الفكرة بدأت في الرياض
آخر تحديث GMT 09:04:54
 فلسطين اليوم -

الفكرة بدأت في الرياض

 فلسطين اليوم -

الفكرة بدأت في الرياض

بقلم : سليمان جودة

في قصة من قصص نجيب محفوظ كان قد وصف أشتاتاً من الناس سارعوا إلى المسجد هروباً من زلزال، فقال: إن الله لا يجمع هؤلاء في مكان واحد إلا لحكمة.وبالقياس تستطيع أن تقول المعنى نفسه تقريباً عن الحكمة التي جمعت الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع رجل الأعمال إيلون ماسك في مربع واحد. وإذا شئنا بعض التعديل في عبارة أديب نوبل قلنا: إنه إذا غابت الحكمة عمّا يجمع ترمب على ماسك، فالمؤكد أن ما يجمعهما هدف.

فقبل أربع سنوات، لا أكثر، كانت المنصة التي يملكها ماسك على عداء معلن مع ترمب، وقد وصل بها العداء معه إلى حد أنها حظرت حسابه عليها، وكانت تفعل ذلك لتُعاقبه، لأنه حرّض أنصاره على تسلّق جدران الكونغرس واقتحامه بعد خسارته في سباق 2020 الرئاسي، وفوز المرشح المنافس جو بايدن.

ولكن الزمان دار دورته، فاشترى ماسك المنصة، ثم غيَّر اسمها من «تويتر» إلى «إكس»، ثم أقلع عن الميل إلى الديمقراطيين، واتجه نحو الجمهوريين، ومن بعدها صار صديقاً مقرباً لترمب، وصار يستضيفه على المنصة باسمها الجديد لساعتين كاملتين، وصار يتبرع لحملته الانتخابية بالملايين من الدولارات.

وقد بلغ في حماسته لترمب إلى درجة أنه قال إنه سيتبرّع لحملته الانتخابية بمبلغ 75 مليون دولار شهرياً إلى أن يكتمل السباق، وقد كان يراهن على جواد الجمهوريين وكأنه يقرأ الغيب، لأن خسارة هذا الجواد لم تكن ستعني لماسك خسارة الأموال التي تبرّع بها فحسب، ولكنه كان سيواجه تضييقاً لا شك فيه إذا كانت كامالا هاريس هي الجواد الذي ربح السباق.

ولم ينافسه في حجم التبرع إلا اليهودية الأميركية مريم أديلسون، التي تبرعت لترمب بمبلغ مائة مليون دولار عدّاً ونقداً، ومرةً واحدةً، لا على أقساط ولا على شهور كما فعل ماسك، غير أن قصة أديلسون تبقى بالطبع قصة أخرى.

الآن فاز جواد الجمهوريين، وراح يتهيأ لدخول البيت الأبيض خلال أسابيع معدودة على أصابع اليدين، وراح أيضاً يُسمي أعضاء فريق إداراته، ولم يكن ماسك استثناءً من هذه التسميات، وإنما نال جانباً من الحب كما نقول.

ولماذا لا يناله هذا الجانب من الحب، وهو الذي تبرّع وراهن وكسب؟ لقد أذاعت وكالات الأنباء خبراً يفيد بأن الرئيس المنتخب لما أجرى اتصالاً تليفونياً بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كان صاحب «إكس» هو ثالثهما خلال الاتصال، وكان جالساً ويشاهد وقائع الاتصال، وربما شارك فيه ولم يتوقف عند حدود الحضور والمشاهدة.

ومن الواضح أن جانب الحب الذي سيناله من الرئيس المنتخب، أنه، أي ماسك، سوف يكون مسؤولاً عن وزارة أو هيئة أميركية اسمها وزارة خفض التكاليف، أو شيء بهذا المعنى. أما الفكرة فهي أن ترمب يريد أن يضبط الإنفاق العام، لا أن يحد منه أو يقيده، وهو لا يرى سبيلاً إلى تحقيق هذا الهدف إلا بالعمل وفق مبدأ ضبط التكاليف على مستوى كل مشروع يجري الإنفاق عليه.

ولا تعرف كيف نبتت مثل هذه الفكرة في رأسه، ولا لماذا يتولّى العمل عليها صاحب «إكس» بالذات، ولكن ما نعرفه أن الرئيس المنتخب كان في وقت ترشحه قد قال إن ماسك ربما يكون له مكان في الإدارة الأميركية الجديدة إذا فاز الجمهوريون بالمنصب، فلمّا فازوا راج وانتشر كلام كثير حول موقع ماسك في الإدارة، إلى أن تسرّبت معلومات عن هذا الموقع الذي سيشغله، والذي لا وجود له في حكومة بايدن.

ولكن الفكرة نفسها إذا كان لها وجود في إدارة ترمب المرتقبة، فوجودها كان سباقاً في الرياض قبل سنوات من الآن.

كان ذلك عندما تولّى الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد، فتجسّدت الفكرة في مبدأ سمّاه: كفاءة الإنفاق. وكان الإعلان عن المبدأ قد ترافق مع البدء في رؤية 2030 التي أعلنها ولي العهد، ثم مضى فيها إلى غايتها.

وحقيقة الأمر أن هذا المبدأ ربما يكون هو الأهم في مبادئ الإنفاق العام، لأن كفاءة الإنفاق تعني أن يكون الإنفاق العام في مكانه المضبوط، ولا يتحقق ذلك إلا بأن يكون إنفاق كل ريال بالنسبة للمملكة في المكان الصحيح، وأن يتحقق الهدف نفسه الذي كان يتحقق من قبل من وراء الإنفاق العام، ولكن بإنفاق مبالغ أقل على الأهداف ذاتها. وإذا كانت رؤية 2030 قد قطعت خطوات مشهودة في سبيلها إلى غايتها، فالغالب أن جزءاً كبيراً من ذلك يرجع إلى الأخذ بهذا المبدأ المُعلن.

الاقتصادات الناهضة أحوج ما تكون إلى هذا المبدأ على وجه التحديد، لأنه لا يكبل الإنفاق العام كما قد يبدو منذ الوهلة الأولى، ولكنه يطلقه ويُخلّصه مما يعطله عن الذهاب إلى الغاية المنشودة. وإذا كان ترمب قد قال إن مهمة الهيئة التي سيرأسها ماسك هي المراجعة الشاملة للأداء المالي للحكومة الفيدرالية الأميركية، فمن باب أولى أن تكون حكومات الشرق هنا أشد حاجة من الحكومة الفيدرالية إلى هذا النهج في مراقبة الأداء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفكرة بدأت في الرياض الفكرة بدأت في الرياض



GMT 04:12 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 04:11 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب «الجيل الرابع» تخوضها إسرائيل في لبنان!

GMT 04:09 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياض... بيانٌ للناس

GMT 04:06 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجملة التي أبطلت مقترح قوات دولية للسودان!

GMT 04:05 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مستر أبو سمبل!؟

GMT 04:03 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة الرئيس المنتخب أم الفوهرر ترمب؟

GMT 03:59 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

مسعَد بولس بعد وعود ترمب

GMT 03:57 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

عن قمّة الفرص في إقليم مضطرب

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 07:57 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

إبقَ حذراً وانتبه فقد ترهق أعصابك أو تعيش بلبلة

GMT 07:30 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تتركز الاضواء على إنجازاتك ونوعية عطائك

GMT 11:50 2015 الخميس ,22 تشرين الأول / أكتوبر

اغلاق حاجز "300" شمال بيت لحم ودخول القدس عبر "النفق"

GMT 05:59 2015 الخميس ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سعيد الماروق يشير لاستمراره الصراع مع مرض السرطان

GMT 11:27 2016 الجمعة ,23 كانون الأول / ديسمبر

بداية جديدة وانفراجات لكنك لن تلمسها إلا تدريجيًّا

GMT 22:07 2016 السبت ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

"قطط العام الفائت" أحدث روايات إبراهيم عبدالمجيد

GMT 04:32 2017 السبت ,14 كانون الثاني / يناير

الأشخاص الذين يتحدثون لغتين أقل إصابة بالخرف

GMT 12:19 2016 الخميس ,28 تموز / يوليو

تعرف علي جمارك سيارات "كيا سيراتو" 2017

GMT 06:40 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات اسرائيلية على عدة مواقع للمقاومة بقطاع غزة

GMT 13:24 2020 الخميس ,16 إبريل / نيسان

فساتين للمناسبات المختلفة للقصيرات المحجبات
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday