مفتاح عرفات… ليس بيد عبّاس
أخر الأخبار

مفتاح عرفات… ليس بيد عبّاس؟

 فلسطين اليوم -

مفتاح عرفات… ليس بيد عبّاس

بقلم : نبيل عمرو

أمضى ياسر عرفات قرابة نصف قرن قائداً مركزيّاً للحالة الفلسطينية بجملتها وتفاصيلها. ومنذ تسميته ناطقاً رسمياً باسم حركة فتح وترشيحه ليكون رئيساً لمنظّمة التحرير، خلفاً لرئيسها المؤسّس أحمد الشقيري، وإلى أن توفّاه الله، وهو يكيّف الحالة الفلسطينية مع قيادته الدائمة لها على مبدإٍ وضَعه لنفسه: “أنا فلسطين وفلسطين أنا”.

ورث عن سلفه أحمد الشقيري منظّمة التحرير بإطاراتها ومؤسّساتها المثبتة في ميثاق تأسيسها. حافظ عليها هي هي، لكنّه أضاف إليها ما يسهّل عليه الإمساك القويّ بزمامها، فاستحدث إطاراً وسيطاً بين برلمانها “المجلس الوطني” وقيادتها اليومية “اللجنة التنفيذية”، هو المجلس المركزي الذي تمتّع بصلاحيّاتٍ موازية لصلاحيّات “المجلس الوطني” وأحياناً ما هو أوسع منها، وذلك بفعل الصعوبات والمعوّقات التي كانت تحول دون دورية انعقاد “الوطني”. حتّى اتّفاقات وتفاهمات أوسلو على أهمّيتها تمّت بإقرار من الحلقة الوسيطة لا الأساسيّة العليا.

منذ تسلّمه رئاسة منظّمة التحرير عمل بدأب ومواظبة وبراعة على أن يُحكم قبضته على القرارات الأساسية، معتمداً على قوّة “فتح” وتحالفها مع الشخصيات الاعتبارية المستقلّة التي حقّقت له غالبيّة ثابتة حيّدت تأثير القوى المعارضة له، سواء من داخل المنظّمة أو من النظم العربية ذات الامتدادات العضويّة فيها، كالبعثين العراقي والسوري.

نظام عرفات

مع الزمن وبفعل سلسلة المعارك الكبرى التي قادها على الجغرافيات العربية المحاذية لفلسطين، وما نتج عنها من إنجازات سياسية، تكرّس نظام سياسي يستحقّ تسميته بنظام عرفات. كانت واجهته مؤسّسات “فتح” والمنظّمة، التي توفّر شرعيّة مستقرّة له، ومحتواه إمساك الرجل المركزي بكلّ المفاتيح والأقفال التي تجعل من السيطرة عليه مستحيلةً على غيره، فلسطينياً كان أم عربيّاً أم دوليّاً.
رحل عرفات بعد ما يربو على نصف قرن وهو في قلب الحالة الفلسطينية ومركزها

رحل عرفات بعد ما يربو على نصف قرن وهو في قلب الحالة الفلسطينية ومركزها. وقبل رحيله وقعت جائحة أودت بحياة كلّ المرشّحين لخلافته ممّن يسمّون بالتاريخيّين المؤسّسين، خليل الوزير، صلاح خلف، خالد الحسن وفاروق القدومي، ولم يبق من هذا الجيل سوى محمود عبّاس الذي قيّضت له الأقدار أن يكون الخليفة التلقائيّ لعرفات، والوارث لنظامه، الذي يشبه صندوقاً مغلقاً مفتاحه بيد عرفات وحده. وفي هذه الحالة وخلال أيّام معدودات، تبيّن للخليفة التلقائي أنّ الراحل أخذ أقفاله ومفاتيح صندوقه معه.

عبّاس لم يكن شريكاً في التّأسيس

كان عبّاس جزءاً من نظام عرفات ولم يكن شريكاً في تأسيسه وتشغيله، وحين آلت كلّ الأمور إليه وجد نفسه على رأس جيش أسّس غيره بناه وتقاليد عمله وكتائبه وألويته وفرقه.
في حياة عرفات حاول العالم وضع حلٍّ لهذه المعضلة بإيجاد صيغةٍ يكون فيها عبّاس شريكاً فعليّاً في إدارة النظام السياسي الذي نشأ بفعل أوسلو

في حياة عرفات حاول العالم وضع حلٍّ لهذه المعضلة بإيجاد صيغةٍ يكون فيها عبّاس شريكاً فعليّاً في إدارة النظام السياسي الذي نشأ بفعل أوسلو. كان نظاماً مزدوجاً، المنظمة والسلطة في مكان واحد. وقد تأسّست شراكة بين الرجلين على رأس النظام المستجدّ من خلال استحداث موقع رئيس الوزراء الذي يتقاسم السلطات والمسؤوليّات مع رئيس السلطة. إلّا أنّ التجربة فشلت تماماً بفعل هيمنة عرفات ونفوذه الشامل في الحياة الفلسطينية، وهو ما حمل عبّاس على فضّ الشراكة بالاستقالة المبكرة بعدما دامت أقلّ من أربعة شهور أنتجت حالةً تحوّلت فيها رئاسة الوزراء من شريك إلى موظّفٍ ملحق بالرئاسة العليا، وهذا ما بقي حتّى الآن.

عرفات

لسوء حظّ عبّاس أنّه ورث حالة لا يقوى على إدارتها سوى صانعها.

كان صندوق عرفات مستجيباً تماماً لزمن الثورة ومتطلّباته، وأمّا ما نحن فيه الآن من تشتّت في القوى وتهميش للإطارات وانحسار في الالتفاف الشعبي حول فتح والمنظّمة والسلطة، فكثير منه راجع لغياب المؤسّس. وما يجري الآن من محاولات للمعالجة تحت عنوان الإصلاح، لا صدقيّة عمليةً لها، بل هي تحسينات تصيب القشرة ولا تصل إلى الجوهر.

إقرأ أيضاً: الميليشيات والشّرعيّات: استدامة مستحيلة

تتطلّب الحالة الفلسطينية صندوقاً جديداً، وما دمنا بصدد الحديث عن شعبٍ حيٍّ يُعدّ بالملايين وقضيّة تشغل بال العالم كلّه، فالجديد حتميّ وممكن، ولدى الفلسطينيين عقول مبدعة تقدر على إنتاجه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مفتاح عرفات… ليس بيد عبّاس مفتاح عرفات… ليس بيد عبّاس



GMT 03:34 2025 الأحد ,06 إبريل / نيسان

أعيرونا صمتكم

GMT 03:33 2025 الأحد ,06 إبريل / نيسان

متغيرات فاعلة في نظام عالمي جديد

GMT 03:31 2025 الأحد ,06 إبريل / نيسان

الذكاء الاصطناعي... الحرامي!

GMT 03:30 2025 الأحد ,06 إبريل / نيسان

ماذا لو حدث ما لم يحدث؟

GMT 03:27 2025 الأحد ,06 إبريل / نيسان

عودة الروح في زمن الافتراس

GMT 03:24 2025 الأحد ,06 إبريل / نيسان

كيف تأجّل الموعدُ مع التاريخ؟

GMT 03:23 2025 الأحد ,06 إبريل / نيسان

مارين والآخرون

GMT 00:46 2025 الأحد ,06 إبريل / نيسان

الهدوء في مواجهة العاصفة

الملكة رانيا تتألق بعباءة وردية مطرزة بلمسات تراثية تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ فلسطين اليوم
الإطلالات التراثية الأنيقة المزخرفة بالتطريزات الشرقية، جزء مهم من أزياء الملكة الأردنية رانيا ترسم بها هويتها في عالم الموضة. هذه الأزياء التراثية، تعبر عن حبها وولائها لوطنها، وتعكس الجانب التراثي والحرفي لأبناء وطنها وتقاليدهم ومهاراتهم في التطريز الشرقي. وفي احدث ظهور للملكة رانيا العبدالله خلال إفطار رمضاني، نجحت في اختيار إطلالة تناسب أجواء رمضان من خلال تألقها بعباءة بستايل شرقي تراثي، فنرصد تفاصيلها مع مجموعة من الأزياء التراثية الملهمة التي تناسب شهر رمضان الكريم. أحدث إطلالة للملكة رانيا بالعباءة الوردية المطرزة بلمسات تراثية ضمن اجواء رمضانية مميزة يملؤها التآلف، أطلت الملكة رانيا العبدالله في إفطار رمضاني، بعباءة مميزة باللون الوردي تميزت بطابعها التراثي الشرقي بنمط محتشم وأنيق. جاءت عباءتها بتصميم فضف�...المزيد

GMT 08:00 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إدوارد يكشف سبب رفضه البطولة المطلقة
 فلسطين اليوم - إدوارد يكشف سبب رفضه البطولة المطلقة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 07:07 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء إيجابية ومهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:12 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يغنى للمارة في كندا عام 2007 قبل الشهرة

GMT 23:20 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السورى يستعيد قرية جب عوض وتلة الشيخ محمد

GMT 22:47 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد الأحمد سعيد بحصوله على جائزة عمر الشريف

GMT 17:08 2017 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

كاظم الساهر يؤكد لمن يشوهون صورته سعيه لخدمة وطنه

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday