شاطئ مثير للجدل
أخر الأخبار

شاطئ مثير للجدل

 فلسطين اليوم -

شاطئ مثير للجدل

سما حسن
بقلم : سما حسن

شاطئ بحر غزة هو متنفس أهل غزة الوحيد، تعبتُ وأنا أكتب هذه القاعدة منذ أربعة عشر عاماً من الحصار، ومللت من قراءتها في رأس أو ذيل كل تقرير أو تحقيق صحافي، فهذه القاعدة باتت محفوظة ومعروفة، ومشاهدة الصور لشاطئ بحر غزة في فصل الصيف تغنيك عن الكتابة والتعبير، فأين يذهب مليونا مواطن في حر الصيف؟
البيوت ضيقة ومتكدسة، البيوت أصبحت تئن من كثرة السكان فيها بسبب عودة معظم الأبناء لبيوت آبائهم بعد الزواج والإنجاب، فمعظمهم قد كوّن أسرةً ولكنه عاد لأسرته الأولى لأنه لم يعد قادراً على دفع إيجار البيت الجديد، ومعظم البيوت التي تكدست بالناس هي بيوت قديمة وتنقطع فيها الكهرباء لساعات طويلة، فتخيلوا كيف يكون الطقس فيها خلال النهار وفي الجزء الأول من الليل ما لم يهرب سكانها إلى شاطئ البحر.
شاطئ بحر غزة هذا الشريط الممتد من بيت حانون شمالاً وإلى  حدود غزة مع مصر جنوباً، هذا الشريط الطويل هو من الشواطئ التي شهدت تاريخاً طويلاً وأطول من طوله الحقيقي على مر التاريخ، تخيلوا معي كم كان طويلاً هذا الشاطئ وأقصد شاطئ البحر الأبيض المتوسط حين قطعه والدي رحمه الله على قدميه إبان حرب حزيران، وحين سار بمحاذاته ابتداء من منطقة ما بعد قناة السويس حتى وصل إلى غزة، والطائرات تقصف فوق رأسه، ولا شيء حوله سوى الدبابات المعطوبة، والجثث التي فارق أصحابها الحياة، وبعض الفارين، وأذكر أن أبي قد أخفى في جيبه القليل من حبات الأرز، لا أدري من أين جاء بها، ولكنها بفعل امتصاص الماء المالح فقد نفشت وباشت وتضاعف حجمها، وظل يؤجل التهامها، ويكابد الجوع ولم يكن يعلم أنها لن تكون من نصيبه، حيث التقى بأحد الأشخاص وكان مصرياً ويشغل منصباً هاماً في غزة، فقد كانت غزة وقتها تخضع للحكم الإداري المصري، ويبدو أنه كان فاراً مثل أبي ويبدو عليه الجوع، فأخرج ابي حفنة الأرز من جيبه وقدمها له فالتهمها على الفور دون اعتراض.
ربما تذكرت هذه القصة كلما جلست على شاطئ بحر غزة ومر الباعة الجائلون من امامي، وهؤلاء الباعة يذكرونني ببؤس هذا الشعب على مر التاريخ، فكل مرحلة سياسية تؤدي به لتردي الحال أكثر من سابقتها، وربما كان الشاطئ وسيلة للعيش للكثيرين في شهور الصيف التي لا تزيد على ثلاثة أو أربعة أشهر، وهناك من يتركون بيوتهم ويظلون على الشاطئ مقيمين في أعشاش صغيرة بحثاً عن الهواء المنعش وبعيداً عن الحر الخانق قي البيوت، وقد ازدهرت الحركة السياحية الداخلية على شاطئ بحر غزة مع سنوات الحصار، واعتاش الكثيرون من الأعشاش التي يتم تأجيرها، ومن الكافيهات والكافتيريات والاستراحات والشاليهات، وحتى مراجيح الأطفال، وكذلك تأجير الأحصنة والجمال للركوب والسير على شاطئ البحر، وحيث يركبها الصغار والكبار ويلتقطون الصور التذكارية فوقها، فأنت لا تركب جملاً ضخماً كل يوم.
اليوم بات شاطئ بحر غزة الجميل مثيراً للجدل، فالبحر في مناطق كثيرة بل أغلب الشاطئ يعتبر مكباً لمياه الصرف الصحي، وتحاول البلديات تنظيف البحر وتطهيره من هذه المياه، وقد أعلنت بلدية مدينة غزة ان البحر قد اصبح نظيفاً في حدود شاطئ المدينة لأول مرة، أما شاطئ مدينة خان يونس ثاني مدن القطاع من حيث المساحة والكثافة السكانية، فقد أعلنت البلدية ان نصف مياه الصرف الصحي يتم التخلص منها في مكب "صوفا"، في حين أن العمل مازال جارياً لكي يتم تخليص شاطئ بحر المدينة من مياه الصرف الصحي لكي يصبح آمناً للسباحة والتريض.
شاطئ بحر غزة كما قلت قد أصبح مثيراً للجدل فهو الوجهة الوحيدة، ولذلك فهناك مشاريع تقيمها البلديات على شاطئه، ومنها ما أُعلن عنه قبل أيام وهو تأجير الأكشاك للمواطنين وإزالة البسطات العشوائية، ولو كنا سنتحدث عن الوجه الحضاري لقطاع غزة فيجب ان نقوم أولاً بالقضاء على أسباب الفقر وأشكاله لأن هذه الأسباب والأشكال هي السبب الأول في تلويث وتشويه الوجه الحضاري لغزة، وبعد ذلك فنحن سنصبح بصدد إقامة الأكشاك، وسيبدو مشروع الأكشاك ناجحاً ومقبولاً في حالة واحدة وهي السماح لأصحاب البسطات بالبقاء، ومن يرغب باستئجار كشكاً ثابتاً فليفعل، ومن لا يملك ويفضل أن يكون صاحب بسطة متنقلة فليفعل، فالمهم هو عدم إغلاق أبواب الرزق، فشاطئ بحر غزة هو المتنفس الوحيد، تباً لي فها أنا أختتم مقالي بعبارة مستهلكة مكررة ومعادة!!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شاطئ مثير للجدل شاطئ مثير للجدل



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

الملكة رانيا تتألق بعباءة وردية مطرزة بلمسات تراثية تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ فلسطين اليوم
الإطلالات التراثية الأنيقة المزخرفة بالتطريزات الشرقية، جزء مهم من أزياء الملكة الأردنية رانيا ترسم بها هويتها في عالم الموضة. هذه الأزياء التراثية، تعبر عن حبها وولائها لوطنها، وتعكس الجانب التراثي والحرفي لأبناء وطنها وتقاليدهم ومهاراتهم في التطريز الشرقي. وفي احدث ظهور للملكة رانيا العبدالله خلال إفطار رمضاني، نجحت في اختيار إطلالة تناسب أجواء رمضان من خلال تألقها بعباءة بستايل شرقي تراثي، فنرصد تفاصيلها مع مجموعة من الأزياء التراثية الملهمة التي تناسب شهر رمضان الكريم. أحدث إطلالة للملكة رانيا بالعباءة الوردية المطرزة بلمسات تراثية ضمن اجواء رمضانية مميزة يملؤها التآلف، أطلت الملكة رانيا العبدالله في إفطار رمضاني، بعباءة مميزة باللون الوردي تميزت بطابعها التراثي الشرقي بنمط محتشم وأنيق. جاءت عباءتها بتصميم فضف�...المزيد

GMT 08:00 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إدوارد يكشف سبب رفضه البطولة المطلقة
 فلسطين اليوم - إدوارد يكشف سبب رفضه البطولة المطلقة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 07:07 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء إيجابية ومهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:12 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يغنى للمارة في كندا عام 2007 قبل الشهرة

GMT 23:20 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السورى يستعيد قرية جب عوض وتلة الشيخ محمد

GMT 22:47 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد الأحمد سعيد بحصوله على جائزة عمر الشريف

GMT 17:08 2017 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

كاظم الساهر يؤكد لمن يشوهون صورته سعيه لخدمة وطنه

GMT 22:11 2020 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أزياء سعد لمجرد بين الجرأة والعصرية

GMT 10:15 2020 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

جزيرة "دييغو غارسيا" مسرح عمليات الجيش الأميركي لضرب إيران

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday