هل هو فرحٌ، أم مرضٌ اجتماعي
آخر تحديث GMT 06:05:23
 فلسطين اليوم -

هل هو فرحٌ، أم مرضٌ اجتماعي؟

 فلسطين اليوم -

هل هو فرحٌ، أم مرضٌ اجتماعي

توفيق أبو شومر
بقلم : توفيق أبو شومر

هل هو فرح وابتهاج طبيعي محمود؟ أم هو مرض اجتماعي؟ عندما يحتفل كثيرون بنجاح أبنائهم، أو بزواجهم بإزعاج المحيطين بهم، والتشويش على حياتهم اليومية، ومضايقتهم إما بالمتفجرات، أو بإطلاق الرصاص، أو بإطلاق أبواق قاصفات الآذان، هل هذا فرح وسرور طبيعي، عادي، أم أنه مرض نفسي، يحتاج إلى علاج تربوي وثقافي؟!

على الرغم من إشكالية هذا السؤال، إلا أنني أعتبر ما يفعله كثيرون، حين يوظفون فرحهم لإزعاج المحيطين بهم، هم بالفعل يسعدون، ولكن ليس بسعادة المحيطين بهم، وهي ذروة السعادة الصادقة الحقيقية، ولكنهم يفرحون بغضب المحيطين بهم، كأنهم يقولون لهم، نحن سعداء ومسرورون بإغاظتكم، لن يرتاح لنا بالٌ إلا بعد أن نسمعكم عن بعد وأنتم تلعنوننا في الخفاء!

لن أنسى ما قلتُه لأحدهم منذ سنوات، يوم وفاة والده:
«أنت محظوظ لأنك تملك بيتا واسعا، فيه ساحة كبيرة تتسع لمئات المعزين، وأخرى واسعة مسقوفة فارغة، أنت لا تحتاج إلى استئجار أحد مقاولي العزاء، ليبني لك خيمة للعزاء خارج منزلك، حينئذ قال بغضب: «لا معنى لأي عزاء داخل البيت، سأقطع الشارع الرئيسي أمام البيت ثلاثة أيام، وإلا، فلا يكون العزاءُ عزاءً محترما»!

كذلك قرَّر أحد الجيران منذ بضع سنوات، أن يردَّ على جارِه حين احتفل بزواج ابنه، فاستأجر قاصفات الآذان ثلاثة أيام، لا تكفُّ عن قصف الآذان إلا في الساعات الأولى من الصباح، قال: «حين زوَّجَ ابنه لم أنم أربعة أيام كاملة، سأستأجر فرقة تتولى الردَّ على إزعاجه، فليذُقْ ما أذاقني» استأجر قاصفات الآذان من نوع قاصفات بعيدة المدى، صوَّبها في اتجاه بيت الجيران، ودعا جمهورا من الشباب والأطفال جزاءً وفاقا!
هل هذا بالفعل فرحُ طبيعي، كما يُردد كثيرون حين يقولون للمحتجين على الإزعاج: «دعهم يفرحوا، أم أنه مرض نفسي؟! إنه مرض نفسي، وصل إلى مرحلة الخطر، حين تكون غايةُ السعيد، أن يقول لهم: «أَفرَحُ على الرغم منكم، وأسعدُ بامتعاضكم، وينشرح صدري بضيقكم»!

قال أحدُ مَن يُجيدون فنَّ التبرير، هروبا من الحقيقة: «يجب ألا نعتبر زيادة جرعة الأفراح مرضا نفسيا اجتماعيا، بل هو فرحُ المكبوت المقهور، حين يعدم الفرصة، ويُحاصر، ويُسام كل أنواع الظلم والقهر، فإن هذا المقهور يُضطر إلى أن يخرج عن المعتاد، فيلجأ إلى التعويض عن لحظات السعادة المفقودة بالكامل، ليقتنص لحظة ما، يخرج فيها عن طوره، ينفّس فيها كُربتَه، سمِّها ما شئت، ولكنها، (سادية معتدلة)!
الحقيقةُ أنَّ هناك إجماعاً على أن نقص الجرعات الثقافية والتربوية في المجتمعات، سببٌ رئيس لهذا المرض الاجتماعي، إذ إن غياب الثقافة والوعي مسؤولٌ عن انتعاش القبلية في بيئة الخواء الثقافي والفكري، يعود البُسطاء والعوام إلى شرانقهم القبلية، يحتمون بها، حين يعدمون الحماية، احتجاجاً على واقعهم الأليم.

هناك أيضاً علاجٌ فعَّال اكتشفتْه الدولُ المتحضرة منذ قرون، لكي تُهذّب الأمراض الاجتماعية والنفسية، وتزيل القبلية بمفهومها الضيق، (التعصُّب) وتعيد صياغة الأجيال وفق القوانين، وتُلزمهم احترام الآخرين، وتعلمهم، أن الحريات يجب ألا تصل إلى انتهاكات حريات الآخرين، هذا العلاج الفعال الغائب في معظم دولنا العربية هو توظيف الفنون بمختلف أشكالها، المسرح، السينما، الغناء، الفنون التشكيلية، الرياضات، المسابقات، الاحتفالات، فقد ظلَّ المسرح مُعلما للشعوب زمنا طويلا، واستطاع المسرحُ صياغة ثقافة الأجيال!

إنَّ للفنون مفعولَ السحر في إعادة صقل التقاليد والعادات، إنَّ مقياس حضارة الأمم والدول هو أن يشعر الآخرون بشعور الآخرين، وهو قمة الرقي والتحضُّر!

قد يهمك أيضا :  

الساخرون من آبائهم!

عن حظر نشر صور إسرائيل من الفضاء!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل هو فرحٌ، أم مرضٌ اجتماعي هل هو فرحٌ، أم مرضٌ اجتماعي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday