«بهمش»، نحن والاحتلال والكورونا والعالم
أخر الأخبار

«بهمش»، نحن والاحتلال والكورونا والعالم

 فلسطين اليوم -

«بهمش»، نحن والاحتلال والكورونا والعالم

ريما كتانة نزال
بقلم : ريما كتانة نزال

بينما كان العالم يغلق على نفسه باب البيت مختبئاً من الوباء، واصل الاحتلال الاسرائيلي سياسته القمعية المتمثلة في دهم البيوت واعتقال المناضلين والمناضلات وزجهم في السجون.
وبينما كان وباء كورونا يطرح العالم الفراش، كانت كورونا إدارة السجون تحرم الأسرى والأسيرات من حقوقهم كافة، بما فيها حق الحماية من الوباء، وتطلب من البنوك العاملة مباشرة إغلاق حساباتهم..والاستمرار في تطبيق خطة الضم والاستيلاء والهيمنة على الأرض كأولوية غير عابئة بالقوانين الدولية وضوابطها.

وفي الطرف الآخر، أصبحت مواجهة الكورونا أولوية الأولويات، بينما يدور الملف السياسي في حلقة مفرغة من تسويف وتكرار لقرارات وتوجهات متخذة سابقا في أعلى هيئات صنع القرار.
في حالة العجز المتفاقم، أعود إلى التذكير بالمحطات النضالية الفلسطينية، سأتوقف مليّاً عند اللحظة التي أرّخ فيها أحد مواطني الخليل سياسة أطلق عليها كلمة «بهمش».
كان ذلك في العام 2017، عندما أطلق الشباب موجة انتفاضية جديدة. قال الرجل لجنود الاحتلال: «بهمش» وذهب بعيداً.

«بهمش»، قالها لهم بينما كان الجنود المدججون يواجهون حجارة أطفال الخليل. تلك المرحلة لم تكن مختلفة عن مراحل عديدة سابقة أو لاحقة عايشها الفلسطينيون منذ أكثر من قرن، حيث تختل موازين القوة الغاشمة لصالح الاحتلال بترسانته العسكرية القوية، دائما وربما ستبقى أبداً. وفي تفاصيل الاختلال المعروفة، مواجهة الحجارة والمقليعة للمصفحات بجميع أنواعها، مواجهة الرقبة للسكين، مواجهة الظهر للسوط.

«بهمش»، أيها الشهداء الذين نعجز عن تنفيذ وصاياكم ورسائلكم، فالحالة التي نشهدها في السجن الكبير تشهد بروز ملامح متلازمة الإعياء المجتمعي، كإحدى علامات وانعكاسات استفحال أزمة النظام السياسي على مختلف الصعد، الوطنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية، وخلاصات التحولات القِيَميّة الطافية على السطح. مظاهر الأزمة والإعياء ليس حالة طارئة، لأنها آخذة في التمأسس، نتيجة لمأسسة الانقسام.

«بهمش» أيها الأسرى، وأنتم تعيدون صياغة خطة مقاومة صهر الوعي وكيِّه، واستهداف روح وعقل الأسرى لإطفائها. «بهمش»، وأنتم تستقبلون مشبوحين في كل يوم أسيرا جديدا وتواجهون أحكاما مؤبدة وعذابات الجسد وأنتم هناك تفشلون اختراع قادة الاحتلال المصطلح عليه بكيّ الوعي بينما تجتهدون في تقديم الرؤى وتحليل الواقع وأنتم الأكثر قدرة على رؤية التحولات الطارئة وتقديم البدائل للحالة الفلسطينية المفككة.

«بهمش»، أيتها الأسيرات وأنتن تؤرخن بماء الذهب التاريخ الفلسطيني والسيرة النضالية للفلسطينيات وتُعِدْن تراث نضال الأمهات والجدات المناضلات. «بهمش» وأنتن تحتملن السياسات العنصرية وتقاومن أبعادها بوعي عميق لطبيعة الصراع المركب ضد الاحتلال رابطات النضال الوطني بالاجتماعي. أنتن نساء ثائرات على الواقع بوعي لطبيعة البرنامج النسوي الفلسطيني وظروفه، لم تتمردن فجأة فيخبو وهج نضالكن فجأة، أنتن رصيد استراتيجي وذخر لا ينضب لديمومة النضال النسوي الوطني.

«بهمش»، أيها الأسرى الأطفال، لقد دخلتم في مغامرة العمر، لم تكونوا على دراية بما تقدمون عليه، حاولتم تناول جرعة صغيرة من النضال فغمرتكم السيول. قصدتم تقديم حكاية صغيرة في بيان صغير ومقتضب، فلم تتسع الأوراق للحكايا التي تتغذى من أنين عظامكم وضآلة حجومكم.

«بهمش»، أيها الأبطال الصغار، أنتم بوعي أو دونه، ربطتم مصيركم بمصير الوطن، وستكونون مرغمين على استكمال رحلتكم بين القضبان، في السجون حيث يُعتقل شغف الشعب الكبير.
بهمش، فالحالة العربية قد دخلت في حالة معقدة من الشرذمة والتفكك والانقسام والتراجع، ذهب الزمن الذي كان يمتزج فيه الدم العربي مع الدم الفلسطيني. بل أصبح الدم العربي يُراق على يد بعضه البعض، والعدو يدوس ويستبيح بطيرانه التراب العربي أينما يشاء..أما الصحوة المنتظرة فهي في علم الغيب..

«بهمش»، فالعالم لديه حرب على الوباء القاتل الذي اجتاح العالم باتجاهاته الأربعة، وهو منشغل أيضا بحرب اتهامات عالمية حول الوباء ومصدره ومسؤولية انتشاره.
يوجد تباين واختلاف كبير بين السياقين، المختلف في مواجهة الاحتلال في تلك الآونة التي أُشهرت كلمة «بهمش» أنها عبَّرت عن قدرة الشعب على الاحتمال، لم تكن كلمة عبثية تعبر عن اللامبالاة كما هي الحال الآن، بل عبرت عن السخرية من إجراءات الاحتلال التي دخلت مرحلة ما بعد العنف والقهر والعنصرية والقمع الحداثي كما يطلق عليه الأسرى.
«بهمش» كانت تعبر عن قرار المقاومة وتبعاتها فليس من خيار أمام الشعب سواها..سلاح «بهمش» ارتفع في انتفاضة العام 2017 الشبابية، التي تميزت بالمقاومة الفردية. بينما الآن لا يعبر سوى عن حالة اللامبالاة واليأس والتفكك.

في اللحظة الراهنة ومعطياتها المقروءة للصراع ضمن مخططات الاحتلال وصفقة القرن والضم والأداء العام المتراجع، لا يقود سوى إلى حكم ذاتي وكيان تابع منزوع السيادة، ما لم يتم الانتقال إلى استراتيجية وطنية جديدة، تحرر الحالة الوطنية من القيود الأسلوية، واستثمار المواقف والمستجدات الايجابية في بعض المواقف الدولية من قرارات الضم الصادرة مؤخراً، وفتح المواجهة العملية مع مخططات الضم واستنهاض عناصر القوة في الحالة الوطنية الفلسطينية كشرط أساسي في معركة المواجهة الشاملة، وأولاً وأخيراً إصلاح البيت الداخلي وتنظيفه.

قد يهمك أيضا :  

  تريز هلسة، رحيل يشبهها

   للاحتلال وجه واحد، ما قبل وما بعد الــ"كورونا"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بهمش»، نحن والاحتلال والكورونا والعالم «بهمش»، نحن والاحتلال والكورونا والعالم



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أناقة ياسمين صبري على الشاطئ من الأبيض الكلاسيكي إلى الألوان المبهجة وجولات الموضة لا تتوقف

القاهرة ـ فلسطين اليوم
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 08:54 2025 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

مي عمر تكشف أسرار مشاهد رقصها في "إش إش"
 فلسطين اليوم - مي عمر تكشف أسرار مشاهد رقصها في "إش إش"

GMT 08:16 2019 الأحد ,17 شباط / فبراير

موقع "تويتر" يفضح مستخدميه وينتهك خصوصيتهم

GMT 14:26 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تتخلص هذا اليوم من الأخطار المحدقة بك

GMT 00:38 2020 الثلاثاء ,07 تموز / يوليو

مجموعة من أجمل أماكن السياحة في باريس للعائلات

GMT 13:03 2017 الثلاثاء ,31 تشرين الأول / أكتوبر

رئيس البرلمان العربي يهنئ السودان برفع العقوبات

GMT 22:00 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

هاني شاكر يفتتح مهرجان الموسيقى العربية بأجمل أغانيه

GMT 15:50 2016 الأربعاء ,16 آذار/ مارس

مشاكل عصبية الأطفال والتعامل معها

GMT 08:12 2017 الثلاثاء ,12 أيلول / سبتمبر

مادة في سموم الحشرات تعالج الصدفية غير قابل الشفاء

GMT 11:33 2017 الإثنين ,09 كانون الثاني / يناير

توقيف 16 شخصًا في قضية سرقة كيم كارداشيان في باريس

GMT 05:12 2015 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ممثلة أميركية تقضي أعياد الميلاد مع اللاجئين لنصرة قضيتهم

GMT 01:01 2015 الأحد ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة ريم مصطفى تنتظر أسطورة محمد رمضان

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday