الإعلان المشترك لحركتي فتح وحماس عن اتفاقهما يوم 21 تموز الحالي على الدعوة الى مهرجان جماهيري مشترك في غزة، كان هو الترجمة العملية الأولى للمؤتمر الصحافي المشترك بينهما يوم 2 تموز الحالي.
كما اقتصر المؤتمر الصحافي على «فتح» و»حماس» فقد اقتصر الاجتماع الذي صدر عنه الإعلان عليهما أيضا.
وكما رحب الناس بالمؤتمر الصحافي لجهة المبدأ فإنهم بالتأكيد يرحبون بالإعلان عن المهرجان لجهة المبدأ أيضا.
وكما ظل للناس تخوفاتهم المشروعة بعد المؤتمر الصحافي المشترك، فيظل لهم أيضا تخوفاتهم بعد الإعلان المشترك.
التخوف الأهم حول المؤتمر الصحافي المشترك (الرجوب والعاروري) كما كتبت عنه في حينه (الأيام 11/7) وسميته «إعلان نوايا» كان (التخوف): «لأن إعلان النوايا دون ان يقترن به او يلحق به أي اتفاقات للتنفيذ...... يتحول بذلك الى اقرب ما يكون الى مجرد إعلان تضامن ونضال مشترك ومتكامل حول موضوع محدد او اكثر بين قوتين كل منهما تبقى مستقلة بذاتها».
وأضيف الى ما تقدم الآن: وتبقى الأمور والتجليات السياسية والسيادية أيضا على حالها. وتوضع كل محاولات ومشاريع واتفاقات إنهاء الانقسام على الرف.
الإعلان المشترك، جاء ليؤكد هذا التخوف بالذات. فبقدر ما حمل السمة الثنائية الحصرية، فإنه لم يحمل بشرى أي اتفاق تنفيذي للعناوين الخلافية الفلسطينية، بالذات تلك المتعلقة بالخروج من حال الانقسام المستقر والمتجذر. ولا هو حمل حتى مجرد الوعد بالتوجه للعمل على ذلك.
يزيد من تأكيد هذا التخوف، ان الإعلان المشترك كما المؤتمر الصحافي المشترك:
- كان ثنائيا دون أي وجود او دور للتنظيمات الأخرى، ولم يتضمن إشارة لأي دور لاحق لها.
- لم يأت بأي ذكر لمنظمة التحرير او النظام السياسي الفلسطيني.
- أكد ان المتحدثين الرئيسيين في المهرجان الجماهيري المنتظر سيكونان: الرئيس أبو مازن والأخ إسماعيل هنية المسؤول الأول لحركة حماس.
وهو ما يلفت النظر ويستدعي التساؤل.
السؤال الذي يفرض نفسه على ضوء كل ذلك:
هل يجري، بالتوافق بين التنظيمين، دفع الكل الفلسطيني باتجاه التعايش مع الحال القائم الذي انتجه وكرسه الانقسام، والقبول بواقع وجود نظامين مستقلين ومنفصلين؟
وعلى أساس هذا التعايش والقبول يكون التفاهم والاتفاق وخوض النضال المشترك ضد العدو ومشاريعه العدوانية الأكثر إلحاحا وضغطا وأذى.
وترك الأمور بعد ذلك للمستقبل وللظروف وشكل وطريقة تطورهما. وبأمل ان تقود مراكمة النضالات المشتركة الى زيادة وتعميق الرؤى المشتركة لكل قضايا النضال الوطني، وان تدفع باتجاه تحقيق اللحمة والوحدة الكاملة في كل الأمور وجميع المجالات والمستويات.
إذا كانت الإجابة عن هذا السؤال بالإيجاب، فإنها لا تستقيم مع إعلانات وتصريحات ومقالات عدد من قيادات حركة حماس. سواء ما صدر قبيل المؤتمر الصحافي المشترك او ما صدر بعيده، مثل: - إعلان الأخ هنية «اننا لا نقبل استمرار اختطاف منظمة التحرير».
- حديث الأخ أبو مرزوق الى قناة الفالوجة حين افصح عن تدني توقعاته من لقاء 2 تموز (المؤتمر الصحافي المشترك) إذ حمّل حركة فتح والسلطة الفلسطينية، لا سيما المؤسسة الأمنية، مسؤولية عدم التقدم نحو تطوير استراتيجية مواجهة مشتركة.
وقوله، ان «حركة فتح تسعى لمصالحة مع (حماس) تفكك فيها الأخيرة (حماس) برنامجها وتنتقل طوعا لمربع (فتح)».
- مقال للأخ غازي حمد يدور في عنوانه ومحتواه حول ضرورة تغيير القيادة:
«هذا يجعلنا نقول بصراحة: المدخل الصحيح لمعالجة حالة التراجع والفشل والعجز في القضية الفلسطينية هو في إيجاد قيادة وطنية جديدة،..... وتتحمل المسؤولية الوطنية لتصويب البوصلة.
وإذا كانت الإجابة عن السؤال بالإيجاب فإنها تكون متخطية الى حد ما للواقع ومعطياته.
فالاحتلال ما زال قائما يحتل ويعربد ويستولي على أراض ويزرع مستوطنات ويشق طرقا ويفرض سيادته على المساحات التي يحتلها وعلى غيرها وأكثر منها.
وإذا كان مشروع دولة الاحتلال الأخير لضم وإعلان السيادة على حوالي ثلث الضفة الغربية يواجه عقبات وممانعات كثيرة، دولية بالأساس، فإن ذلك لا يعني فشله النهائي وترحيله الى أدراج النسيان.
«فياما في الجراب يا حاوي».
ونتنياهو حاوٍ وذو خبرة عريقة. وهو سيسعى بكل الوسائل والمناورات والحيل لكي لا يخرج من المولد بلا حمص، أيا كان الحمص حتى لو كان صغيرا ومحدودا، ولا يأتي دفعة واحدة بل على دفعات .... وهذا يعني ان معركة الضم وإعلان السيادة ما زالت مفتوحة.
وقبل هذه المعركة وبعدها وفوقها هناك وجود الاحتلال واستمراره بكل تعبيراته الاحتلالية والعنصرية والتوسعية والاستيطانية والعدوانية.
وهذا يعني ان المعركة معه مفتوحة وستبقى مفتوحة وأنها ستحتاج الى كل الأسلحة، وأولها الوحدة الوطنية النضالية بكل تعبيراتها ومستوياتها: المجتمعية، القيادية، المؤسسية، البرنامجية، الأجهزة ..... ولا يكفي معها فقط إعلان رؤية موحدة وموقف موحد، ولا مهرجان جماهيري يعلن فيه أهل الوطن رفضهم وتصديهم لمشروع الضم وفرض السيادة، ومعه صفقة القرن، حتى إسقاطهما تماما.
وللعلم فإن الجماهير الفلسطينية، أعلنت فورا موقفها الحاسم ضد المشروع المذكور، ولم تقف ساكنة بانتظار مهرجان او مهرجانات لإعلانه.
دون ان يقلل هذا الكلام بأي قدر من درجة التأييد والترحيب العالية بعقد المهرجان الموعود او أي مهرجان آخر او أي نشاط جمعي ومنظم.
قد يهمك أيضا :
عن تنمّر «أردوغان» واستقوائه
عن مصر والحروب ضدها