ضرب عصفورين بحجر واحد
أخر الأخبار

ضرب عصفورين بحجر واحد..!!

 فلسطين اليوم -

ضرب عصفورين بحجر واحد

حسن خضر
بقلم : حسن خضر

قلنا إن «الضم» يتجلى على خلفية، وفي سياق، تنافس ثلاث قوى إقليمية صاعدة هي إسرائيل، وتركيا، وإيران، على الأرض والنفوذ في الشرق الأوسط، وعلى أنقاض جثّة تحللت اسمها العالم العربي.
عالم قتلته القومية الدينية، والبداوة، والدكتاتورية، والأخيرة، في آخر تجلياتها، تشتغل سعيدة عند ممالك النفط ومشيخاته، التي تشتغل، بدورها، وكيلاً محلياً، في الباطن والظاهر، لسادة الإقليم الجدد.
ولو عاد شكسبير إلى الحياة، في هذا الزمن الأغبر، لجاء «تاجر البندقية»، شايلوك، في ثوبه الجديد، إلى خشبة المسرح، من ممالك الصحراء.

وإذ نتقدّم خطوة إضافية، فإن «الضم» يصبح قابلاً للفهم على خلفية، وفي سياق، محاولة إسرائيل حسم نتائج حرب العام 1967 مرّة واحد ونهائية. فعلى امتداد ثلاثة وخمسين عاماً مضت لم يكف الإسرائيليون عن التفكير في سؤال «ماذا نفعل بقطاع غزة، والضفة الغربية، بما فيها القدس؟» ولنلاحظ أن هذا السؤال يُطرح في سياق إدراك الإسرائيليين، وفي وقت مبكّر، ومنذ طرح العرب شعار «إزالة آثار العدوان» أن حرب 67 هي التي حسمت نتائج حرب العام 1948.

ففي حرب 1948 تجاوز الإسرائيليون الحدود المرسومة للدولة اليهودية، حسب قرار التقسيم، واستولوا على أرض تخص الدولة العربية، حسب القرار نفسه، وطردوا الفلسطينيين من مناطق الدولتين اليهودية والعربية.
موضوع الطرد والتطهير العرقي وثّقه إيلان بابي، وغيره. وموضوع تمتع فلسطين بصفة دولة، في القانون الدولي، في ظل الانتداب، وأن التقسيم، واحتلال أجزاء منها في حربي 1948، و1967، لا يُلغي وجودها كدولة بالمعنى القانوني، ولا يُسقط حق مواطنيها في إنشاء دولة لهم على أجزاء منها، ولا يُسقط الحق في ما تبقى منها. هذا كله وثّقه أستاذ القانون، جون كويغلي.

على أي حال، من غير المفهوم لماذا سقط موضوع «الدولة العربية» حسب قرار التقسيم من مفاوضات لاحقة مع الإسرائيليين، ولماذا سقط موضوع «الدولة اليهودية»، حسب القرار نفسه، في معرض الرد على مطالبة الإسرائيليين للفلسطينيين بالاعتراف بالدولة اليهودية كشرط مُسبق للتفاوض على «دولة» فلسطينية.

وما تجدر ملاحظته أن أراضي الدولة «العربية» التي استولى عليها الإسرائيليون في حرب 1948، لم تعرف سوى التعاونيات الزراعية، ومهاجع المهاجرين (معبروت) المؤقتة، ولم تُضخ فيها استثمارات كبيرة، ولم تعرف صناعات ثقيلة وبنى تحتية متطوّرة في الفترة ما بين 1948 -1967، ففي مكان ما من عقول صنّاع القرار في الدولة الإسرائيلية الناشئة، كانت تلك مناطق «غير محسومة» تماماً.
وهذا كله تغيّر بعد حرب 67 بطبيعة الحال. وضع هذا كله في الحسبان ضروري لفهم المقصود بحسم نتائج 67.

وقبل الكلام في كيف «فكّر» الإسرائيليون في اليوم التالي، أي بعد احتلال كل ما تبقى من فلسطين الانتدابية، إضافة إلى سيناء المصرية والجولان السورية، ثمة ما يبرر وضع «تفكيرهم» في سياق تفكير مشروع الدولة اليهودية في نفسه، والنقاشات، والخلافات، والتصوّرات، والاستيهامات، التي تحوّلت مع الوقت، وبالتراكم، إلى بطانة أيديولوجية للمشروع.

فالنقاش حول «ماذا نفعل بقطاع غزة والضفة الغربية» لم ينشأ من فراغ بل أعاد واستعاد سجالاً أيديولوجيا مريراً كان في صميم انشقاق الحركة الصهيونية، في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.
وهذا، أيضاً، وثّقه آفي شلايم في «الجدار الحديدي». المهم، تمحور السجال حول جوابين مختلفين رداً على سؤال واحد: «أرض إسرائيل أصغر ويهود أكثر، أم أرض إسرائيل أكبر ويهود أقل؟».

لا يتسع المجال، هنا، للخوض في تشعّبات كثيرة. والمهم، أن صاحب الجواب الأوّل، القائل باقتسام الأرض، لا يصدر في موقفه هذا عن حساسية إزاء الشرعية الدولية، وعن اعتراف بحقوق للفلسطينيين، ولا يُكفّر عن ذنب السلب والاقتلاع، بل يصدر عن خوف من فقدان اليهود، على مساحة واسعة من الأرض، مكان ومكانة الأغلبية.

أما صاحب الجواب الثاني فيبنى كل استراتيجيته، مقابل الحصول على أكبر مساحة ممكنة من الأرض، على قاعدة «لا وجود لحل دائم، فأفضل حل دائم هو المؤقت»، في انتظار الريح المواتية لتغيير ترتيبات المؤقت بترتيبات مؤقت جديد بمزايا أفضل. ولعل هذا ما اختزله موشي آرنس (كان من أفضل أدمغة الليكود) في «ما لا تستطيع فعله اليوم قد يصبح ممكناً في يوم آخر».

وطالما وصلنا إلى آرنس (الذي كان أحد اثنين أخذا بيد نتنياهو في حقل السياسة الإسرائيلية)، تجدر الملاحظة أن ربيبه نتنياهو، الذي يقود، اليوم، مشروع «الضم» بحماسة شبه توراتية، ينحدر من عائلة انحازت إلى جابوتنسكي، واليمين الصهيوني المتشدد، وعارضت قرار التقسيم، واتفاقيات السلام مع مصر والأردن، والمفاوضات مع منظمة التحرير، واتفاق أوسلو. وكانت دائماً من أنصار الجواب الثاني. وقد جاء صعود نتنياهو في أواسط التسعينيات لقيادة اليمين في الحرب على أوسلو، وعلى اسحق رابين، رئيس الوزراء الذي وقّع على أوسلو، ووقع قتيلاً برصاص عضو في معسكر اليمين الديني ـ القومي في إسرائيل.

وبهذا المعنى، يصح الكلام عن تضافر عاملين في مشروع «الضم»، وضرب عصفورين بحجر واحد: حسم نتائج حرب 67 في فلسطين من ناحية، وحسم سجال تاريخي، يغطي قرابة قرن من الزمان، بين جناحي الحركة الصهيونية بشأن العلاقة الوجودية بين نسبة اليهود ومساحة الدولة اليهودية، في فلسطين، من ناحية ثانية. وفي الحالتين، يتوّهم نتنياهو أن الظروف الموضوعية، في الإقليم والعالم، وضعت على عاتقه، وعاتق هذا الجيل من الإسرائيليين، مسؤولية استغلال فرصة تاريخية قد «لا تتكرر». وقد استخدم هذه العبارة في أكثر من مناسبة. ولنا عودة.

قد يهمك  أيضا :  

من صاحب عقارات إلى علامة..!!

   ويسألونك عن «الضم»..!!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضرب عصفورين بحجر واحد ضرب عصفورين بحجر واحد



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

أناقة ياسمين صبري على الشاطئ من الأبيض الكلاسيكي إلى الألوان المبهجة وجولات الموضة لا تتوقف

القاهرة ـ فلسطين اليوم
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 21:11 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

استطلاع يؤكد رغبة جمهور سنغافورة في استمرار فورمولا1

GMT 00:11 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

كيف توسّع المكعبات خيال الطفل؟

GMT 05:25 2016 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أفكار لتوفير المساحة في الشقق عن طريق الأثاث

GMT 21:48 2015 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفلامنكو "الطريق المفتوح" في دار الأوبرا الأحد

GMT 10:22 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جولة لتوعية مزارعي وادي بيضان بطرق الزراعة

GMT 07:34 2016 الأحد ,25 أيلول / سبتمبر

خلطة الجرجير والروزماري المطحون لتساقط الشعر

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday