بقلم : توفيق أبو شومر
إنَّ إعادة ضبط الأفراد، والدول، والمؤسسات هو المطلوبُ تحقيقُه، وفق نغمة جديدة، تتلاءم مع إيقاع وباء الـ»كورونا»، من أبرز التغييرات السريعة التي حدثت بموافقة الجميع، أنَّ مراكز العبادة في الديانات السماوية الثلاث، في عالم ما بعد الـ»كورونا» ينبغي إغلاقها وتجنبها، كذلك انتهى عصر الشيوخ، والكهنة، والحاخامين كموجهين ومرشدين، أما المرشدون فهم إعلاميو الألفية الثالثة، والأطباء، وعلماء المختبرات العلمية!أما الخبر العاجل الطريف في إسرائيل، بوصفها من أسرع الدول استفادة من تجاربها، تدريب الكلاب البوليسية على شمّ رائحة المصابين بالـ»كورونا»، بتدريبها على تمييز لُعاب المصابين بالـ»كورونا»، لإجبارهم على الحجر المنزلي، فقد صدرت التعليمات لشعبة تدريب الكلاب في الجيش الإسرائيلي، (أوكتز) للبدء في هذا المشروع! (صحيفة أروتس شيفع 31-3-2020م)
في الوقت نفسه، عقدت الشركات الإسرائيلية اتفاقيات تعاون دولية في مجال المختبرات، فقد عقد الموقع الإلكتروني الإسرائيلي، MYHeritage في تل أبيب، اتفاقا مع أكبر الشركات الصينية، الكبرى BGI باستقدام أسطول جوي من الصين إلى إسرائيل لدعم الفحص السريع للـ»كورونا»، بحيث يصل عدد عينات الفحص إلى مائتي ألف عينة.
(صحيفة جورساليم بوست 28-3-2020م)
هذا الموقع الإلكتروني الإسرائيلي أسسه شابٌ اسمه، Gilad Gaphet العام 2003 في غرفة نومه إلى أن أصبح اليوم من أشهر المواقع الإلكترونية العالمية، حيث صُنِّف من أشهر عشرة مواقع عالمية صاعدة منذ العام 2013م، يتابعه اثنان وسبعون مليون متابع.كذلك غيَّرتْ أجهزةُ الاستخبارات العسكرية مساراتها التقليدية في تعقب السلاح والإرهاب، وأصبحت تتعقب الأدوات الخاصة بالفحص، والمعدات والخبرات الطبية، بدلا من تعقُّب المنافسين والمعارضين السياسيين، هذا بالضبط ما فعله جهاز الموساد الإسرائيلي، قام الموساد بأول عملية سرية يوم 18-3-2020 لغرض الحصول على الأدوات الطبية الخاصة بمعامل التحاليل الطبية، لأنها أهم أسلحة العصر، كلَّف نتنياهو، رئيس الموساد، يوسي كوهين بشراء أجهزة الإنعاش والتنفس الصناعية، نجح الموساد في الحصول على مائة ألف وحدة خاصة بتحاليل الـ»كورونا»!
إنَّ ما حدث في دول الاتحاد الأوروبي بسبب الـ»كورونا» يُعتبر هزّة كبيرة لنظام الاتحاد الأوروبي، فالبريكست البريطاني كان انفصالا سياسيا تجاريا، أما في زمن ما بعد الـ»كورونا» سيصير الاتحاد التجاري تقليدا بائدا بين دول الاتحاد، سيحل محله التعاون العلمي والبحثي!كذلك فإن إعادة الضبط اقتضت أن تُشكل لجان خاصة بالكوارث والطوارئ في العالم، في أوقات الحروب، والزلازل، والأوبئة لتصبح هذه اللجان لجانا رئيسة مركزية، ليست لجانا ثانوية برستيجية، كما جرت العادة في كثير من الدول غير المجهزة للطوارئ.
ن إعادة الضبط تقتضي أن يتولى قيادة التوجيه في زمن الكوارث مايسترو إعلامي كفء، وألا يُترك المجال للاجتهادات الشخصية، ما يقود إلى أبشع الكوارث حين تنتشر البلبلة، فينهار الاقتصاد، وتنتشر الفوضى!
الإعلامُ في زمن الكوارث يختلف عن الإعلام في زمن الاستقرار، فالإعلام في زمن الكوارث ليس ناقلا محايدا كما يحدث غالبا في زمن الرفاه، والسلم، بل هو إعلام موجه، له رسالة وهدف مُحدد، يمكن اختصاره في مقولة:
(نقل الحقائق والمعلومات الضرورية، مع التوجيه، والترشيد، والتقويم، دون إثارة الرعب والبلبلة).
لتحقيق هذه المقولة يجب أن يتوفر في إعلام الطوارئ المطلوبات الآتية:
استحداث لجنة إعلامية وطنية مكونة من الجهات الإعلامية الرسمية، ومن وسائل الإعلام المختلفة، ومن استشاريين في مجال الرأي والإعلام من المختصين وذوي الخبرة، ومن الجمعيات والمؤسسات غير الحكومية، بحيث تنبثق عن الجميع خلية تتولى توزيع الرسالة الإعلامية المطلوبة على كل وسائل الإعلام.
ومن أبرز المطلوبات في أوقات الأزمات، تشجيع العمل التطوعي الشعبي المنظم، مثل التطوع في مجال النظافة، حفظ الأمن، توزيع المؤن والأدوية على المحتاجين، مع الاستعانة بالجمعيات المختصة بالنساء لغرض ترشيد الاستهلاك في مجالات الماء والغذاء!
العمل على استحدث برامج للتعليم عن بعد، ودمج المتطوعين للمساهمة في تعليم الأبناء خارج الفصول الدراسية التقليدية، أي في المنزل، وإعداد الآباء ليكونوا معلمين للأبناء، باستخدام البرامج الرقمية.
أخيراً فإن الشهادات المعتمدة عالمياً ستكون هي الشهادات الرقمية، مثل شهادة التوفل باللغة الإنجليزية، وشهادة، دلف باللغة الفرنسية، أما شهادات المدارس والجامعات التقليدية، ستصبح أوراقا تُعلق في بيوت الدول النائمة!