بقلم:عادل الأسطة
مع نهاية العام المنصرم ٢٠٢٠، أنهيت قراءة كتاب الكاتب المصري سيد محمود، "محمود درويش في مصر: المتن المجهول - نصوص ووثائق تنشر لأول مرة"، الصادر في العام ٢٠٢٠ عن منشورات "المتوسط" في إيطاليا.
يقع الكتاب في ٣٣٥ صفحة، ويضم كتابات كتبها الشاعر بالقاهرة ونشرها في الصحف والمجلات المصرية، كما يضم صوراً لقسم منها وللشاعر نفسه مع بعض الأدباء والكتاب والصحافيين المصريين، وبعض المقالات التي كتبها مصريون وفلسطينيون حول قضية خروجه من حيفا إلى موسكو فالقاهرة.
يضيء سيد محمود في القسم الأول من الكتاب قصة خروج الشاعر من الأرض المحتلة، من ألفها إلى يائها، والملابسات التي اكتنفتها، ثم يدرج في بقية صفحات الكتاب الملفات والوثائق والمقالات، لتشكل بذلك القسم الثاني منه.
وفي كتاب سيد محمود سوف نقرأ عبارة أن الشاعر "صناعة مصرية"، فهل حقاً كان الشاعر صناعة مصرية؟ (هل نتذكر ما قاله الشاعر في "لاعب النرد": "والوحي حظ المهارة إذ تجتهد".
الكتابة عن محمود درويش منذ خروجه من الأرض المحتلة لم تنقطع في يوم من الأيام. كانت تخفت أحياناً، لكنها في أحايين أخرى كانت تشتعل، وها هو كتاب "المتن المجهول" يحييها من جديد، فصفحات الكتاب كله تتمحور حول تلك الفترة، أي فترة الخروج.
ربما يتذكر كثير من متابعي الشاعر الجدل الذي أثير في حينه عن شاعرية الشاعر ومصدرها وحقيقتها. هل الشهرة التي حظي بها قبل خروجه من الأرض المحتلة كانت تعود إلى شاعريته أم إلى القضية الفلسطينية ووجود الشاعر في الأرض المحتلة؟
من أوائل ما كتب حول هذا الموضوع مقالة اللبنانية ريتا عوض، وعنوانها "خروج الشاعر من الأرض المحتلة.. قتل له أم بعث له؟"، ولقد بدأ الرهان على الشاعر الذي صرخ مرة: "لا أريد أن أكبر على جراح شعبي".
في "المتن المجهول" يقرأ القارئ نصوصاً كثيرة، للشاعر وعنه، طويت في بطون الصحف، ويبدو الحصول عليها صعباً، وهذا ما أنجزه سيد محمود متابعاً الملف الذي نشر عن حياة الشاعر بمصر في "القدس العربي".
يحسب لسيد محمود هذا الجهد الذي أنجزه في ظل الحجْر الصحي في زمن "الـكورونا"، وكما لكل عمل ثغرات فإن للمتابع لأعمال درويش الشعرية والنثرية أن يدقق النظر في بعض ما ورد في الكتاب.
هل كل ما نشر فيه "نصوص ووثائق تنشر لأول مرة"؟
ربما خان التعبير المؤلف، فهي نصوص ووثائق منشورة في الصحف والمجلات وأعيد نشرها من جديد، وقسم منها نشر في كتب، والأدق أنها تنشر لأول مرة في كتاب.
يذكر المؤلف أن نص "تنويعات على سورة القدس" هو النص الوحيد الذي نشر، من قبل، في كتاب، وغاب عنه أن هناك نصوصاً أخرى أيضاً نشرت منها "أزرق أزرق"، فقد نشر في كتاب "وداعاً أيتها الحرب...وداعاً أيها السلم" (١٩٧٤) و"معنى القلق في الأدب الإسرائيلي بعد حرب حزيران: أنا.. وأنت.. والحرب القادمة"، فقد نشر في "يوميات الحزن العادي" تحت العنوان الفرعي "أنا وأنت والحرب القادمة"، وقد شغل حوالى ٢٠ صفحة من الكتاب، كما شغل مقال "تنويعات على سورة القدس" ست صفحات.
في المقدمة كتب سيد:
"خلال تبويب الكتاب في مرحلته الأخيرة ارتأيت استبعاد القصائد التي نشرت في مصر، أو بالأحرى عدم تكرار نشرها، لأن قارئ درويش على علم بها، واكتفيت بتوثيق تواريخ نشرها في صحيفة الأهرام" (ص ١٤). فهل كان موفقاً في هذا؟
وتمنيت، أنا الذي درس الشاعر دراسة تتكئ على "المنهج التكويني" في النقد، لو أن المؤلف أدرجها لنا بصيغتها كما ظهرت في الصحف المصرية، لأنه - لو نشرها – لأتاح لنا إمكانية مقارنتها بالشكل الذي ظهرت فيه لاحقاً.
هل هذه هي كل الملاحظات التي لي على الكتاب؟
بالطبع لا، ومع ما سبق فإن سيد محمود أزجى لدارسي الشاعر وشعره معاً خدمة جليلة.