نص من تحت المصافي
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

نص من تحت المصافي

 فلسطين اليوم -

نص من تحت المصافي

نسيم الخوري
بقلم : نسيم الخوري

بين النشوب والركود المستمرّ لثورات العرب والانشغال بلملمة بقايا خرائبهم ووضعها فوق المصافي، يمكنني القول يائساً، أنّه حتّى في لبنان، لا ألمح تفتّح زهور التغيير الفعلي.
كيف؟
لا يعني امتلاك القشرة، في البلاد التي يمطّ أهلها وحكّامها أعناقهم منبهرين وبغير نضج، لتقليد العواصم الكبرى، خطوة معاصرة تكفل التمكّن من النواة. التحدّي قائم في امتلاك اللب. أنت قد تأكل الثمرة بقشرتها ولحاها وبذورها الصغيرة إن كنت من روّاد الفلسفة الصحيّة السائدة في هذا العصر، وأنت قد ترمي نواتها مع إدراكك المنسي بأنّها تختزن الحياة مجدّداً إذا ما زرعتها ورعيتها ولم تنزلق خارج تاريخك ومجتمعك، وعبر هذه الملاحظة أنت قادر، إذاً،على المشاركة في خلق الأفكار وتوليد الأجيال والمخترعات الجديدة اللامتناهية في قدريّة الصداقة بين الحياة والموت وبين الدول مهما كانت كبرى، فأنت جزء من الحضارة المعاصرة. هنا يكمن الوصل المتلازم المعقّد بين الإيمان والعقل.

قد يوقظ هذا التحوّل الشكلي العام الدهشة بل البهجة العارمة لدى الكثيرين بسهولة اقتناء «الحضارة» الجديدة، وهو يوقظ أيضاً الرفض الكامل لدى الآخرين لهذه المظاهر المستوردة التي تولّد الغربة والإحباط، وكأنّها تقبع التاريخ المألوف من أمكنته الراسخة المألوفة. يبرز الشكل متقدّماً في ميادين التحوّلات التي يصعب التماسها لدى الأفراد والعائلات والمجتمعات التقليدية وأنظمة الحكم الحذرة والخائفة، خصوصاً إن لم تأت الجرعات مدروسة في هذا التغيير، وإلاّ قد يذهب الرافضون ورجال الدين تحديداً إلى ربط الشكل بتهديد المضمون الأنقى الذي ترتكز إليه الدول والمجتمعات المحافظة على الأعراف والتقاليد.
يمكن الإشارة، في هذا المجال عربيّاً، الى مستويين.

1- مستوى الفرد: هو صورة عن الرجل مثلاً في عائلته ومحيطه بصفته جسر البيت وحاملاً لتسمية الرب. هو ربّ البيت وربّ العائلة وربّ العمل، وهو راسخ في ثوابت متجذرة وتتعقّد مصالحته مع المرأة نصفه الآخر المهمل والمهمّش الذي يبدو مالئاً الدنيا عبر الشاشات. يبقى متهالكاً على التقديس والثوابت وكأنّه لم يصبه الشك والبحث أو لم ينتبه لما يحصل من حوله. تلك الإصابة قد تحصل سرّاً وتتفاعل، وهي مقبولة إن كانت خارج الأسرار والأسوار العائلية والاجتماعية. قد يتحرّك الفرد بأزياء أجداده الأولى في موطنه الأصلي ذكراً وأنثى، لا فرق كبيراً بين الطبقات الاجتماعية، لكنّه يستغرق في عظمة الأمكنة البعيدة ليبدو ابن مجتمعين متناقضين، ويتكيّف مع جيلين مزدوجين وثقافتين متباعدتين ولو بالشكل، لكنهما تتقاربان في تزويج القديم والجديد بما يورث الفرد ثنائيات متعددة وتشقّقات بين الظاهر والباطن يصعب إخفاؤها.

وإذا ما غاب الشكل وتعرّى الجوهر بفعل غزو قوي عسكري غريب للمجتمع التقليدي، يتحوّل الفرد بسرعة غريبة لاحتضان البطل/الزعيم/الحاكم/الحامي للماضي العريق، يحترق فيه كلاميّاً ويسايره فيتناثر. وإذ يذوي البطل أو يقتل أو يصدم بتحريك المجتمع، تنقلب الدنيا الخارجية عليه أو يتحوّل البطل إلى «قدّيس» عبره هموم العجز عن التغيير أو يصمونه بأقذع الأوصاف، مثل العمالة والظلامية والكفر المستورد.تتمدّد الازدواجيات في بلادنا بانتظار بطلٍ جديد قد يكون فرداً أو حزباً مستورداً أو دولة كبرى خارجية تحمي قبوله وانفتاحه على معظم الأفكار والعقائد، شرط ألاّ يطاول الجديد ويشوّه جوهر الأفكار الثابتة ظلّ العقائد.

أ- في المستوى العام: تبرز أزمات التفاعل مع الآخر المحرّض أو المحوّل أو الغريب مهما كان إنساناً أو لغةً أخرى أو آلةً جديدة مبتكرة أو «حضارة» بمعناها الشامل. وتصبح العلاقة مع هذا الآخر مسنودة إلى الاقتناء السهل لمكتشفات الشعوب الأخرى لا بقبول حصيلة التغيير الإنساني المنتظر. إنّها علاقة اقتباس وتشاوف بالمقتبس أحياناً لا علاقة تفاعل وتغيير، علاقات انفعال وردود أفعالٍ لا علاقات تأثر ومصالحة وتبادل خبرات وتجارب. لا الجوهر الديني ببراءته المطلقة المطبقة على الزمان كفيل أو قادر على الإجابة عن أسئلة العصور المتلاحقة التي تعمّق المسافات بين الثقافات والشعوب، ولا المستوردات والمقتنيات الساقطة كالمطر ومثل أشعة الشمس قادرة أن تراكم الاستجابات لحاجات الناس وتطلّعاتهم نحو المضامين المتطوّرة والتجارب الجديدة ومقتضياتها الفكرية والثقافية على الأقل، بمعنى المأكل والمشرب والملبس والتزاوج والسلوك العام والقدرة على هضم أو مداواة المتغيرات التي تؤرّق المجتمعات الهادئة.

هكذا تبرز الأسباب التي تتوه عبرها الأجيال وتنقسم الآراء والأفكار وتفتح الأبواب الموصدة بسهولةٍ على التجزئة والتفريق وتوسيع الشقوق وتسهيل الصراعات والحروب. ويغدو المجتمع الواحد سواء أكان متآلفاً دينياً ومذهبياً وثقافياً أم مسكوناً بالتربص والخشية والتباعد غير المباح، مجتمعات متعدّدة لا تنوّع فيها، متنافرة، متقاتلة، ينكفئ بعضها نحو أوراق المذاهب ملتمساً السلامة، ويضيع البعض الآخر في اجتهادات ترسّخ الجوهر لبريق العصرنة المتحوّل أبداً.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :

أزمة الثورات العربية: «خطايا حكام وأخطاء محكومين»

موجة ثانية من الثورات العربية

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نص من تحت المصافي نص من تحت المصافي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday