ذكريات في ذكرى غسان كنفاني
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

ذكريات في ذكرى غسان كنفاني

 فلسطين اليوم -

ذكريات في ذكرى غسان كنفاني

سما حسن
بقلم : سما حسن

فاجئنا الأيام وتصدمنا التواريخ والأرقام، تتمعن بما كنت تمر عليه مرور الكرام، وتكتشف مصادفات ومفارقات وتتنهد وأنت تسند رأسك إلى الخلف وتقول: سبحان الله. وهذا ما يحدث قليلا لأن صخب حياتنا أصبح يلاحقنا بسوط ثقيل فلا نتوقف لكي نلتفت، ولكني فعلت ذلك والتفت ورأيت في حياة غسان كنفاني وكيف دخل إلى حياتي وأغرمت بكتاباته ومقولاته، رأيت واكتشفت ما يجعلني أقول، إن للآخرين بصمات في حياتنا ونخطئ حين نقول إننا قد اخترنا وحدنا وبمفردنا.

تأملت في تاريخ وفاة الكاتب والروائي والصحافي والناقد غسان كنفاني فوجدت انه قد توفي وأنا لا زلت رضيعة ابنة ستة اشهر، وانه ولد في العام 1936 وهذا العام لا انسأه أبدا، فهناك عدة أشخاص بالقرب مني قد ولدوا في هذا العام.

غسان كنفاني دخل إلى حياتي في العام 1988 بالتحديد ولم اقرأ له بالطبع في كتاب مدرسي، ولكنه دخل بيتنا بكتاب يحمل اسم "الأعمال الكاملة" ولهذه قصة طويلة، واختصارها إنني كنت من جيل الثمانينيات الذي اغرم بالمراسلة كهواية، وحدث أن نشرت أول قصصي القصيرة في جريدة القدس اليومية وقتها وذيلت القصة برقم صندوق بريد أبي وكنت انتظر رأي القراء على سذاجة مني فيما كتبت وفوجئت بصندوق بريد أبي ممتلئا برسائل ترحيب وعرض للمراسلة من شتى أنحاء فلسطين، وهكذا وجدت رسالة من شاب من غزة كتب لي فيها منتقدا ما خطته يدي من قصة قصيرة وظل ينتقد وينتقد ويقارن ظلما وجورا أسلوبي بأسلوب غسان كنفاني، وبأن علي أن اقرأ واقرأ، وهكذا وقعت على اسم غسان كنفاني لأول مرة في حياتي في هجوم لم أكن مسؤولة عنه فقد كنت مجرد كاتبة صغيرة في باب الهواة في الجريدة ليس اكثر.

حملت أمي اسم الشاب لزميلة لها في المدرسة والتي أخبرتها ان هذا الشاب يمت بصلة قرابة لها، وبدورها أخبرته انني ابنة لزميلتها وهكذا دون تردد وعلى وجه السرعة كانت أمي تعود من المدرسة ذات ظهيرة وفي يوم إضراب شامل حيث لم تتوفر المواصلات وقتها وعادت سيرا على قدميها وهي تحمل المجلد الضخم وصوت لهاث صدرها يسبقها بأمتار، فقد كانت أمي تعاني من الربو المزمن، فحزنت عليها وقد عنفتني في غير شدة وهي تقول: خذي هذا الكتاب، هذا ما ينالني من حبك للكتب، ألقته نحوي وقد تلقفته وبدأت دخول عالم قصص غسان كنفاني.

وهكذا قرأت كل القصص في المجموعة الضخمة، وبدأت اكتشاف ان الأدب مقاومة مثلما قال وكرر، وان قصة قصيرة تغني عن ألف سلاح، وقررت ان استمر في الكتابة رغم تحفظ أمي وبأن علي ان ادخل المطبخ لكي اتمرن لأصبح ربة بيت ماهرة، ولكن ذلك لم يحدث واصبح لي ركني المظلم الذي أقرأ فيه خلسة عن اجتماعات العائلة، والذي استغل انشغال أمي بجاراتها في ساعات ما بعد العصر لكي اقرأ وأبحر في العالم البعيد الذي تأخذني إليه القراءة.

مرت سنوات طويلة وكان اللقاء الثاني مع صاحب الكتاب الذي أرسله لي وانقطعت أخباره وعلمت انه قد اصبح معتقلا في سجون الاحتلال خلال سنوات الانتفاضة الأولى "انتفاضة الحجارة"، وعلمت انه قد نال حكما لخمسة عشر عاما، وهكذا انطوت ذكراه ولكني لم انس اسمه، وبأنني قد قرأت ملامح ثائر على رسالة وحيدة أرسلها لي، رسالة أشعرتني انه يحمل السلاح ويهتف في التظاهرات ويرفع الشعارات، حتى كان اللقاء الثاني.

اللقاء الثاني كان في عيادة عامة ولفتني اسم طفله، فالتفت نحوه، فوجدت أمامي رجلا مهزوما، مهزوم الحلم ومهزوم العاطفة، كان شعره اشعث يخالطه الشيب، ولم يكن يتحدث عن الثورة والنضال ولا عن أي شيء، كان يهمس لامرأة عادية جواره عن ضرورة شراء البندورة في طريق العودة على المنزل، ويوصيها ألا تنسى تقديم خافض الحرارة للصغير.

قد يهمك أيضا :  

عندما نألف النِّعم

  في وداع فاروق مواسي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكريات في ذكرى غسان كنفاني ذكريات في ذكرى غسان كنفاني



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday