بقلم : توفيق أبو شومر
بدأت حروب (السايبر) الإلكترونية بتجارب أولية على شكل هجمات إلكترونية على المواقع الشخصية الكمبيوترية بالاستيلاء على المعلومات الشخصية من أجهزة الحاسوب، ثم تحولت الهجومات الفردية إلى شركات كبرى، شركات إنتاج مضادات الفيروسات، هذه الشركات الرقمية هي الكتيبة الأولى للهجوم، مثل كتيبة، كاسبروف الروسي المضاد للفيروسات، ولواء شركة، نورتون الأميركية، وفرقة (مكابي) الإسرائيلية، هذه الشركات تستولي أولا على معلوماتك الشخصية، بعد أن تُرغمك الشركة على الموافقة على ذلك بالتوقيع على برتوكولاتها، وهي لا تُقرأ في الغالب، فهي تسمح للشركة بأن تنقل ملفاتِك كلَّها بادعاء الفحص، في مقابل حمايتها لجهازك من الاختراق، أي أنها مخولة بأن تخترق جهازك وحدها دون غيرها!
هذه الحرب أشد خطرا من الحروب التقليدية، إنها الحرب العلمية الأولى، حرب العقول، والمنتجات الفكرية. هذه الحروب ستُشنُّ عن بعد بلا كتائب عسكرية أو أسلحة تقليدية ثقيلة.
انتقلتْ الجاسوسيةُ الرقمية إلى مرحلة جديدة، من متابعة الأفراد، وسرقة معلوماتهم وبيعها في السوق الرقمية السوداء، لتصبح اليوم سلاحا حربيا، له كتائب وألوية، له شركات كبرى، هي الأكبر في العالم، يسميها كثيرون كتائب الجريمة الرقمية.
تمكنت هذه الجيوش من غزو كمبيوترات الدول الأخرى وتدمير المعلومات فيها، والتأثير على الصناعات، وعلى كل مجالات الحياة المحكومة بالتقنيات الرقمية، لعل أبرزها، الهويات، وجوازات السفر الشخصية، ومعاملات البنوك، وحركة الملاحة الجوية، المحكومة بالكامل بواسطة برامج كمبيوترية.
ها هي الهجمة تنتقل إلى طورها الثالث الخطير، وهي تدمير ممتلكات الخصوم عن بعد بلا جيوش، بآلية جديدة لم تُكشف بعد، هل هي موجات حرارية تُطلق عن بُعد؟ أم هي فيروسات قادرة على إشعال الحرائق في بلاد المنافسين والأعداء، فلا يزال الأمر لغزاً!
لا تزال إسرائيل تفخر بأنها أرسلت فيروس، (ستنكسنت) إلى المفاعلات النووية الإيرانية عام 2000، واستطاع الفيروس تدمير أجهزة تخصيب اليورانيوم، لمَّحتْ إسرائيل إلى أنها وراء إشعال النيران في مفاعل، نتانز النووي الإيراني يوم 2-7-2020 .
ردت إيران، وفق رواية إسرائيل في شهر نيسان 2020 وأرسلت فيروساً إلى محطات تحلية المياه في إسرائيل، ادعت إسرائيل أنها اكتشفته، ومنعته من التأثير على نسب خلط المياه الصالحة للشرب، ما يؤدي إلى إفساد المياه، ثم أعادت إيران هجومها على مصلحة المياه يوم 16-7-2020، واستهدفت الفيروسات محطات المياه المعالجة للزراعة.
منذ أسابيع تشتعل حرائق عديدة في إيران، تظهر في صحف إسرائيل، ونشرات أخبار العالم بأنها حرائق مفتعلة، على الرغم من عدم إعلان إسرائيل وأميركا عن المسؤولية في إشعالها، إلا أن المتابع العادي يُدرك بأنها حرائق ناتجة عن هجومات إلكترونية.
نشرت وكالة رويترز للأنباء يوم15-7-2020: «اشتعلت النيران في سبع سفن إيرانية راسية في ميناء، بوشهر، أبرزت بعض الصحف يوم 19-7-2020 بأن هناك عدة حرائق غامضة اشتعلت في أميركا نفسها، منها اشتعال النار في مصنع أتلانتا الكيماوي.
هناك سلسلة من الحرائق اشتعلت في أميركا في الوقت نفسه الذي اشتعلت فيه الحرائق في إيران، ولكنها لم تُغطَ إعلامياً، منها: حرائق كبيرة في شمال ولاية أنديانا اشتعلت يوم 16-7-2020، وهناك حريق ضخم كبير في مصنع يعمل بالطاقة النووية في ميناء، بورنس الأميركي.
لا يزال في جُعبة مالكي التكنولوجيا الرقمية أسلحةٌ أخرى لم تُستخدم بعد، يجري الإعداد لها في تسارعٍ كبير بين هذه الدول، وبخاصة التكنولوجيا الرقمية الصينية غير المُتاحة للعامة!
في المقابل، تنتظر الدول الهزيلة التي لم تشارك في هذه التكنولوجيا مصيرَها المحتوم!