هل يتحول الضمّ إلى لعنة على إسرائيل
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

هل يتحول الضمّ إلى لعنة على إسرائيل؟

 فلسطين اليوم -

هل يتحول الضمّ إلى لعنة على إسرائيل

أشرف العجرمي
بقلم : أشرف العجرمي

مع اقتراب الأول من تموز، تزداد تعقيدات المشهد الإسرائيلي بخصوص مسألة ضم مناطق واسعة من الضفة الغربية، في إطار تطبيق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب "صفقة القرن" المزعومة للسلام في الشرق الأوسط. فمعارضة الضم لا تقتصر فقط على معسكر اليسار أو من يتمسكون بفكرة دولة إسرائيل "الديمقراطية" ذات الأغلبية اليهودية بجانب دولة للفلسطينيين، بل تكمن المعارضة الأشد في أوساط اليمين الاستيطاني المتطرف الذي يقوده قادة مجلس المستوطنات. هكذا يصبح رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ككيس ملاكمة يتعرض للهجوم من اتجاهين متناقضين، وهو في الواقع لا يعرف ماذا يمكنه أن يفعل على الأقل لإرضاء حلفائه في معسكر اليمين الذي ينتمي إليه قبل أن يواجه خصومه السياسيين الذين يرفضون الخطة الأميركية أو يعارضون مبدأ الضم أحادي الجانب.

بالنسبة للمعارضة من اليسار والوسط، فهي قد قالت كلمتها في التظاهرة الكبيرة التي ضمت آلاف الإسرائيليين مساء السبت الماضي، حيث عبرت عن رفض مشروع ترامب ورفض ضم مناطق فلسطينية من دون اتفاق سلام مع الفلسطينيين يقوم على حل الدولتين على حدود العام 1967. وهؤلاء يمثلون الأحزاب العربية، خاصة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة وأحزاب وتنظيمات اليسار من حركات سياسية ومنظمات مجتمع مدني وشخصيات عامة.

صحيح أن تظاهرة السبت لم تكن كبيرة بما يكفي لتغيير الرأي العام بصورة دراماتيكية، لكنها تقض مضجع نتنياهو وأركان حكومته لأنها تعبر عن موقف الكثير من الشخصيات السياسية والأمنية السابقة التي تحظى بوزن كبير في إسرائيل، وهي تنسجم كذلك مع إطلاق الإنذارات العديدة التي تعج بها مراكز الدراسات والمواقع الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي. بل هي باتت تعكس موقف قطاعات واسعة من الإسرائيليين الذين لم يكونوا يبالون من طرح أفكار متطرفة كالضم واستمرار الاحتلال وقمع شعب آخر. لقد نجحت شخصيات اليسار والوسط، وبالأخص ذات الخلفية الأمنية المعروفة، في زعزعة ركود ولا مبالاة الرأي العام الإسرائيلي على الأقل في الخوف من تبعات قرارات سياسية أحادية الجانب قد تعصف بالأمن والاستقرار ومستقبل إسرائيل لأجيال قادمة. وهذا يظهر في استطلاعات الرأي التي تعكس البلبلة التي يعيشها الجمهور، وعدم اليقين من أي نتائج إيجابية تترتب على سياسة الحكومة.

أما مشكلة المعارضة في اليمين والنابعة من التيار الصهيوني - الديني المتطرف الذي لا يؤمن بترك أي شيء للشعب الفلسطيني ويتنبى فكرة "أرض إسرائيل" الكاملة، فهي أحرجت نتنياهو أمام الإدارة الأميركية، بل وقللت حماس الأخيرة لاحتمال دعم قيام إسرائيل بضم أحادي الجانب. هذا عدا المشكلات التي تعيشها إدارة ترامب الآن من تبعات أزمة "كورونا" وتصاعد مظاهر التمييز العنصري. وقد عبرت أوساط في الولايات المتحدة عن خيبة أملها من معارضة مجلس المستوطنات في الضفة لبنود الخطة الأميركية. ونقل موقع "المونيتور" عن مراسل الشؤون الإسرائيلية بن كسبيت أن شخصيات الإدارة الأميركية المقربة من نتنياهو باتت لا ترد على اتصالاته المتكررة، لدرجة أن الأخير أبلغ قادة المستوطنين في اجتماعه معه قبل يومين أنه لا يوجد ضوء أخضر من واشنطن لتنفيذ الضم.

والمعضلة هنا ليست فقط بوجود الخلاف المربك والمعارضة الصاخبة، بل بوصولهما إلى مستوى التخوين والتجريم، حتى أن رئيس إسرائيل رؤوفين ريفلين حذر من تصاعد لهجة التخوين، وذكّر بما حصل في إسرائيل قبل مقتل رابين بعد التوقيع على اتفاق "أوسلو"، وطالب بالتهدئة والابتعاد عن خطاب الاتهام بالخيانة.

ويحاول نتنياهو استرضاء اليمين بإطلاق تصريحات قد تبدو كشعارات انتخابية أكثر من كونها سياسة فعلية للحكومة، من قبيل أن الضم ليس مرتبطاً بخطة ترامب، وأن البؤر الاستيطانية المعزولة ستتوسع وتنمو وسيتم ربطها بالشوارع الرئيسة التي تربط المستوطنات ببعضها البعض، علماً أن الخارطة الإسرائيلية - الأميركية تترك 19 مستوطنة تضم أكثر من عشرين ألف مستوطن كمعازل في المناطق الفلسطينية. وليس واضحاً ما الذي يمكن أن يفعله نتنياهو في الأول من تموز وهو الذي يتحدث عن موعد مقدس، وفي نفس الوقت عدم وجود ضوء أخضر أميركي.

وهناك مشاكل بلا شك مع القيادة الفلسطينية التي أثبتت أنها جدية أكثر من أي وقت مضى في الذهاب إلى النهاية في مواجهة خطة الضم حتى بثمن انهيار السلطة، ولقد شكل إرجاع أموال المقاصة التي حولتها إسرائيل للبنوك في الضفة، ورفضها استقبال أي أموال في إطار الاتفاقات السابقة، أكبر دليل على مدى تصميمها. وكذلك الأمر في دول الإقليم، خاصة في ظل موقف الأردن الرافض لأي إجراء إسرائيلي أحادي في غور الأردن ومستوطنات الضفة المحتلة، وكذلك التحذير المصري من مغبة الإقدام على الضم. وهذا ينسحب بصورة أكبر على موقف بعض الدول الأوروبية التي تهدد بفرض عقوبات على إسرائيل. ولعل سلوك الدبلوماسية الإسرائيلية من زيارة وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الذي مُنع من زيارة رام الله خلال زيارته لإسرائيل المتوقعة هذا اليوم بحجة "كورونا"، وأنه إذا دخل رام الله قبل مغادرته إسرائيل سيخضع لحجْر صحي لمدة 14 يوماً، هو دليل آخر على انزعاج الحكومة الإسرائيلية من موقف بعض الدول الأوروبية. فالذي يريد ماس بحثه في هذه الزيارة هو خطة الضم.

كل هذا، وما يمكن أن يحدث في نطاق زعزعة الأمن والاستقرار، واحتمال زيادة عزلة إسرائيل وتعرضها لعقوبات دولية، قد يجعل موضوع الضم عبئاً وربما لعنة على إسرائيل، ويقول بعض الإسرائيليين: إنهم في غنى عنها في هذه المرحلة.

قد يهمك أيضا :   

مواجهة أزمة "كورونا": تحرير الاقتصاد وخطة إنقاذ

هل لا تزال فلسطين قضية العرب الأولى؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يتحول الضمّ إلى لعنة على إسرائيل هل يتحول الضمّ إلى لعنة على إسرائيل



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday