هذيان الجائحة
أخر الأخبار

هذيان الجائحة..

 فلسطين اليوم -

هذيان الجائحة

رامي مهداوي
بقلم : رامي مهداوي

أكتب لكم هذه الكلمات بعد عودتي الى المنزل مباشرة، فقد خرجت منذ الصباح الباكر لأتمشى قليلاً، والغريب في الأمر بأنني بدأت أتحدث مع ذاتي وأنا أسير بالطرقات الخالية من حركة البشر والمليئة بأصوات الطيور المتنوعة، حفزني ذلك بنقل ما هو بداخلي بهذا المقال وكأني في حالة هذيان، أريد أن أكشف ما يدور من أحاديث وصراعات بداخلي لك عزيزي القارئ...

شارع الطيرة لم يعد كما كان؟ أين رائحة المقاهي؟ أين الأصدقاء الذين كنت أمشي معهم في مثل هذا الوقت؟ بالتأكيد يمثل الفيروس التاجي ظرفًا غير مسبوق تمامًا، لقد قام بتغيير الحياة؛ لم يؤثر أي حدث في التاريخ الحديث علينا بشكل عميق مثل هذا الفيروس!؟

«كورونا» لا يذكرنا فقط بهشاشتنا الجسدية، وإنما يعيد تعريف مفاهيمنا للتنمية، الاقتصاد والثقافة، ويُذكر من تناسى بأننا مازلنا تحت الاحتلال، ويكشف الروتين اليومي الرهيب، ويُخرب الخطط التي رسمناها، ويعزلنا عن الأصدقاء والجيران والأهل، كم نحن وحدنا؟!

وحدنا بما نشعر به! وحدنا بما نفكر وما نفعله! أرى أن هذا الوباء يغير بنا شيئاً فشيئاً، يمارس تأثيراً داخلياً عميقاً، يغير من نحن وكيف نرتبط بالناس والعالم. يؤثر الوباء على نفوسنا بثلاث طرق: فهو يؤثر على طريقة تفكيرنا، وكيفية ارتباطنا بالآخرين وما نُقيّمه. تسببت هذه الجائحة في عدم اليقين على نطاق واسع. لا نعرف ماذا نفكر؟ من سيتأثر؟ هل أحباؤنا؟ كيف؟ هل ستكون الاختبارات متاحة؟ هل سننجو؟ كم سيطول الأمر؟ ماذا عن عملنا ورواتبنا؟ مزيج من عدم اليقين والخطر والقلق الشديد. الرغبة الشديدة في الحصول على معلومات موثوقة، والرغبة الحادة في تبديد الغموض المشلول الذي يغرقنا. نحن نتوق للوضوح والتوجيه، أين الضوء في نهاية النفق؟ حالنا الآن في هذه اللحظة نفق بدون نهاية.

ملتصقين بأجهزة التلفزيون والهواتف النقالة، أصبحنا مدمني الأخبار العاجلة، في ظل ظروف عدم اليقين المنتشر، ينجذب الناس كما لو كان بمغناطيس إلى حلول مبسطة ومنطق أبيض وأسود.
البعض ينجذب إلى قطب الإنكار بأن لا شيء خطأ على الإطلاق، والبعض الآخر إلى الذعر المطلق، والاعتقاد بأن الأسوأ سيأتي وأن النهاية قريبة. يتم تداول الشائعات على نطاق واسع والاستيلاء عليها دون انتقاد.

هذا هو الوقت الذي تحتاج فيه إلى قيادة مطمئنة، إنه الوقت أيضًا الذي يُفضل فيه التوجيه الموثوق والواثق كثيرًا على التوجيه المرن والخطير، يجب أن يقال لنا ما يجب القيام به بشكل سهل وبسيط. هذا ليس وقت المداولات المعقدة والمُناكفات وتصيد الأخطاء. على الرغم أن الشارع الفلسطيني بوطنيته المعهودة تزداد قوته بالأزمات، ما يعني أنهم يتوقون إلى التماسك والوحدة.

جائحة الفيروس التاجي مخيفة يمكن أن يصاب الجميع. لا أحد مُعفى. بغض النظر عن موقعه في الحياة أو حالته أو قوته أو شعبيته، لا يزال الفيروس قادرًا على الحصول عليك، تثير هذه الإمكانية شعوراً مهماً بالضعف والهشاشة أو الانحدار كما هو الحال في مرحلة الطفولة، المرض أو الشيخوخة يرتفع اعتماد المرء على الآخرين.

يؤدي هذا إلى وضع العلاقات الاجتماعية في مرتبة عالية، ما يعزز ارتباط المرء بالآخرين، ويزيد من تقدير أحبائه وأفراد عائلته وأصدقائه، إلى جانب التعلق المتزايد بالآخرين، يأتي التحول الخفي في أخلاقنا المتمثل بالقيم المجتمعية للتعاون والتطوع والرعاية تحظى بالأولوية.

لذلك تتحول مُثلنا الثقافية في أوقات الأزمات بحيث نمنح أهمية كبيرة للأشخاص الذين يخدمون القيم المجتمعية، ويمدون يد العون للآخرين، ويضحون بمصالحهم الذاتية من أجل الصالح العام، ويظهرون التعاطف ونموذج الإنسانية.
يتراجع حُبنا للشهرة والثروات، نتغير دون أن نشعُر بأننا نتغير؛ بهدوء وصمت، يغير جائحة الفيروس التاجي من نحن، يُعيد تشكيل حياتنا، ما يؤثر على جوانب متنوعة من نفوسنا، قد نوافق على بعض التغييرات

_ نحو روابط مجتمعية أقوى وقيم إنسانية _ ونرفض البعض الآخر الانغلاق العقلي، والتفكير بالأسود والأبيض. سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن الأزمة الهائلة التي نواجهها تُبرز أفضل ما لدينا، ولكن أيضًا أسوأ ما فينا.

قد يهمك أيضا :  

  عندما تعطس الصين ..

«كورونا» كشف حقيقتنا!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذيان الجائحة هذيان الجائحة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

الملكة رانيا تتألق بعباءة وردية مطرزة بلمسات تراثية تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ فلسطين اليوم
الإطلالات التراثية الأنيقة المزخرفة بالتطريزات الشرقية، جزء مهم من أزياء الملكة الأردنية رانيا ترسم بها هويتها في عالم الموضة. هذه الأزياء التراثية، تعبر عن حبها وولائها لوطنها، وتعكس الجانب التراثي والحرفي لأبناء وطنها وتقاليدهم ومهاراتهم في التطريز الشرقي. وفي احدث ظهور للملكة رانيا العبدالله خلال إفطار رمضاني، نجحت في اختيار إطلالة تناسب أجواء رمضان من خلال تألقها بعباءة بستايل شرقي تراثي، فنرصد تفاصيلها مع مجموعة من الأزياء التراثية الملهمة التي تناسب شهر رمضان الكريم. أحدث إطلالة للملكة رانيا بالعباءة الوردية المطرزة بلمسات تراثية ضمن اجواء رمضانية مميزة يملؤها التآلف، أطلت الملكة رانيا العبدالله في إفطار رمضاني، بعباءة مميزة باللون الوردي تميزت بطابعها التراثي الشرقي بنمط محتشم وأنيق. جاءت عباءتها بتصميم فضف�...المزيد

GMT 09:09 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

الفنانة نانسي عجرم ضيفة عمرو أديب في "كل يوم"

GMT 10:29 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

وفد من الجبهة الشعبية يهنئ "فتح" بذكرى انطلاقتها 54

GMT 18:08 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

فرانشيسكو يشعر بالحَيرة والإحباط لعدم ثبات مستوى روما

GMT 00:02 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يحصل على مقاتلتين خفيفتين إيه-29 من أميركا

GMT 02:28 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

المعاطف تسيطر على إطلالة الرجال في خريف وشتاء 2018

GMT 13:51 2016 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

تعيين خضر عبيد مدربًا لفريق هلال القدس الفلسطيني

GMT 19:27 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي معيذر يحقّق المفاجأة ويهزم الخور في دوري نجوم قطر

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday