بقلم : سما حسن
في البداية أستميحكم عذراً، لأن مقالي هذا أيضاً عن تفشي فيروس كورونا في العالم، وقد حاولت أن أكتب في شأن آخر فلم أفلح، سأكتب عن تسمية هذا التفشي باسم جائحة. الاسم مزعج ومخيف للأمانة، ويثير قشعريرة باردة في الجسد، ولذلك، لفتني كثيراً فبحثت عن أصله وفصله. تبين لي أن جمع كلمة جائحة هو جائحات وجوائح، وتعني السنة المجدبة القاحلة، وبالنسبة لمعناها بدون إرفاقها بكلمة سنة فهي تعني المصيبة والداهية والتهلكة، وهذا هو تفسير معجم المعاني الجامع، وأذكر أن أمي كانت تشير لكثرة بكاء البكائين بأنهم كانوا «يجوحون»، وترى أن هذه الكلمة مقبضة، ولم تكن تسمح لأحدنا أن يسترسل في بكاء لأن الاسترسال ينقلب لجواح حسب تعبيرها.
أما في العالم ومصطلحاته وتعبيراته، فقد صنّفت منظمة الصحة العالمية منذ فترة ليست ببعيدة، غزو فيروس كورونا على أنه وباء، وقد أشارت رئيسة قسم التأهب العالمي للأمراض الخطيرة المعدية في منظمة الصحة العالمية د.سلفيا برياند: «في الوقت الحاضر لسنا في حالة جائحة. نحن في مرحلة يعتبر فيها الفيروس وباءً مع بؤر متعددة ونحاول القضاء على الانتقال في كل بؤرة»، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان. ويبدو أن كلمة جائحة هي المرحلة القادمة لفيروس كورونا، وسواء قد أصبح كذلك أو لا فنحن في بلادنا نستطيع أن نبقيه في إطار تسميته السابقة على انه تفش لفيروس ما دمنا قمنا بالالتزام واتباع المحاذير الصحية والرقابة والعناية المطلوبة.
ربما مرّ الكثير من الجائحات على العالم على مر التاريخ لأن التاريخ قد سجل فناء أمم بأكملها، ولكن الغريب أننا أصبحنا نمهد لذلك قبل وقوعه بسبب الخوف المستشري والاحتياطات المبالغ فيها من جزء من العالم، وبسبب الاستهتار وعدم أخذ الأمور على محمل الجد في أجزاء أخرى من العالم، ونتيجة لعدم الاتحاد والوقفة الواحدة في مواجهة تفشي الفيروس، فيبدو أن العالم يسير بخطى سريعة نحو الجائحة.
تسهم «الشوشيال ميديا» في تضخيم الأمور من خلال الإشاعات والمغالطات والإرشادات الخاطئة، وتسهم في بث الرعب في قلوب الناس العاديين والذي من شأنه أن يقلل من مناعة أجسامهم، فيما تقوم دول عظمى بالعودة للقرصنة التي رأيناها في الأفلام القديمة وفي مسلسلات الرسوم المتحركة، مثل مغامرات السندباد البحري وهي السطو على بضائع في طريقها لآخرين، فهناك طائرات محملة بالمعونات حطت رحالها لاستراحة او للتزود بالوقود، أو ان نظام الملاحة الجوية يحتم عليها التوقف في بلد ما، ولكن تم قرصنة تلك المعدات والاستيلاء عليها لأن الوقت الحالي اصبح كثيرا يشبه يوم القيامة، حين يصرخ كل انسان : نفسي نفسي، وحين تذهل كل مرضعٍ عما أرضعت من هول ما ترى وما ينتظرها.
الألم ان كان قد أصبح في جائحة او على وشك ان يصبح، فنحن بحاجة للثقة قليلاً بحكوماتنا أو الثقة كثيراً في مرحلة قادمة، ونحن بإمكانيات حكومتنا المتواضعة وبالتخطيط السليم نستطيع ان ننتصر على وباء كورونا ونمنع تفشيه ونقطع عليه دورة حياته. يمكن للطاعة والالتزام بالبيوت ان يحقق ذلك وان يوفر الكثير على حكومتنا في فلسطين وفي بلاد عربية مجاورة محدودة الإمكانيات، لأن التخطيط السليم هو النجاة، ولو كانت كثرة المعدات والجاهزية هي الأساس لما تورطت ولايات مثل نيويورك بهذا الفيروس وتفشى فيها وأوشك أن يحولها لبلاد مهجورة، ولذلك فعلينا ان نتعاون كمواطنين بسطاء، وان نساعد رجال الأمن والقائمين على الصحة والإدارة في بلادنا لكي تمر هذه الأزمة بسلام، هذه الأزمة صعبة ولكننا سوف نحكي عنها للأجيال القادمة، وسوف يستفيدون منها بالطبع، لأننا سوف ننتصر بعقولنا وتدبيرنا قبل كل شيء ولن نحول الوباء إلى جائحة.
قد يهمك أيضا :
النار التي أكلت أحبتنا
ياباني أصلي