كوفيد ــ 19 والناس والاحتقان
أخر الأخبار

كوفيد ــ 19 والناس والاحتقان

 فلسطين اليوم -

كوفيد ــ 19 والناس والاحتقان

صلاح هنيه
بقلم : صلاح هنيه

عدنا الى دائرة الخوف من المجهول والحزن على من فقدنا جراء الوباء، وهذا بطبيعته ولد احتقاناً لدى الناس وانعكس على مناحي حياتنا كلها، فبمجرد ان أوقف احدهم مركبته في مكان مخصص لآخر تقوم الدنيا ولا تقعد، وإن تدافع أحدهم ليدفع حسابه قبل الآخر لن تمر الأمور مر الكرام، وإن كتب سطرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ولم يكن مزاج احدهم عال العال يبدأ بجلده والتجييش ضده، وكأن شيئاً ما خفياً يقود المسألة.

ولتصويب المسار كان لا بد من استخلاص العبر من تجربة بداية انتشار الوباء وإعلان الطوارئ لمدة ثلاثة اشهر وأهمية التعاطي مع الأسباب ومعالجتها قبل وقوعها، ولا بد من انتظام الناس في منظومة تطوعية متكاملة تقودها البلديات والمؤسسات القاعدية، قد تكون زراعية أو اعمال تنظيف أو ألعاباً جماعية ورياضة المشي والتفريغ النفسي، وتقوية وتمكين مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية بحيث تقوم بدورها افتراضياً، بحيث تظل على صلة بجمهورها وتقدم أدوارها لتكون سنداً في معالجة هذا الاحتقان.

بات ملحاً أن نتجه صوب تعميم المعلومات والحقائق ووأد الشائعات، من عيار أن هناك من لا يجد قوت يومه، أو ان الكهرباء قطعت عن بعض من هم ذوي الدفع المسبق لعوز مالي، أو ارتفاع الأسعار بشكل يحول بين الزبون والسلع والخدمات، أو التركيز على سعر دواء تم رفعه قبل ستة اشهر، بحيث تكون جهات الاختصاص على تواصل ودراية بكل التفاصيل عبر اللجان الشعبية ولجان الأحياء والجمعيات الخيرية وتتابع وتحل الأمور المعقدة، وإشهار الإجراء المتخذ من قبل جهات الاختصاص.

مهم استخلاص العبر وان نغطي كل القضايا التي عانينا منها سابقاً لنعالج جذور الاحتقان. لا يعقل أن نرى حياً في مدينة يحصل مساعدات من جهة رسمية ليوزعها بينما يقال للجنة حي أخرى في ذات المدينة «أيعقل أن لديكم محتاجين» فينهض الحي ويجمع تبرعاته ويقوم بمعالجة قضايا المتعطلين والفقراء الجدد.

حتماً سيقوم البعض بتشمير ذراعيه ليوزع ما يظنه حِكماً ومواعظ، فتارة تراه يقول «ليش احنا حالتنا في البيت والقرية الفلانية والحارة الفلانية ليست كذلك» ونسي وتناسى سعادته أن هؤلاء عندما صعدوا الجبل وواجهوا الاستيطان وجدار الفصل والعزل كنت انت تحتفل في مكان آخر بعيد، أو تلتقط لنفسك صوراً في هذه العاصمة أو تلك، هؤلاء من تصر نعتهم بالصفات التي تريد نسيتَ أنهم عندما تخوض انتخابات الغرفة التجارية أو الجمعية الخيرية يصبحوا قاعدتك الانتخابية وتشيد بهم وتتغنى ببطولاتهم، ولكنهم اليوم تظهرهم انهم عبء وسبب الوباء، وعندما يغضبون جراء الاحتقان الذي سببته أنت وغيرك لا ترجعوا القضايا الى أساسها.

كيف لا يكون الوضع غير صحيح وقد حجبت عنا صناديق الاقتراع لانتخاب مجلسنا التشريعي ليصبح لدينا ممثلون للشعب نذهب صوبهم ونناقش معهم قضايانا كما كنا نفعل منذ سنوات مضت، وحجبت عنا اللقاءات المفتوحة مع المسؤولين لنقول لهم همنا، عكس ما كان يحدث بداية السلطة الوطنية الفلسطينية يوم كان المسؤولون يطوفون القرى والمخيمات والمدن ليستمعوا من الناس، ترى من هو المسؤول الذي تجول في قرى غرب رام الله المعرضة لمخطط الضم الاحتلالي واستمع لمطالبهم الزاهدة.

جزء من معالجة الاحتقان وإسناد الناس في مرحلة الطوارئ لكوفيد_19 تتمثل بالتحكيم في قضايا الحقوق وإنصاف الناس، وغالباً تكون بداية الأزمة بسيطة متواضعة، وفجأة تصبح ككرة الثلج التي تكبر ليصبح استحالة السيطرة عليها فتؤدي الى قضايا تمتد آثارها إلى أحفاد الأحفاد. تفعيل النظر بقضايا الناس وحلها واغلاق ملفها بعد ان انجز ولا يظل عالق الى امد طويل يعقد الأمور أكثر، سواء مخالفة بناء أو عمارة متضررة جراء حفريات مجاورة.

الحكماء الواعون حضورهم ودورهم مهم، وليس المتابعة عن بعد وابداء التذمر وإحصاء عدد المشاكل والطوَش عندما تقع الأخطار، وعندها يصدرون ورقة موقف أو مقابلة تلفزيونية تجلد كل الدنيا، وكأننا أنجزنا وانتهى الأمر، المهم الإجراء الاستباقي الوقائي وعدم اعتبار أي منطقة خارج الجغرافيا الفلسطينية شعبياً، وهذا أخطر بكثير من أي اعتبارات أخرى عندما يستسلم الناس ويُخرجون هذه المنطقة من الجغرافيا الفلسطينية ويلقون باللائمة على آخرين وليس علينا نحن كمجتمع، وتتعاظم المصيبة عندما نريد ان ننقل هذا السلوك لأنه لا يوجد من هو أقل من الآخر.

التعايش مع وباء كوفيد_19 ليس افتراضياً، بل هو ممارسة على ارض الواقع ومعالجة آثاره تتطلب جهداً على الأرض من خلال إنشاء مجموعات تتابع في الميدان كيف نتعامل مع الأطفال والشباب والمرأة والعمال، ونتفادى الآثار الناجمة عن الوباء، وأهمها الاحتقان. وتكرار التنظير الافتراضي لن يسعف حماية المستهلك ولا المرأة والطفل والشباب والتعليم والعمل، يجب ان نؤسس نظرياً لظروف التعايش مع  الوباء افتراضياً ولكن يجب ان ننتشر لنعالج ميدانياً على الأرض درءاً للمخاطر.

قد يهمك أيضا :   

«كوفيد ــ 19» واستخلاص العبر

دعونا من الذهنية الانفعالية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كوفيد ــ 19 والناس والاحتقان كوفيد ــ 19 والناس والاحتقان



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

الملكة رانيا تتألق بعباءة وردية مطرزة بلمسات تراثية تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ فلسطين اليوم
الإطلالات التراثية الأنيقة المزخرفة بالتطريزات الشرقية، جزء مهم من أزياء الملكة الأردنية رانيا ترسم بها هويتها في عالم الموضة. هذه الأزياء التراثية، تعبر عن حبها وولائها لوطنها، وتعكس الجانب التراثي والحرفي لأبناء وطنها وتقاليدهم ومهاراتهم في التطريز الشرقي. وفي احدث ظهور للملكة رانيا العبدالله خلال إفطار رمضاني، نجحت في اختيار إطلالة تناسب أجواء رمضان من خلال تألقها بعباءة بستايل شرقي تراثي، فنرصد تفاصيلها مع مجموعة من الأزياء التراثية الملهمة التي تناسب شهر رمضان الكريم. أحدث إطلالة للملكة رانيا بالعباءة الوردية المطرزة بلمسات تراثية ضمن اجواء رمضانية مميزة يملؤها التآلف، أطلت الملكة رانيا العبدالله في إفطار رمضاني، بعباءة مميزة باللون الوردي تميزت بطابعها التراثي الشرقي بنمط محتشم وأنيق. جاءت عباءتها بتصميم فضف�...المزيد

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 07:07 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء إيجابية ومهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:12 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يغنى للمارة في كندا عام 2007 قبل الشهرة

GMT 23:20 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السورى يستعيد قرية جب عوض وتلة الشيخ محمد

GMT 22:47 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد الأحمد سعيد بحصوله على جائزة عمر الشريف

GMT 17:08 2017 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

كاظم الساهر يؤكد لمن يشوهون صورته سعيه لخدمة وطنه

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday