الفلسطيني في الرواية العربية محمود درويش نموذجاً
آخر تحديث GMT 18:28:05
 فلسطين اليوم -

الفلسطيني في الرواية العربية: محمود درويش نموذجاً

 فلسطين اليوم -

الفلسطيني في الرواية العربية محمود درويش نموذجاً

عادل الأسطة
بقلم :عادل الأسطة

في البحث عن الفلسطيني في الرواية العربية، نقرأ عن فلسطينيين حقيقيين؛ أدباء ومفكرين، وغير أدباء. وغالبا ما يكون الأخيرون سياسيين أو فدائيين، مثل ياسر عرفات وخليل الوزير وأبو علي إياد وعلي أبو طوق، وغالبا ما يكون الأدباء محمود درويش وراشد حسين وغسان كنفاني، وبحضور أقل إدوارد سعيد واميل حبيبي وجبرا إبراهيم جبرا، وبلغ الحضور أن اتخذ علي بدر إدوارد سعيد عنوانا فرعيا لروايته «مصابيح أورشليم».

في «أسئلة الرواية العربية: أولاد الغيتو: اسمي آدم، إلياس خوري نموذجا» توقفت أمام حضور كنفاني ودرويش وحبيبي وجبرا وإدوارد سعيد، وتلافيا للتكرار يمكن أن يعود المهتم إلى الكتاب (بيروت، دار الآداب 2018). في كتابتي عن الفلسطيني في ثلاثية أحلام مستغانمي أتيت على محمود درويش، وكنت، من قبل، رصدت حضوره في الأدب الفلسطيني وفي رواية إلياس خوري «أولاد الغيتو: اسمي آدم».

إن حضور درويش في المخيلة الفلسطينية والعربية، يبدو أمرا غير مستبعد.لقد كانت أشعاره، منذ ستينيات ق 20، عنصرا فاعلا في صياغة الوعي العربي، وما زاد من فاعليتها انتقالها من المكتوب إلى المسموع المغنى من خلال صوت مارسيل خليفة وآخرين. لقد لفت تأثير أشعاره وتأثيره في صياغة الوجدان والوعي؛ الفلسطيني والعربي، أنظار دارسين فلسطينيين وإسرائيليين، ما دفع بهم إلى حث آخرين على تتبع الظاهرة والكتابة عنها.

مرة طلب مني الناقد فيصل دراج أن أكتب عن درويش في الوجدان الشعبي الفلسطيني، وثانية اتصلت بي دارسة من اللد تسألني في الموضوع؛ فقد سجلت أطروحتها مع أستاذ إسرائيلي تحت عنوان «محمود درويش وتأثيره في صياغة الوعي الفلسطيني» وحثها مشرفها على الاتصال بي للإفادة. والآن، ماذا عن حضور الشاعر في روايات عربية أخرى غير ثلاثية مستغانمي وبعض روايات خوري المشار إليها؟

سأتوقف أمام ثلاث روايات هي:
- سيقان ملتوية.
- حيث لا تسقط الأمطار.
- أولاد الغيتو ٢: نجمة البحر.
النموذج الفلسطيني الذي اختارته زينب حفني في «سيقان ملتوية» يتجسد، كما رأينا، في زياد المولود في المنفى ويريد تحقيق ذاته من خلال الفن، وفي أثناء قراءتنا عنه نقرأ نماذج دالة من أشعار درويش كتبها في فترة مبكرة من مسيرته تعود إلى 60 ق 20. لقد أوصى والد زياد زيادا بفلسطين وأعطاه ما يثبت أنه وريثه الوحيد. إن وصية الأب للابن تذكره بقصيدة درويش «رسالة من المنفى» التي يقول في مقاطع منها:
«ماذا جنينا نحن يا أماه؟ حتى نموت مرتين؛ فمرة نموت في الحياة ومرة نموت عند الموت!..... هل يذكر المساء مهاجرا مات بلا كفن؟»
والمقطع الثاني الذي يرد هو مقطع كتب أسفل لوحة لرجل بزيه الفلسطيني وبيده بندقية:
«يا صديقي! لن يصب النيل في الفولغا، ولا الكونغو، ولا الأردن، في نهر الفرات! كل نهر وله نبع ومجرى وحياة. يا صديقي! أرضنا ليست بعاقر.. كل أرض ولها ميلادها.. كل فجر وله موعد ثائر».

ومع أن الصورة هي صورة الجد الذي استشهد وتناسبه أسطر درويش، ومع أن الأسطر الأسبق تناسب وصية الوالد، وزياد يختلف عن أبيه وجده في انتمائه إلى ذاته، لا إلى أرض الآباء والأجداد، إلا أن أسطر درويش تمتلئ بالحكمة، ما يعني أننا أمام شاعر حكيم ترك أثره في أبناء شعبه ممن ولدوا في فلسطين وشردوا عنها. حقا، إن الأسطر استشهد بها والد زياد ولكنها في النهاية من اختيار زينب حفني التي خلقت شخصياتها الفلسطينية ونفخت فيها الروح دون غيرها من الفلسطينيين.

في رواية أمجد ناصر «حيث لا تسقط الأمطار» نقرأ تأثره بروح درويش في أشعاره الأخيرة التي صار فيها يجرد من نفسه شخصا آخر يخاطبه ويكتب بكثرة عن الـ»هنا» «هناك»، وحين تعود الشخصية الرئيسة في الرواية من المنفى، بعد غياب، وتأتي على بيت أبيها نشعر أننا نقرأ نصا شبيها بقصيدة درويش «في بيت أمي». إن ما سبق يعني أن الشاعر وشعره يمثلان نموذجا أعلى يعتز به. الروائي الثالث هو إلياس خوري الذي أنجزت مقالة عن حضور درويش في نصه الروائي بشكل عام.

لم يخل الجزء الثاني من «أولاد الغيتو» وهو «نجمة البحر» من حضور لافت لحياة درويش وقصصه الغرامية مع اليهوديات. إن علاقة آدم برفقة تستحضر علاقة درويش بريتا وموقفه منها بعد أن التحقت بالجيش. تنشأ علاقة حب بين آدم ورفقة تقود إلى علاقة جنسية منفتحة يتغزل فيها الفلسطيني باليهودية مذهلة الجمال، ويفض بكارتها، ولكن العلاقة لا تدوم، فالفلسطيني لا ينسى قضية شعبه ولا يغض النظر عن قتل أهله حتى لو كانت معشوقته هي من يقدم على ذلك، ولسوف يلجأ آدم، كما لجأ من قبله درويش، إلى قطع علاقته بالمحبوبة حال التحاقها بالجيش، على الرغم من اختيارها لآدم وتفضيله على اليهودي.

يرى إلياس خوري، على لسان بعض شخصياته، أن الشاعر الفلسطيني في كتابته عن الطلل يواصل ما بدأه امرؤ القيس في الشعر القديم. هنا يبدو الفلسطيني غير منقطع عن جذوره الأدبية وأساليبها. إنه يقرؤها ويبني عليها. تحضر قصيدة «سقط الحصان عن القصيدة» بعد الحديث عن امرئ القيس وحصانه. أكثر من ذلك فإن الشاعر الفلسطيني لا ينطق باسم الفلسطينيين وحسب. إنه ينطق باسم العرب على اختلاف دياناتهم. هنا تحضر قصيدة «سجل أنا عربي»

فيعجب بها حتى اليهود العرب المقموعون في الدولة الناشئة التي تميز بين يهود غربيين ويهود شرقيين، كما بدا واضحا في فترة تأسيسها، وهنا يبدي اليهودي القادم من العراق إعجابه بقصيدة الشاعر، وحين يصغي إليها يشعر أنها صوته أيضا، ولذلك نجده بعد أن أنهى الشاعر أمسيته في نادي كفر ياسيف في 60 ق 20 يركض كي يسلم عليه. إن الشاعر الفلسطيني في الرواية العربية يبدو شخصية جذابة ذات كاريزما ومؤثرا، وهو ينتمي إلى قضيته الوطنية والقومية دون أن يتنازل عن وعيه الإنساني.

قد يهمك يضا  : 

  صورة الفلسطيني في رواية زينب حفني «سيقان ملتوية»

  الثوري الفلسطيني في ثلاثية أحلام مستغانمي (3 من 3)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطيني في الرواية العربية محمود درويش نموذجاً الفلسطيني في الرواية العربية محمود درويش نموذجاً



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday