بقلم : توفيق أبو شومر
ظلَّ حيُّ، مائة شعاريم، (مائة بوابة) في القدس مستقلا استقلالا كاملا عن سلطات إسرائيل السياسية والقانونية، لا يجرؤ أحدٌ من السلطات الرسمية أن يقتحمه، أو يفرض عليه القانون، لهذا الحي منظومة أمنية متكاملة، مكونة من ثلاثة أركان، الأول، شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو كما يسمونها (فرقة العَفاف)، هذه الفرق المتعددة حسب الطائفة الدينية تقوم بمطاردة مَن يخرجون عن قوانين الحي الشرعية، تُنزل عليهم العقوبات بالضرب، والمقاطعة، وتشويه السمعة، بأوامر الحاخامين، تصل العقوبة حتى الطرد من الحي، ولا تستطيع الشرطة الرسمية ملاحقتهم، أو محاسبتهم!
أما الركن الأمني الثاني في حي مائة شعاريم، وللأحياء الأصولية الأخرى مثل حي، غيئولا، حي بيت شيمش، ومستوطنة، إلعاد، ومستوطنة، يتسهار، وموديعين عيليت، وحي بني براك في تل أبيب، وغوش عتصيون قرب بيت لحم وغيرها، هذا الركن الثاني مكون من الشباب اليهود المتزمتين والمنومين مغناطيسيا بترهات الحاخامين، بخاصة تنظيم (لهبا) خليفة حزب كاخ العنصري، يُطاردون الشبان الفلسطينيين في الأسواق، وفي أمكنة العمل، يعتدون عليهم بالضرب، يرغمونهم على ترك المكان، بحجة أنهم يُطاردون الفتيات اليهوديات!
أما الركن الثالث الإرهابي هو منظمة (دفع فاتورة الثمن)، وزعران التلال، وهم مجموعات من الشبان اليهود الحارديم، يقتلعون أشجار الزيتون الفلسطينية، يغزون القرى والمدن الفلسطينية يحطمون السيارات، يشعلون النار في المساجد والكنائس، ومنازل الفلسطينيين الآمنين، مثلما حرقوا عائلة الدوابشة العام 2015، هؤلاء الإرهابيون يحظون بحماية كبار الحاخامين، لهم عدة مقرات في المستوطنات الحريدية، بخاصة في مستوطنة، يتسهار بالقرب من نابلس، يحميهم حاخام جيش إسرائيل الأسبق، أفيحاي رونسكي.
إنَّ وزارة السياحة في إسرائيل تشترط على السائحين الراغبين في زيارة، (كنفدرالية) حي مائة شعاريم أن يلتزموا بالشروط الآتية:
"لا يسمح للرجال بالتدخين، أو لبس الشورتات، أو استخدام كاميرات التصوير، أو الهواتف المحمولة المجهزة بكاميرات، ولا يسمح للنساء السير في ممرات المشاة المخصصة للرجال، يجب عليهن لبس الأردية السوداء، والقمصان بالأكمام الطويلة، وعدم لبس البنطلونات".
بُنيَ حي مائة شعاريم في العهد العثماني 1874 كان يُغلق في المساء، تسكنه الطوائف الحريدية بخاصة الطائفة الحسيدية الصوفية، مثل طائفة ساطمر، برسلاف، حباد، لبوفتش، وعشرات غيرها، أيضا تسكنه طوائف أكثر تزمتا مثل جماعة، تولدوت أهارون، وعيدا حارديت، ناطوري كارتا، يروشاليمي، هذه الطوائف لها مدارسها الدينية الخاصة، لا يدرسون اللغات الأجنبية، ولا العلوم والرياضيات، ولا التاريخ والجغرافيا، لهم هواتف خاصة، خالية من شبكة الإنترنت، لهم كنسهم الخاصة، ومحلات الكوشير الخاصة، وحمامات الطهارة (المكفا) لا يشاهدون التلفزيون، لا يقرؤون الصحف، لكل طائفة حاخام مرشد، لا يدفعون الضرائب، غالبيتهم لا يدخلون الوظائف الحكومية، يعملون في تهريب الذهب، وتوزيع المخدرات، وبيع التعاويذ، هم بالتأكيد لا يسمحون لأبنائهم بدخول الجيش، يهاجمون الشرطة إذا حاولت اعتقال أيَّ مُتهم!
إنهم يملكون سلاحا أقوى من سلاح تعاويذ الحاخامين، أو أدعية التلمود، هم يملكون سلاح الديموغرافيا، خصوبة إنجاب الأطفال اليهود، لمواجهة خصوبة (إنجاب الفلسطينيين) يبلغ عدد سكان الحي حوالى ربع مليون حريدي! توقع خبير الديموغرافيا في إسرائيل، سبرجي دي فرغولا، بأن الحرديم سيشكلون ثلث سكان إسرائيل العام 2030.
إن تكاثر مواطني فيدراليات، أو كنفدراليات الحارديم سيحول الدولة الديموقراطية المزعومة إلى (أتونوميا) دينية، تُشعل حربا دينية متطرفة، ليس في فلسطين، بل في الشرق الأوسط كله!
أخيراً، بمناسبة انتشار الأوبئة والأمراض في هذه الكونفدرالية الحريدية، ولا سيما انتشار مرض الحصبة، بسبب الازدحام في الشقق السكنية، وبسبب رفضهم للتطعيمات لأنها ليست شرعية؛ هل ستنجح حكومة إسرائيل الحالية، أو القادمة في فرض سيطرة الجيش على أحياء الحارديم؟ بعد الإعلان عن حظر التجول على حي مائة شعاريم، وبيت شيمش، وغيئولا، وحصار الفيدراليات الحريدية، يوم 12-4-2020 ؟!
قد يهمك أيضا :
الاحتلال يقمع المشاركين بفعالية لزراعة أشجار الزيتون شرق طوباس
أبو شومر يعتبر القائمة الموحدة مفاجئة انتخابات "الكنيست"