إنه زمن كشف العورات
آخر تحديث GMT 16:49:12
 فلسطين اليوم -

إنه زمن كشف العورات

 فلسطين اليوم -

إنه زمن كشف العورات

صادق الشافعي
بقلم : صادق الشافعي

المحن تكشف عن معادن الناس، ومعادن المجتمعات ومدى أصالتها وتماسكها وتضامنها، وتكشف عن معادن ودور التجمعات القارية والدولية وأدواتها ومنظماتها، وبالتأكيد عن معادن الدول وأدوارها.منذ الحرب العالمية الثانية لم تصب البشرية بمحنة عامة وشاملة كما جائحة كورونا.بالتأكيد، فإن هذه الجائحة ستكون بدروسها ونتائجها وما فرضته من آثار، مادة بحث عميق من قبل اختصاصيين في مجالات كثيرة ومتنوعة، لكن هذا البحث لن يحصل قبل الوصول الى خواتيمها.أما الآن، فيمكن التجرؤ بالحديث عن مؤشرات على درجة من الوضوح والجدية.

* المؤشر الأول، أن الجائحة أظهرت ومنذ بداياتها تميز بعض المجتمعات في درجة نضجها وتماسكها وتضامنها.وتناغم ذلك، وإن بدرجات متفاوتة، مع دولها وأهليتها وديناميكية أدائها وسرعه مبادرتها.

* المؤشر الثاني، أن الصورة النمطية للنظام العالمي التي ظلت مستقرة لسنين طويلة بدأت جائحة الوباء تضربها، والتساؤلات بدأت بالظهور والتصاعد حول استقرار النظام العالمي واستمرار دوره النمطي.

تعبيرات هذا المؤشر وتفاصيله تتزايد وضوحا بشكل يومي تقريبا، ومن أهمها:

- كل هيئات الأمم المتحدة، بالذات مجلس الأمن الدولي، لم تعقد أي اجتماع لبحث طرق مواجهة هذه الجائحة بشكل موحد أو إرشادي توجيهي أولا، ثم تعاوني وتكاملي.يمكن في هذه التفصيلية ملاحظة استثناء نسبي لمنظمة الصحة العالمية رغم إشارات محدودة عن تأخرها في القيام بدورها واقتصاره على الإرشادات والنصائح وعدم انتقاله إلى أي مستوى من الفعل في حدود طبيعتها وصلاحياتها.

- الاتحاد الأوروبي، لم يَعقد إلا اجتماع قمة واحدا لتنسيق تعامل دوله في مواجهة موحدة للجائحة وتبادل الخبرات بينها. والاهم تقديم أعضائه المساعدات الضرورية لدول منه التي ظهرت حاجتها الماسة إلى المساعدة (إيطاليا بالدرجة الأولى ثم اسبانيا و...).وهذا ما يضع علامة استفهام جدية إضافية حول بقاء الاتحاد واستمراريته، بعد علامة صعود اليمين في معظم دوله وعلامة مغادرة بريطانيا لصفوفه.

- لم يحصل أي شكل من التعاون بين دول ما يطلق عليه المعسكر الرأسمالي أو الدول الغربية، ولا حصل التعاون بين دول المعسكر نقيضه، ما كان يطلق عليها المعسكر الاشتراكي أو ذات التوجه الاشتراكي...

- التعاون الوحيد، أو بتعبير أدق المساعدة التي وصلت لإيطاليا، الأكثر احتياجا للمساعدة والعضو الرئيس في الاتحاد الأوروبي، جاءتها من الصين، وأخرى جاءتها من كوبا، وثالثه من روسيا. والدول الثلاث تحسب على «المعسكر الاشتراكي».لم يقدم أي من دول الاتحاد الأوروبي أي دعم أو مساندة لأي دولة عضو في الاتحاد أو من خارجه، وكلها تحصنت وراء القاعدة الذهبية «يا الله نفسي».عزز ذلك، أن المحنة طالتها كلها ولو بدرجات متفاوتة، وكشفت عدم جاهزيتها، وأن الكلفة الاقتصادية لمقاومة الفيروس عالية جداً.

* المؤشر الثالث، أن الفيروس بقدر ما يهاجم صحة الناس فإنه يهاجم معيشتها وأشغالها، ويضرب اقتصاد دولها بشكل عام، والصناعية والكبرى منها بشكل خاص.وهذا ما ينذر بأزمة اقتصادية عالمية، تشير مقدماتها إلى أنها ستكون صعبة، بالذات إذا استطال زمن الجائحة وتأخر القضاء على فيروسها.

* المؤشر الرابع، أن الولايات المتحدة التي تتربع منفردة على قمة النظام العالمي أحادي القطبية، قد شاب أداءها في مقاومة الجائحة وفيروسها التأجيل والتسويف في تطبيق الإجراءات الضرورية، ثم التردد وبعض التعارض بين أجهزتها في اتخاذ إجراءات ضرورية.نتج ذلك عن اضطراب في مركز القيادة الأول سببه تعارض في رؤية الأولويات، بالذات بين أولوية متطلبات واحتياجات مقاومة الفيروس وكلفتها، وبين أولوية الحفاظ على ازدهار الاقتصاد الأميركية.وفي صلب التعارض المذكور تكمن ضرورات الحملة الانتخابية الرئاسية المقرر إجراؤها في أميركا نهاية العام.من تجليات هذا المؤشر، عدم حصول أي تعاون أو تنسيق بين الولايات المتحدة وأي من الدول الأوروبية الغربية ولا مع اتحادها الأوروبي، رغم ما بينهما من علاقات تاريخية وأحلاف.

* ويمكن إضافة مؤشر خامس، أن الصين، أول من أصيب بالفيروس، ستخرج من هذه المحنة بأعلى رصيد على المستويين الوطني والدولي.فعلى المستوى الوطني، أظهرت قدرة متميزة ومتكاملة:في مقاومة فيروس الجائحة وهزيمته، وفي عمق انضباط مواطنيها وتقبلهم لإجراءاتها.إضافة إلى السيطرة التامة على الأوضاع الداخلية وتوجيهها لخدمة مقاومة الفيروس والقضاء عليه.وعلى المستوى الدولي، ظلت الصين الأولى بامتياز في مد يد العون والمساعدة إلى الدول المحتاجة للمساعدة بأكثر من شكل ومستوى.

إن الجائحة ومواجهتها سوف تشجع على عودة الحيوية إلى الجدل النظري/ السياسي حول الأنظمة وطابعها الأساسي وأفضليتها، بالذات لجهة علاقتها بالجماهير وقبولهم بها وتقبلهم لتوجهاتها وسياساتها (أنظمة اشتراكية/ شعبوية ديموقراطية/ رأسمالية....)وبالتأكيد فإن الجائحة ودرجة صعوبتها واختلاف درجة تأثر الدول بها ستفرض متغيرات موازية على النظام السياسي العالمي بتكتلاته ودوله تتناسب مع عمق الأزمة الاقتصادية ومستوى تأثر الدول بها، وعلى ثقل مواقع وأدوار الدول والأحلاف فيه.وإن الرصيد الذي خرجت به الصين كما تمت الإشارة لا بد أن يعكس نفسه على ثقل وزنها وقوة حضورها ودورها في النظام العالمي المعدّل.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنه زمن كشف العورات إنه زمن كشف العورات



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday