارة الأوروبية.

فمسببات الهجرة غير القانونية هي الفقر والبطالة والصراعات في دول المهاجرين الأم، والبحث عن فرص عمل أفضل في أوروبا، إضافة إلى انهيار الاقتصاد المحلي في دولهم بسبب الحروب وسوء الإدارة. فالنزاعات المسلحة، والحروب الأهلية، والاضطهاد السياسي والديني، في البلدان المصدِّرة للهجرة، في مقابل ضعف سلطة الدولة في ليبيا... كلها وغيرها تجعل ليبيا نقطة عبور للهجرة غير النظامية وشبكات تهريب البشر، التي تستغل الفقراء وتعدهم بفرص وهمية بسبب القرب الجغرافي وموقع ليبيا الاستراتيجي، بوصفها بوابة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط.

فالحقيقة أن ليبيا لا تتحمل مسؤولية هؤلاء المتسللين إلى أراضيها؛ لأنهم دخلوا أراضيها من دون علم أو إذن السلطات، وبالتالي ليس لهم حق التمتع بالحماية، فهم تسللوا إلى الأراضي الليبية بواسطة مهربين عبر الصحراء؛ فليبيا لهم مجرد بلد عبور يختبئون فيه؛ حتى عن أعين السلطات المحلية؛ مما يجعلهم ضحية سهلة للمهربين طوال رحلة الهروب أو الهجرة، خصوصاَ في بلد يعاني من فوضى الميليشيات المسلحة وغياب السلطة المركزية للدولة.

في تغريدة من الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن المهاجرين غير القانونيين إلى أميركا، وجدت كثيراً من الرسائل للمهاجرين، فقد قال: «هؤلاء المهاجرون يأتون من كل مكان، ويقدم لهم كل شيء؛ من رعاية صحية وأمن... وغير ذلك، لكنهم يتذمرون ولا يعجبهم كل ما يقدَّم لهم... فما عليك سوى إخبارهم بعدم الحضور». فحالة الهجرة غير القانونية، التي تعاني منها أميركا من جانب المكسيك، لا تقارَن بهجرة الأفارقة باتجاه أوروبا التي يظنون أنها النعيم والفردوس المفقود، ويتعرضون في الطريق للمرض و«الصراع» والموت، وقد يُستخدمون في صراعات محلية، كما جرى استخدامهم من قبل الميليشيات الإجرامية في طرابلس، التي سبق أن اشترتهم من سوق النخاسة، وقد بيع بعضهم عبيداً عند من لا يحترم حقوق الإنسان.

الحقيقة التي يتجاهلها ساسة الاتحاد الأوروبي أن المهاجرين الجياع والعراة وجهتهم ليست ليبيا ولا هي طموحهم، وما هي إلا معبر بالنسبة إليهم، خصوصاً وهي الآن تعيش ظروفاً صعبة من الحروب والتشظي السياسي، وهي لا تختلف كثيراً عن بلدانهم التي جاءوا منها جياعاً حفاة عراة يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.

أزمة الهجرة يمكن حلها بعيداً عن ليبيا المثقلة بمشكلاتها وهمومها، عن طريق تحقيق تنمية مستدامة في بلدان تصدير المهاجرين، لتمكينهم من العيش بكرامة؛ الأمر الذي يحد من تسونامي الهجرة إلى أوروبا... وبالتأكيد لا يمكن حلها عن طريق توطين المهاجرين في ليبيا التي لن تسمح باللعب في الديموغرافيا والسلم المجتمعي داخلها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

توطين المهاجرين تهديد للديموغرافيا الليبية توطين المهاجرين تهديد للديموغرافيا الليبية



GMT 09:30 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

هل وقع “الإخوان” في فخ أفعالهم؟!

GMT 07:40 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

متاهة زيزو!

GMT 07:38 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

اختصار قانون الرياضة فى الثمانى سنوات!

GMT 07:31 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

فيلسوف الهويات

GMT 07:18 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

«حزب الله» والخيارات المرة

GMT 07:01 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

جدل حول «حماس»!

GMT 06:57 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

الشكوك أفسدت الجولة

GMT 06:55 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

التوريث يُشعل الحياة الفنية مجدداً

أناقة ياسمين صبري على الشاطئ من الأبيض الكلاسيكي إلى الألوان المبهجة وجولات الموضة لا تتوقف

القاهرة ـ فلسطين اليوم
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 08:16 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

موقع "تويتر" يفضح مستخدميه وينتهك خصوصيتهم

GMT 14:26 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 00:38 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

مجموعة من أجمل أماكن السياحة في باريس للعائلات

GMT 13:03 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس البرلمان العربي يهنئ السودان برفع العقوبات

GMT 22:00 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

هاني شاكر يفتتح مهرجان الموسيقى العربية بأجمل أغانيه

GMT 15:50 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

مشاكل عصبية الأطفال والتعامل معها

GMT 08:12 2017 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

مادة في سموم الحشرات تعالج الصدفية غير قابل الشفاء

GMT 11:33 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

توقيف 16 شخصًا في قضية سرقة كيم كارداشيان في باريس

GMT 05:12 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ممثلة أميركية تقضي أعياد الميلاد مع اللاجئين لنصرة قضيتهم

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday