ليبيا وسيناريو التقسيم
أخر الأخبار

ليبيا وسيناريو التقسيم

 فلسطين اليوم -

ليبيا وسيناريو التقسيم

بقلم : جمعة بوكليب

 

حين تكون ليبيّاً، أينما كُنتَ وحيثما حَللتَ، لا بُدّ أن تشعرَ بغُصّة في قلبك، من المآل الذي آلت إليه الأوضاع، في تلك البقعة الجغرافية من العالم. صبرنا نفد. ثرواتنا نُهبتْ. حُدودنا انتهكتْ. وسيادة أراضينا تتلاشى، ووحدة بلادنا تتفكَّك. ورغم ذلك، ما زلنا في أعماق قلوبنا لم نقطع ارتباطَنا بالأمل، وما زلنا نَعضُّ عليه بالنواجذ، لإيماننا وقناعتنا بأنّ دوامَ الحالِ من المُحالِ.

إلا أنَّ الحقائق على الأرض، وما نرصده يحدث من حوادث وأزمات متتابعة، تصدمنا وتسبب في ارتباكنا، وتؤدي إلى انخفاض سقف توقعاتنا، وتزيد في حيرتنا، وتفاقم من مخاوفنا، يوماً إثر آخر، مما يجعل ذلك الخيط المتبقي من ضوء فتيل الأمل داخلنا يصير شحيحاً حتى إنه لا يكاد يبين، ونحسُّ بالخوف يزحف في صدورنا مقتحماً ما تبقى من طمأنينة نفوسنا، لعلمنا بأن زيت فتيل الأمل على وشك النفاد، واقتراب حلول ظلام دامس.

قد يرى البعضُ أن هذه قراءة متشائمة، ولا تتسق مع شدّة الإيمان بضرورة تغيّر الأحوال، وأن المسألة تتوقف على الزمن، والصبر على المكروه، وعدم الاستسلام لليأس والركون إليه.

لستُ شخصاً متشائماً. لكنّي أرى بعينيَّ التشاؤمَ يتقدم حثيثاً على حساب التفاؤل، ويعزز مواقعه بسرعة في القلوب والعقول. ومن الممكن رصد ذلك فيما ينشر من آراء وتحليلات سياسية بأقلام ليبية عن الأزمة، في مختلف وسائل الإعلام. كما يمكن ملاحظته في سلوك وتصرفات الليبيين عموماً، وفيما يستجد في قاموسهم اللغوي من مفردات ليس من الصعب استجلاء معانيها ودلالاتها، وكذلك تزايد مساحات الحيرة التي تسكن في نظرات عيونهم، والأسئلة التي تتفاقم في أذهانهم، يوماً بعد آخر، ولا تجد إجابات. المفارقة، أن الأمور على السطح تبدو هنية مرضية.

السؤالُ الأكثر حضوراً، هذه الأيام، يتمحور حول وحدة الأراضي الليبية. ومن الأخير، هناك خوفٌ يتصاعد من أن تؤدي الوضعية الحالية من الخلافات إلى تقسيم ليبيا إلى دولتين، وربما إلى ثلاث. هناك كثير من المؤشرات المعززة لهذا الرأي ولأصحابه. لعل آخرها في نظري وأكثرها وضوحاً، ما تبدّى عقب انتهاء معرض النيابة العامة للكتاب بطرابلس، في أواخر شهر أكتوبر (تشرين الأول). التسريبات التي وصلت إليّ مثيرة جداً للقلق. فقد هاتفني أحد الناشرين الليبيين ذات مساء، وأعلمني بأن الناشرين العرب الذين حضروا وشاركوا في المعرض المذكور، أرادوا المشاركة في معرض للكتب يقام في مدينة بنغازي. إلا أنهم أُبلغوا بأن تأشيرات دخولهم إلى ليبيا الممنوحة لهم من قبل حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس غير معترف بها، وعليهم تقديم طلبات تأشيرات جديدة إلى حكومة بنغازي إن أرادوا المشاركة!!

ولولا ثقتي بصديقي الناشر الذي هاتفني لما صَدّقت الخبرَ. والخبرُ، في الوقت ذاته، لا يترك فسحة للتخمين أو فرصة لحسن الظنّ، ويؤكد أن سيناريو التقسيم يزداد رسوخاً وتوطداً على أرض الواقع. وإذا رأى البعض في ذلك مبالغة في التفسير تقتات على التشاؤم، فنحن على أتم الاستعداد لقراءة أو سماع تفسيراتهم إن وجدت، لعلها تفيد في إضاءة ما خفي من تفاصيل لم تبدُ لنا واضحة، وهم على دراية بها. وما لم يقوموا بذلك، فسيظل التفسير المذكور أعلاه، لذلك التصرف غير المتوقع، والغريب والمستهجن، هو الممكن والأقرب للحقيقة. وهذا المثال ليس إلا واحداً من عدة أمثلة، ولا يتميّز عنها، إلا بكونه الأكثر وضوحاً، عما يضمر من نيات، وما يتم التخطيط له وراء أبواب مغلقة، وبالتنسيق مع دول أخرى، بما يتسق وأطماعها في ليبيا وحماية وتطوير ما حققته من مصالح خلال الأعوام الماضية.

الليبيون على الجُملة لن يربحوا من تقسيم بلادهم إلى دولتين أو ثلاث، لأن تفتيتها يقود إلى كوارث قد لا تبدو للعيان واضحة حالياً على حقيقتها. وهم يعرفون ذلك، ويدركون حقيقة ما يحاق بهم وببلادهم من أطماع وشرور تتربص من جهات عدة، تتحيّن الفرصة للانقضاض. وفي الوقت ذاته، يعلمون بأن من فرضوا الوضعية الحالية ويحرصون على استمرارها، سعياً إلى التقسيم، لديهم حسابات ومنافع شخصية تتعارض مع حسابات الليبيين ومنافعهم. وامتلاكهم للسلاح يمنحهم الفرصة، ويرجح كفّتهم. وندعو الله القدير أن يحبط تدبيرهم، ويجعل كيدهم في نحرهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وسيناريو التقسيم ليبيا وسيناريو التقسيم



GMT 08:00 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

لن يتغيّر وجه الشّرق الأوسط قبل كسر إيران

GMT 07:55 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

المسئول الانتقالى والمهمة الصعبة

GMT 07:52 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

من الملفّ النووي.. إلى مستقبل النظام الإيراني!

GMT 07:49 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

تمهّل... أمامك مطبّات

GMT 07:48 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

ترمب وإيران ودروس لـ«حماس»

GMT 07:43 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

يوم التحرير... شرعية أميركية جديدة

GMT 07:41 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

لكنْ ماذا نفعل؟

أناقة ياسمين صبري على الشاطئ من الأبيض الكلاسيكي إلى الألوان المبهجة وجولات الموضة لا تتوقف

القاهرة ـ فلسطين اليوم
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 21:11 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

استطلاع يؤكد رغبة جمهور سنغافورة في استمرار فورمولا1

GMT 00:11 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

كيف توسّع المكعبات خيال الطفل؟

GMT 05:25 2016 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أفكار لتوفير المساحة في الشقق عن طريق الأثاث

GMT 21:48 2015 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفلامنكو "الطريق المفتوح" في دار الأوبرا الأحد

GMT 10:22 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جولة لتوعية مزارعي وادي بيضان بطرق الزراعة

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday