بقلم:صادق الشافعي
في اجتماعها الأخير يوم السبت 19/12 أقرت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير:«ضرورة الالتزام الكامل من قبل الفصائل كافة بما أقره اجتماع الأمناء العامين في 3/9/2020 وجرى التأكيد عليه في لقاء اسطنبول بإجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بالتتابع».لكن، لا هي لا الرئاسة أعلنت عن الدعوة الى تلك الانتخابات ولا حددت موعداً لها.وليس هناك أي مقدمات تشير الى إمكانية قريبة لذلك.الكلمة المفتاحية في قرار اللجنة التنفيذية هي «التتابع».
وهي تأتي بديلاً لمطالبة لحركة حماس ان تتم الانتخابات لكل الهيئات المذكورة بـ «التزامن» (أي في وقت واحد كما يفهم). بينما لم يتطرق اجتماع الأمناء العامين ولا لقاء اسطنبول الى هذه التفصيلة.تعبير التزامن يوحي بالتخوف مقروناً بعدم الثقة، وفي واقعنا قد يعني التعجيز أيضاً.اما الكلمات المفتاحية لحصول الانتخابات ونجاحها ونجاح الهدف الأهم من ورائها فهي «البرنامج الوطني المشترك والجامع» الذي يشمل وحدة المجتمع ومؤسساته بكل اشكالها وتخصصاتها
ووحدة البرنامج السياسي ووحدة الأجهزة التنفيذية بكل تخصصاتها و..و..وهذه لم يحصل عليها أي اتفاق.ولم يتم الإعلان عن الانتخابات ولا يبدو أنه سيحصل في الأفق القريب.ولاتزال الامور تجري في مسارها الذي حفره الانشقاق ويعمقه يوماً بعد يوم... وما زلنا بعيدين عن الانتخابات.السلطة الوطنية تمارس ما تعتقد أنه صلاحياتها ومسؤولياتها الطبيعية في المجالات المختلفة.وفي المجال السياسي بالذات، فإنها تحضر نفسها للتعامل مع مرحلة ما بعد ترامب، مع الرئاسة الاميركية الجديدة بالتعاون والتنسيق بالذات،
مع الشقيقتين مصر والأردن.فبعد زيارة الرئيس أبو مازن الى كل من عمان والقاهرة جاء اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث، وخرج عنه الحديث عن توجه مصر لترتيب لقاء مع وزارة خارجية دولة الاحتلال للبحث في موضوع التسوية السياسية.وجاء أيضاً اعلان السلطة استعدادها لإعادة علاقتها مع الولايات المتحدة اذا ما نفذت الرئاسة الجديدة ما أعلنته: (افتتاح مكتب م ت ف في واشنطن والقنصلية الأميركية في القدس،
ورفض الضم والالحاق، وإعادة المساعدات بأشكالها المختلفة للشعب الفلسطيني بما فيها الى الاونوا، و..و..) وسبق ذلك اعلان السلطة التراجع عن قرارها في أيار الماضي انها في حل من كل اتفاقاتها مع دولة الاحتلال.في المقابل فإن حركة حماس ما زالت تمارس حكمها المطلق لقطاع غزة وتواصل علاقاتها التحالفية مع قوى ودول بموازاة السلطة وتتلقى من بعضها المساعدات، وتسعى منفردة وبقدر استطاعتها التوصل الى تفاهمات مع دولة الاحتلال حول أمور محددة مثل تبادل الاسرى ومثل العمالة والمعابر وغيرها.ا
ما التنظيمات الأخرى، فلا تزال تمارس نفس الدور من النقد والتخطئة والمطالبات الكلامية غير المقترنة بأي فعل سياسي شعبي مؤثر. هذا مع الافتراض ان هذه التنظيمات- مع استثناءات محدودة - ما زالت تملك القدرة على مثل هذا الفعل. واما الناس – اهل الوطن - فلا دور ولا حساب لهم ... وخليها على الله.في وسط كل هذا: في المركز منه وفي خلفيته وفي تفاصيله وفي كل محركاته تكمن الأولوية المطلقة، والطموح الذي يصل حد الإصرار ان يأتي أي اتفاق للخروج من الانقسام منسجماً
تماماً مع القناعات الفكرية او الرؤى السياسية، لقوى سياسية نافذة، وان يحافظ لها على مكاسبها وعلى مصالحها، وربما ان يعزز لها أيضاً، فرص امتداد سيطرتها على كل المناطق.ولم يعد سراً ان هناك معارضات داخلية قوية في بعض التنظيمات للمصالحة تتبنى هذه الأولويات والطموحات وهي تختلف وتتنوع بين تنظيم وآخر وتختلف في طريقة التعبير عن نفسها.ولم يعد سراً ان هناك مراهنات من البعض على قوائم منفصلة سيواجهها تنظيم بعينه اذا ما حصلت الانتخابات،
تتمحور حول أسماء معروفة على خلاف علني مع قيادة ذلك التنظيم ستضعف النتائج التي سيخرج بها ذلك التنظيم وتضعف دوره السياسي بالتالي ومواقعه في مراكز القرار.ودون ان تشغل نفسها بإمكانية ان يقوم من ينجح من هذه القوائم بإعادة توحده مع تنظيمه الأصلي، او إعطاء الأولوية. للائتلاف والتعاون معه.ولم يعد سراً أيضا، ان عدداً من التنظيمات الصغيرة رغم استمرار مناداتها بالانتخابات فإن فرصها ضعيفة في تحقيق حضور فاعل او حتى اجتياز نسبة الحسم،
وبالتالي فإن معظمها لا يملك سوى خيار الالتحاق بقوائم أحد التنظيمات الكبيرة او تشكيل عدد منها قائمة مؤتلفة.كل ما تقدم وغيره يتعلق بالأمور الداخلية، وكلها رغم أي ملاحظة وفي كل الاحوال تبقى ضمن الإطار الوطني الفلسطيني.ولكن، تبقى هناك دائماً العوامل الخارجية، وكلها تتعلق او تنتج عن الاحتلال وسياساته ومشاريعه وأهدافه الاحتلالية:هل يسهل إجراء الانتخابات، او هل يسمح بها أصلاً؟ هل يمتنع عن أي تدخل بها بأي طريقة وبأي مستوى؟
هل يسمح بمشاركة أهل القدس في الانتخابات وإجراءها في مدينة القدس؟ وهل؟ وهل؟اذا لماذا لا تكون المهمة الوطنية الأساسية الأولى والأكثر إلحاحاً هي إنجاز اتفاق الوحدة الوطنية الشاملة التي تنهي الانقسام، ثم نذهب الى المعركة الانتخابية موحدين حتى ولو من موقع التنافس الديموقراطي الحقيقي؟