ويسألونك عن «الضم»
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

ويسألونك عن «الضم»..!!

 فلسطين اليوم -

ويسألونك عن «الضم»

حسن خضر
بقلم : حسن خضر

الكل يتكلّم عن «الضم»، طبعاً. ولكن أسوأ ما في الأمر أن تقاليد الكلام بين الفلسطينيين، على الأقل (ثمة تنويعات أكثر بين العرب، وإن تكن مُضلّلِة تماماً) في الموضوع الإسرائيلي، عموماً، وما يتصل به، ويتفرّع عنه، لا تسمح بتوسيع البيكار، وتفشل في التمييز بين السياسة والأخلاق، وبين السياسة والأيديولوجيا، وغالباً ما تقع بقدر مُدهش من المازوشية في غواية العلاقة بالواقع على طريقة «أشبعتهم شتماً وفازوا بالإبل».

لذا، لا فائدة من «طحن الماء»، وإعادة التذكير بالنوايا التوسعية للصهيونية، وعدوانية إسرائيل، وانتهاك القانون والشرعية الدوليين. ناهيك، طبعاً، عن تحويل ما جاء في نشرة أخبار التلفزيون إلى براعة مُلفقة ومُفتعلة في «التحليل». والأسوأ من هذا كله النزعة السنتمنتالية المُفرطة، والرائجة تماماً، في قصائد رديئة.

والحري بنا بدلاً من هذا كله إعادة الاعتبار إلى لغة حركات التحرر القومي، والكفاح ضد الكولونيالية، وإلى مفردات كالرأسمالية، والصراع الطبقي، والتقدّم والرجعيّة، أي كل ما طرده صعود سياسات الهوية، والإسلام السياسي، والقومية السنيّة، والليبرالية الجديدة في صيغتها العربية ـ الإسلامية المُخلجنة، من التداول. ولا بأس في سياق كهذا من التذكير بحقيقة أن الفلسطيني هو الذي سيضحك، أخيراً، في حرب المائة عام المُقبلة.

هذه مفاهيم وعلامات استرشاد، وليست «التحليل» نفسه. فلا معنى «للتحليل» في هذا الأمر، وفي كل أمر آخر، بعيداً عمّا يحدث الآن، وهنا، في الإقليم والعالم، وفي معزل عن ضوابط وحقائق الجغرافيا السياسية، بل وحتى «الطارئ» كالكوارث الطبيعية، مثلاً، وما يدخل في حكمها، وهذا ما تعيشه البشرية، فعلاً، في زمن الكورونا اللعين هذا.

ولنقل إن ثمة مداخل كثيرة للكلام عن، والتفكير في، موضوع «الضم»، ولعل أبرزها، في معالجة اليوم، قراءة الموضوع، وما يتصل به، ويتفرّع عنه، على خلفية فراغ القوّة في الشرق الأوسط. فالخطوط الحمر، ومراكز الثقل، والمناطق الرمادية، ذات الصلة بالأمن في الإقليم، وتداعياته الدولية، كما تبلورت في زمن الحرب الباردة، سقطت.

كما قوّض السلام الإمبراطوري Pax Americana الذي سعت الولايات المتحدة إلى فرضه على العالم العربي، وفي الإقليم، عبر سلسلة من الحروب الكارثية منذ حرب الخليج الأولى، دعائم وتقاليد الأمن الإقليمي، وأدخل المنطقة في حالة سيولة كاملة، وانعدام وزن، بلا أرض صلبة، تقف عليها أنظمة وشعوب، حتى لالتقاط الأنفاس.

وفي التحليل الأوّل والأخير، وبقدر ما يتعلّق الأمر بمركز القوّة: السعودية ليست مصر، وما يصدق على إيران وتركيا في تاريخ وحسابات، و»عواطف» المنطقة لا يصدق على إسرائيل، والقومية الدينية لا تصلح بديلاً للقومية العربية، ناهيك عن حقيقة أن الأولى نشأت، مع سابق إصرار وترصّد، للقضاء على الثانية. وبالمناسبة، ثمة ما يصلح وسيلة إيضاح هنا:

كثر الكلام، في السنوات القليلة الماضية، خاصة في مصر، عن حروب «الجيل الرابع»، وفي حالات كثيرة يبدو أن المتكلّمين لم يدركوا بعد أن الحرب بدأت هناك في دولة «العلم والإيمان» مع بنك فيصل الإسلامي، وشركات الريّان للصرافة، و»دلة البركة». الخ. هذا النوع من الحروب يستغرق فترة طويلة، ولا ينحصر في سلاح بعينه، ولا يعني، أو يستهدف (خلافاً للشائع) إسقاط الدولة، بل تغيير التاريخ والقيم، وتحويل الدولة إلى ضامن للتغيير.

على أي حال، ومع القفز على تداعيات وتفاصيل كثيرة: نشأ في عملية تاريخية عنوانها خروج مصر، وتهشيم الثِقلين العراقي والسوري، وما يتصل بهذا وذاك من تداعيات الربيع العربي، والثورة المضادة، فراغ للقوّة في الإقليم. وبما أن قوانين وإكراهات الجغرافيا السياسية، كقوانين الطبيعة نفسها، لا تعرف ولا تعترف بالفراغ، كان لا بد من صعود طامحين إلى ملء الفراغ، وممارسة دور القوّة الإقليمية.
وما شجّع الطامحين أن السيد الأميركي، بعد سلسلة حروب، وسلام وهندسة فاشلين، أُصيب «بالضجر»، و»اليأس» (كالعادة) من إمكانية نجاح شيء ما في هذا الجزء من العالم، ناهيك عن نشوء تحديات استراتيجية وجودية في مناطق أُخرى، لذا أصبح معنياً أكثر بحصر الخسائر، وجبر الأضرار، والتنازل عن مقعد القيادة الأمامي لآخرين، حسب تعبير أوباما في الحرب على ليبيا.

ولكن السيد الأميركي لا يخرج من الشرق الأوسط، هذه المرّة، بطوّافة على سطح بناية كما فعل في سايغون، بعد هزيمة مُهينة في حرب التحرير الفيتنامية (المجيدة، ولم لا) بل يبقى ويُبقي نفوذه وإن يكن مع تقليص الانخراط المباشر، أو حصره في عمليات رمزية، علاوة على «ترقية» عملاء محليين إلى وكلاء في الإقليم بترتيبات أمنية وسياسية معيّنة. وبهذا المعنى تتجلى صور كبار اللاعبين، وصورة التركة.

كبار اللاعبين: إسرائيل، وتركيا وإيران. يتكالب هؤلاء، الآن، على اقتسام مناطق النفوذ، وحتى الأراضي والثروات، في عالم عربي مُستباح يشبه ما كان عليه الحال بعد الحرب العالمية الأولى. لا يملك الأتراك والإيرانيون التمدد في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، في آسيا الوسطى، فروسيا بالمرصاد، رغم أن أغلب الشعوب هناك من أصول وثقافات، وذاكرة تاريخية، وثيقة الصلة بتركيا وإيران. لذا، مجالهم الحيوي هو العالم العربي، مع ملاحظة خيبة أمل السيد الأميركي في الأتراك، وكراهيته للإيرانيين.

وتبقى إسرائيل، حبيبة الأميركيين، التي بدأت بوعد على ورقة قبل مائة وثلاثة أعوام، وتتصرف هذه الأيام كقوّة إقليمية صاحبة رأي وحق في تقرير مصير وأمن وسياسات الإقليم. ومع هذا كله في الذهن: ما معنى «الضم» الذي حرصنا على وضعه بين مزدوجين، أين موقعه من الإعراب؟ ولماذا الآن؟ لنا عودة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ويسألونك عن «الضم» ويسألونك عن «الضم»



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday