بقلم : جاك خزمو
يجب علينا جميعاً كفلسطينيين ألا نخاف مما تسمى "صفقة القرن" لأهم سبب وهو أنها تمثل "سخافة" القرن، وسخافة القرارات الأميركية تجاه قضيتنا الفلسطينية العادلة. فهي بحد ذاتها ليست خطة، وكذلك ليست أمراً مفروضاً علينا. فهي في الواقع إعادة بعث للعديد من المشاريع القديمة التي سقطت أمام صمود شعبنا الفلسطيني. وقد كنا وما زلنا نصف تلك المشاريع بالمؤامرة السخيفة التي لا تنطلي على أي فلسطيني في العالم. والصفقة التي أعلنت عبر حفل كرنفالي في البيت الأبيض الأميركي بحضور الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لا تضم أي شيء جديد لم يرد في المؤامرات السابقة. فقد قام الطاقم الأميركي بجمع المؤامرات السابقة، وإعادة صياغتها ووضعها في "كتاب" أسماه هذا الطاقم والرئيس الأميركي بأنه "صفقة القرن".
فاذا تناولنا موضوع التوطين، فإنه مثار منذ عشرات السنوات حتى انه قيل في بعض الفترات بأن هناك خطة شاملة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين على الأراضي العراقية قرب الحدود الأردنية. وقد فشلت الخطة وتناساها الجميع. ثم أثيرت بعد اتفاقيات أوسلو بأن هناك خطة لاحتواء قضية اللاجئين عبر فتح أبواب الهجرة لهم الى دول العالم، أو بناء عشرات آلاف الوحدات السكنية في شمال الضفة وفي مناطق الأغوار! ولم ينفذ هذا المشروع بل وضع على الرف لأن إسرائيل لا تريد زيادة عدد الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية. ويجب ألا ننسى أن رسالة الضمان التي وجهها الرئيس الأميركي بوش الابن لرئيس وزراء إسرائيل وقتئذٍ أرئيل شارون ضمت عدة بنود وأهمها شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ولا عودة الى حدود 4 حزيران 1967، ولا إزالة المستوطنات، وأن القدس عاصمة لدولة إسرائيل.
ويجب ألا ننسى أيضاً أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية أثارت موضوع تبادل أراضٍ، وأكدت على عدم إزالة المستوطنات. وقد أثير وقتها موضوع تخلي إسرائيل عن منطقة المثلث، وقامت الدنيا في تلك الفترة، ومن ثم أجل هذا الموضوع ليثار من جديد في "صفقة" القرن.وقد عرض قبل عشرات السنوات موضوع توسيع قطاع غزة من خلال إجبار مصر على إعطاء ما يقارب 600 كيلومتر مربع من أراضي سيناء لضمها الى القطاع، مقابل منح مصر ارضاً صغيرة في النقب. وقد تم رفض هذا الاقتراح، وقد سقط مع سقوط الرئيس محمد مرسي.
أما إذا تناولنا موضوع أن تكون العاصمة الفلسطينية في ضواحي القدس، فقد كان هناك الاقتراح بذلك سمي وقتها باقتراح يوسي بيلين. وتم التعليق على ذلك وقتها بأنهم يريدون أن تكون العاصمة "أبو ديس الشريف"! وقد نفت ورفضت القيادة الفلسطينية هذا التوجه الإسرائيلي أو الاقتراح الخطير.وهناك العديد مما جاء في "صفقة القرن" تم تناوله وطرحه في السابق، ولكن الجديد في الأمر أن الإدارة الأميركية التي كانت لا تعلن موقفها تجاه مثل هذه المشاريع، تعترف وتتبنى اليوم وبكل وقاحة هذه "المشاريع" التي هي مخالفة لكل القوانين الشرعية، وكذلك لقرارات الشرعية الدولية.
انطلاقاً مما ذكر، فإن ما جاء في صفقة القرن كان قد سقط في السابق، ولذلك فانه سيسقط في هذه المرة وفي المستقبل لأن شعبنا الفلسطيني يرفض رفضاً قاطعاً الاستسلام، أو التنازل عن حقوقه المشروعة. وهذا ما أثبتته الأيام الغابرة وستخبر به العالم في المستقبل!