بقلم : سما حسن
لا نزال نكافح ضد هذا الفيروس اللعين الذي قلب حياتنا، ولكن الغريب والمثير أننا انتظرناه وجلبناه، ويبدو أن كلامي هذا فيه شيء من المبالغة، ولكن دعونا نراجع الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي وسوف نتأكد أن قانون الجذب قد طبق نفسه في بلادنا مع معركة العالم ضد فيروس كورونا «كوفيد ــ 19».
كانت هناك حالة من الانتظار للحالة رقم واحد في غزة التي سوف تصاب بفيروس كورونا، وظلت المنشورات تتابع في الانتظار حتى اعتقدت لوهلة أنه سيتم الاحتفاء به وتكريمه لأنه أرضى فضول الناس، ولكن الحقيقة ان هناك الكثير من الأمور نجذبها بإرادتنا وبصنع أيدينا، بغض النظر عن القاعدة الثابتة والحسابية والعقلانية، وهي أنه عاجلا أم أجلا ستكون حالة «كورونا» لوافد من خارج غزة، وقد كان ذلك فعلا.
توقع الأسوأ هو ما يجذب الأسوأ هذا إلى حياتنا، وقد لفتني جدا خلال اليومين الأخيرين ما توجه له بعض النشطاء عبر «فيسبوك» بأن ينشروا صورهم الجميلة أيام الزمن الجميل، والزمن الجميل هو الزمن الذي سبق كارثة فيروس كورونا والذي حولنا لسجناء في بيوتنا ومنقطعين عن الحياة الخارجية وعن أعمالنا.
كان هناك في هذه الصور بعض الإيجابية، بأن الحياة سوف تعود لسابق عهدها وأن كل مُر سوف يمر، ولكن في المقابل هناك من عززوا وجود فيروس كورونا في حياتهم ولو على سبيل الافتراض، هؤلاء من صنعوا قوالب الكيك والحلوى والدمى والألعاب على شكل فيروس كورونا، وكذلك صنعوها على شكل كمامات وقفازات وعبوات تعقيم لماركات شهيرة!!
ساءني جدا هذا الأسلوب الترويجي، وحسب ما يرد من أخصائيي الطاقة في العالم فإن الإنسان يجلب لنفسه السعادة والتعاسة، فالقول وما يلفظ به المرء يحيط بصاحبه، مثل ان تظل امرأة ما تردد: أنا تعيسة، ولذلك فهي ستظل تعيسة حتى حين ترزق بزوج صالح وطفل جميل فهي تظل تشعر بالتعاسة لأنها تردد هذه الجملة وأصبحت تلازمها، بل إنها تنشر صورا مظلمة وكئيبة وحزينة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولا تنشر صورا مفرحة ولا تعرف معنى صور الضحك والفرح والورد والفضاء الواسع ولذلك فقد أغلقت حياتها على كلمة «أنا تعيسة».
نحن نقع تحت طائلة قانون الجذب، تخيلوا عندما نصنع قالبا من الكيك على شكل كمامة ثم نقوم بتقطيعها والتهامها، تخيلوا أننا نقلنا طاقة المرض إلى كل خلية في جسمنا، ولماذا لم نصنع قالباً من الكيك على شكل تفاحة ونقوم بتقطيعها والتهامها لكي ننقل طاقة الصحة إلى أجسامنا.
يقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، ان كل متوقع آت، ومعنى ذلك أن كل إنسان يستطيع ان يكون ما يريد، فالشخص الذي يرسم صورة الموت والمرض باستمرار فهو سوف يمرض، والذي يعلق صور السفر والطائرات والأجواء فهو سوف يسافر حين يسعى ويتعب، ولذلك فقانون الجذب الذي أوردته روندا بايرن في كتابها «السر» لا يمكن أن يخطي، وعلينا أن نعمل في هذا الوقت بالذات لكي نجذب الحياة وسط الموت، نكف عن سماع الأخبار كل لحظة، ونتوقف عن متابعة الفيديوهات التي تصور من داخل المستشفيات والمقابر، فكل ذلك يحطم من نفسيتنا ويقودنا نحو التفكير السلبي ما يضعف جهاز المناعة في المقام الأول وهو الخط الدفاع الأول للجسم ضد الفيروسات.
الخلاصة أن طريقة تفكيرنا وما نمارسه من تصرفات في وقت الأزمات تتحكم في نمط حياتنا، وان ما نفكر فيه ونتركه لينعكس على تصرفاتنا فهو يؤخر من استعدادنا للمواجهة، فنحن، اليوم، بحجة للطاقة الإيجابية، وبأن كل ما نحن فيه سوف ينتهي ويصبح ذكرى، وعلينا أن نفكر بالمستقبل ونبحر مع أحلامنا، تخيلوا الجو النفسي الذي سوف نعيش فيه لو بدلنا نمط حياتنا اليومية، بعيدا عن اللهث وراء من هم مصممون على التكسب على حساب أزماتنا وكوارثنا، ارسموا ولونوا وغنوا، فالحياة الجميلة قادمة.
قد يهمك أيضا :
النار التي أكلت أحبتنا
ياباني أصلي