لسان حال المزارع والفلاح عن الزراعة وهي السيادة على الغذاء والأرض والمياه، وبالتالي نحن نتحدث عن قطاع مفصلي يجب أن يلاقي كل الدعم والإسناد الحكومي، كونه الأساس في مواجهة سرقة القرن، وحراس تلك الأرض هم الجوهر والأساس أولاً، بحيث يعبر عنه بالموازنة ويعبر عنه بإجراءات تؤدي الى زيادة الإنتاجية وزيادة مساهمة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي.
لم يعد واقعياً أن نظل نتعامل مع الأرض ومكوناتها وخصوصا في الأغوار كما بقينا نتعامل معها من حيث وصف الحالة واستعراض المساحات وتوثيق الإجراءات الاحتلالية والاستيطانية، ولا يعقل ان نظل نذهب لزيارات تفقدية، أصل الحكاية وجود ارض وبشر وزراعة وعمل في الأرض عموماً وفي الأغوار خصوصاً، وبالتالي هؤلاء بحاجة لاستراتيجية وأهداف وتدخلات قادرة على تدعيم
صمودهم كحراس للأرض. عملياً رأس الحربة في هذا الملف وزارة الزراعة، ولكن يجب أن يكون هناك إسناد لها من خلال التدخلات المطلوبة من وزارة المالية على صعيد الاسترداد الضريبي وضريبة القيمة المضافة والاعفاءات، والضابطة الجمركية التي بيدها ضبط التهريب واستباحة السوق الفلسطيني، وسلطة المياه الفلسطينية التي يجب أن تتعامل بآليات جديدة وعملية مع قطاع المياه
واسترداد حقوقنا المائية وزيادة حقوقنا المائية وحفر الآبار، ومؤسسات العمل الأهلي التي يجب أن تضع على رأس أولوياتها العمل بصورة تهيئ المناخ لدعم الصمود والثبات وحماية الأرض.
لم يعد لدينا متسع من الوقت لنكون مستغربين أو مندهشين أو كأننا آتون من كوكب آخر، بل يجب أن نعزز أننا نستطيع ويجب أن نحاول، تاريخياً منذ سبعين عاماً، والأرض هي جوهر القضية وبات
ملحا ان نضعها على رأس سلم الأولويات، ليس بالأناشيد والأغاني والبيانات، علينا العودة للوثائق والدراسات التي كانت تلح على أن المناطق المصنفة قسراً «ج» متاحة وليست في كوكب آخر وفقط تحتاج الى إرادة، وهذا الكلام ليس من الاربعينات من القرن الماضي، بل هي قبل ثلاثة أعوام في المؤتمر الاقتصادي الأول الذي عقده معهد ماس. واضح أننا أمام حالة تراجع الزراعة كمصدر للدخل
أو خلق فرص العمل أو الصمود الاسري على الأرض، بحيث وصلنا الى مساهمة في الناتج المحلي الإجمالي للقطاع الزراعي الى 3%، والاعتماد على الزراعة الإسرائيلية المدعومة، والسعي للعمل في السوق الإسرائيلي، والتحول صوب اقتصاد الخدمات على حساب القطاع الزراعي. برأيي، أن المواضيع الملحة أمام الأرض وحراسها هي المنافسة كواحدة من المداخل المهمة كتدخلات لتحقيقها في
القطاع الزراعي يعترضها عدة مؤشرات، أهمها سيطرة بعض الشركات على سلسلة الإنتاج وسلسلة التسويق، الأمر الذي بات ملحاً أن يدخل المزارع الصغير ضمن واحدة من هذه السلسلة لتتحقق المنافسة والتي تقود الى العدالة، وينسحب الأمر على استباحة السوق الفلسطيني بصورة تضر بالمزارعين والقطاع الزراعي ككل، وظاهرة التهريب التي تتطلب تشديد الرقابة وتغليظ العقوبات، واضح
ان التهريب لا يتم من قبل أشباح أو أشخاص غير معروفين، بل يتم من أشخاص هم عاملون في القطاع الزراعي أو مكملاته. بات ملحاً إعداد روزنامة زراعية تراعي المواسم الزراعية لنحمي المحصول الفلسطيني في موسمه، بحيث نمنع محاصيل من خارج السوق الفلسطيني تضارب محاصيل المزارع الفلسطيني، ولسان حال وزارة الزراعة انها تمتلك الروزنامة وتعمل في نطاقها، الا أن
التوجه العام هو اعلان هذه الروزنامة وتثبيت مواعيدها. بات ملحاً العمل على قانون المنافسة ليشكل مرجعية لحالة المنافسة، ولا يعقل أن نظل معتمدين على تعليمات غير كافية، وضرورة تشكيل مجلس المنافسة، بحيث يمنع شبهات الاحتكار ويؤشر باتجاه أي جهة تمارس ممارسات ضد المنافسة. لم يعد المزارع الفلسطيني مؤمناً بالمؤتمرات والورش والدراسات، وبات يصرخ عالياً: إننا لم
نعد نقتنع لأنها لا تأتي بجديد. خارطة الطريق واضحة والرؤية واضحة والاستراتيجيات والاهداف بحاجة الى تكاتف من أجل زيادة حصتها من الموازنة وزيادة مساهمتها في الناتج الإجمالي، لسان حال المزارعين: صرخنا يا وحدنا في موسم البطيخ ومواسم البطاطا والبصل ولم يتغير حالنا. المزارع الفلسطيني يسأل عن المبيدات الزراعية التي تهرب ولا تلتزم بالتعليمات الفلسطينية التي تحظر
بعض أنواع المبيدات، وعن الاسترداد الضريبي، وعن ضريبة القيمة المضافة، وتعدد الوسطاء التجاريين. وهذا ينسحب على تشجيع المنتج المحلي من خلال تخفيض الضرائب وزيادة الرقابة على الجودة وتحديد الكميات والسلع من خلال الحصول على إذن الاستيراد.
قد يهمك ايضا :
"المستهلك" تطالب بمقاطعة المنتجات الإسرائيلية
قبلنا بما نحن فيه