تريز هلسة، رحيل يشبهها
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

تريز هلسة، رحيل يشبهها

 فلسطين اليوم -

تريز هلسة، رحيل يشبهها

ريما كتانة نزال
بقلم : ريما كتانة نزال

مضت تيريز هلسة بكامل بهائها، رحيل نبيل ومتواضع، يشبهانها. بهدوء تجمع أشياءها للرحيل وهي مغرقة في التفكير ببعض الأعمال غير المنجزة، بعض الاستمارات والمعلومات عن جرحى فلسطين وحقوقهم.. تزيح جميع الأفكار جانباً، بعد اتخاذ أحد قراراتها الحاسمة، كما كانت دائما تفعل. تقرر أن تعطي ظهرها للأرض والتوجه نحو السماء، حيث العدالة الأبدية.. حملت صليبها لا تلوي على شيء، كأحد المصلوبات على جدار التاريخ والرواية، واثقة «أن الله لا ينسى تعب المحبة، لأن كلاً سيأخذ أجرته حسب تعبه».

تعرفت على الراحلة تيريز في عمان، جمعتني بها هيئة تنظيمية واحدة في منظمة الجبهة الديمقراطية في الأردن. كانت تتولى مسؤولية الطالبات الثانويات، وبدوري كنت مسؤولة الطالبات الجامعيات المجاور للمدارس. من هنا بدأت الصلة والتواصل بيننا، ننسق لمهمتين متجاورتين. كنت قد عدت من «دمشق» أجرُّ جبلاً من الحزن، لأجد تيريز وقد عادت إلى وطنها بعد تحريرها من سجون الاحتلال بواسطة عملية تبادل أسرى عقدها تنظيمها في حركة «فتح».

لمن يعرف «تيريز هلسة» يدرك على الفوْر أن الموْت لا يليق بها، ولمن لا يعرفها يدرك أنها لا يمكن أن تضع نفسها في منازلة لا توفر لها فرصة التكافؤ. هذه حقيقة معروفة منذ المبارزة التي خاضتها في مطار اللد، فكانت الشرارة الحارقة كما ينبغي أن تكون عليه حارسات النار، لتصبح بطلة فلسطين النبيلة، بلا أوسمة أو أضواء، نظيفة اليد ومنتصبة القامة ومرفوعة الرأس.

لم تسع الشهيدة إلى أي منصب، لم تكترث لها من حيث المبدأ ولم تكن معنية بها. لم يُعْرَف عنها خوْض صراعات تافهة، جانبية، مصلحية أو فاشلة، ومع ذلك لم تكن محايدة في مواقفها، كالسيف في غمده. انها تعرف الصراع الثانوي الذي ينبغي عليها أن لا تخوضه، كما تعرف ماهية الصراعات التي ينبغي عليها خوضها..تنطلق من قناعة أن الحياة واحدة على الأرض، لا تملك فرصة أخرى لتصرفها على معارك ثانوية. وهو ما طبقته في صراعها مع مرضها، السرطان.

مع السرطان، قدمت نموذجاً مختلفاً. لم تقبل لنفسها، وهي الإنسانة الواضحة، الصراع مع خصم خبيث تسلل إلى جسدها أثناء انشغالها بالصمت...لم تقبل على نفسها أن يقبض المتسلل على روحها بقبضته، وهي التي رضيت بالوجع والحزن رفيقاً لها طيلة حياتها، فلم لا تُبقِ عليهما في لحظة مؤقتة، اعتبرت أن المسافة عن الموت واحدة في كل الحالات، بالكيماوي وبدونه سيان.

لطالما قبلت العيش بالاعتماد على مُسكنات الأوجاع من جميع الأشكال، وهذه المرة لن تغير في أسلوبها والعضّ على جروحها، رفضت تسجيل أي تنازل للمرض وتلقّي الكيماويات الحارقة، على أن تسجل رحيلاً ضعيفاً عن الدنيا.. لم تَلِن أمام جبروته ولم تستسلم، تعب المرض منها ولم تتعب عن مقارعته ومقاومته، ولم تستسلم حتى اللحظة الأخيرة، حين غزا الخبيث الجسد..ودقت الصافرة معلنةً الوصول للمحطة الأخيرة.

تيريز هلسة، المزيج الاردني الفلسطيني، ثراء المزيج التنظيمي. انها القوة التي تمتشق روح امرأة مناضلة. من البداية وحتى النهاية، استمرت في الوقوف على خط الواجب.

قد يهمك أيضا : 

 إلى متى انتظار قانون حماية الأسرة من العنف؟

تحديات الحركة النسائية في مواجهة الـ«كورونا»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تريز هلسة، رحيل يشبهها تريز هلسة، رحيل يشبهها



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday