بقلم: غسان زقطان
حسناً، لا أتفق مع قرار السلطة الوطنية المعلن مؤخراً حول إعادة العلاقات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي، ولا أجد في رسالة "المنسق كميل أبو ركن" سبباً مقنعاً للثقة في التزام "حكومة المستوطنين" التي يقودها نتنياهو بأي تعهد أو اتفاقية، ولا أجد في الطريقة التي أعلن فيها القرار، أو التوقيت الذي جرى اختياره للإعلان، ما يشي بجديته.ولم أكن مقتنعاً بقرار رفض تسلم أموال "المقاصة"، رأيته متسرعاً ويفتقر إلى الدراسة المعمقة، كان يمكن تسلم الأموال التي هي حق لا جدال حوله، وتحويل عملية قرصنة مخصصات الأسرى إلى قضية رأي عام دولية، عبر إثارة موضوع "الاعتقالات" نفسه.
لولا مشكلة تقنية، وشيء من الجهل التكنولوجي، كان اسمي سيظهر أمام الرقم 113 في القائمة التي وصلتني عبر مركز "مسارات"، للمطالبين بإنهاء الانقسام والتوصل إلى صيغة وطنية توافقية، وإجراء الانتخابات، والتوقف عن تجريب ما ثبت فشله ودفعت تكاليفه، وهي مطالبة تشمل السلطة والفصائل والقوى على مختلف تسمياتها.ولكنني، ومن نفس موقع الاعتراض العميق، لا أقلل من تأثير موقفها، السلطة، الشجاع ودوره في إفشال اندفاع خطة "ترامب - نتنياهو" الوحشية لتصفية القضية الفلسطينية،
وتعطيل أجزاء رئيسية منها.تعزيز هذا الموقف، والبناء عليه وتصليب قواعده، لن يتم خارج استعادة المشروع الوطني الذي أرهقه الانقسام والتفرد، عبر الاستفادة من مرحلة مكلفة وقاسية، والأهم، من دون شك، البناء عليه من خلال ائتلاف وطني واسع، يتأسس على الحوار والتوافق والاحتكام للشعب في عملية ديمقراطية متكاملة.هذه ليست دعوة للتوفيق، أو مغادرة موقع الاعتراض الطويل.لدي، كمواطن، ملاحظات كثيرة وعميقة ويائسة أحياناً، على طريقة تعامل السلطة وأجهزتها مع فكرة المعارضة والاختلاف،
ومعايير الديمقراطية، وقوة الحرية وضرورتها المطلقة في الواقع الفلسطيني، وسوء إدارة الشأن المعيشي، والتعثر في فهم كيفية تحويل المعارضة والتعددية إلى نقاط قوة وليس إلى مصادر للخوف.ملاحظات كثيرة على الأداء والاختيار والكفاءة، وقوة التمثيل الشعبي لبعض الوجوه. ملاحظات على مفهوم الأمن الذي لم يتجاوز،
رغم التجربة والخبرة الطويلة والواقع الاستثنائي للشرط الفلسطيني، ضعف المخيلة والإبداع والابتكار في التعامل مع الظروف، والخروج من مفهوم "عريف الصف المتنمر" لتحقيق "الهدوء" وصناعة "الطاعة".لا أتحدث عما تفعله "حماس" في قطاع غزة، أتحدث عن منظمة التحرير الفلسطينية صاحبة "وثيقة الاستقلال".ولكنني أحاول وصف أحوال الفلسطينيين تحت طائلة فكرة التطويع المستحيلة.