عن وباء يحتوي العالم
آخر تحديث GMT 18:50:45
 فلسطين اليوم -

عن وباء يحتوي العالم

 فلسطين اليوم -

عن وباء يحتوي العالم

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

عندما راح فيروس كورونا ينهش إيطاليا لأسابيع دون أن تتلقى مساعدة من جيرانها وكأنها يتيم أوروبي مهمل ومتروك على قارعة طريق الاتحاد الأوروبي، ذلك الحلم الديغولي الذي بدأ ينهار منذ خروج بريطانيا. في نفس الوقت، كانت الولايات المتحدة، والدول الأوروبية الجارة لإيطاليا – فرنسا، بريطانيا، ألمانيا - تتعامل مع الكارثة الإيطالية، بلا مبالاة، وعدم اكتراث، وكان ذلك صادما، ومفاجئا، ومحيرا، وكأن الحريق لا يحدث في أحد غرف المنزل، أو في حديقته الخلفية.

وكان ذلك قبل أن ينتقل الحريق نفسه، إلى بريطانيا، وفرنسا، موقعا آلاف الوفيات يوميا، ويقتحم الولايات المتحدة، التي سجلت أعلى رقم وفيات، تجاوزت 20 ألفا وهي أعلى حصيلة يتم تسجيلها في العالم، وليضطر الرئيس الأميركي، دونالد ترامب - الذي تعامل مع وباء "كورونا" منذ بدايته بغطرسة، وكأنه خلية إرهابية، سيسهل على الولايات المتحدة الدولة التي لا تقهر الفتك بها - ولأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة إلى إعلان 50 ولاية أميركية، تحت حالة الكوارث وليس تحت حالة الطوارئ، وبعد أن تجاوزت الإصابات بـ"كورونا" نصف مليون في أرجاء الولايات المتحدة، وتنفرد ولاية نيويورك وحدها بـ160 ألف إصابة بالفيروس.

كيف استطاع فيروس غير مرئي، شل الولايات المتحدة وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا، ودفع أنظمتها الصحية إلى الانهيار، إلى حد أن يصبح الأطباء في إيطاليا وإسبانيا، والولايات المتحدة، مضطرين إلى اختيار "من يموت ومن يعيش"، بسبب نقص الأجهزة الطبية! لقد كشف وباء "كورونا" عن هشاشة النظام الصحي في العديد من الدول المتقدمة التي كان يضرب فيها المثل، ولكن الصدمة كانت، في التقارير الواردة من الولايات المتحدة وبريطاني عن عدم توفر الكمامات الطبية، ولجوء الأطباء الأميركيين المكلفين بتوفير الرعاية الطبية لمرضى "كورونا"، لارتداء الأكياس البلاستيكية الخاصة بالنفايات،  ونظارات التزحلق على الجليد، للوقاية الشخصية من "كورونا"، بسبب قلة الأطقم والملابس الطبية المخصصة لذلك

وهل يعقل أن تتلكأ الولايات المتحدة وأوروبا، في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة "كورونا" إلى وقت قريب!، رغم سيل  الأخبار والأرقام الصادمة القادمة من الصين عنه، وتبقي على الحياة اليومية والاقتصادية كما هي، وعلى المصانع والشركات والمؤسسات التجارية والحكومية مفتوحة، كأن لا شي يحدث في العالم، ولا خطر قادما، ولسنا في عصر العولمة، التي كل شيء فيه ينتقل بسرعة البرق، غير آبه بالحدود الجغرافية الشاسعة، وفي انكشاف فاضح، بأن أهمية الاقتصاد لدى تلك الدول المتقدمة، تفوق بكثير أهمية الإنسان، رغم كل ما يقال عن قداسة الإنسان في تلك الدول؟.

وهل يعقل أن دولة مثل فلسطين، تبادر في اتخاذ الإجراءات، والتدابير، لمكافحة انتشار "كورونا"، منذ اللحظة الأولى لاستشعار الخطر، والذهاب إلى إعلان حالة الطوارئ، وغلق شامل للبلد، رغم ما رافق ذلك من خسائر فادحة للاقتصاد، متفوقة بذلك على كثير من البلدان المتطورة!. وهل أن البشرية، وأمام ما يشبه الثبات النسبي لأرقام الضحايا، وأمام ما يشبه المفاضلة بين خطر موت المجتمع، أو التعايش مع المرض بما يعني العودة للحياة الطبيعية والاقتصادية مع دفع ثمن كبير لذلك، ستختار البشرية العودة  للحياة أم ستتردد كثيراً في ذلك؟

وتبقى علامة الاستفهام الأكبر؟ حول لماذا يتفشى فيروس كورونا بالدول الغربية المتقدمة بهذه السرعة ويحصد آلاف الضحايا يومياً، بينما انتشاره وتأثيره أقل بكثير في العالم الثالث، بما في ذلك العالم العربي الملاصق لأوروبا؟ ولماذا تعاني إيطاليا وإسبانيا من الوباء القاتل، بينما العالم العربي القريب يتقدم فيه الفيروس ببطء؟، وحتى لو كانت هناك حالات لم تكتشف، بسبب عدم وجود نظام مختبري لفحص الفيروس على نطاق واسع، أو لم يعلن عنها، فيفترض أنه مع الوقت لو انتشر الفيروس بأي دولة عربية بنفس المعدل في إيطاليا والولايات المتحدة فإن الأمر سيكشف سريعاً.

كما أن دول المغرب العربي ومصر قريبة من إيطاليا ولديها علاقات وثيقة وجاليات كبيرة هناك. لقد شكل هذا التفاوت الرسمي بين انتشار الفيروس وقوة تأثيره في أوروبا والولايات المتحدة من جهة والعالم الثالث بما فيه العالم العربي من جهة أخرى محفزاً للعلماء لدراسة السر وراء ذلك !. وحسب بعض العلماء قد يكون لقاح قديم ضد السل عمره 100 عام السبب وراء الفارق الكبير بين انتشاره في العالمين المتقدم والثالث.
لقد بدأت مؤسسات علمية في العديد من دول العالم اختباراً على لقاح يستخدم لتطعيم الأطفال ضد السلّ وأمراض أخرى لاختبار قدرته على التخفيف من انتشار وشدة أعراض كورونا.

 ولقاح BCG هو لقاح بكتيري موجود منذ ما يقرب من قرن، وهو واحد من أكثر اللقاحات الحالية استخداماً، وله تأثير وقائي موثق ضد التهاب السحايا وانتشار السل لدى الأطفال، ويوفر حماية واسعة للالتهابات التنفسية. لن تنتهي الأسئلة، ولا عملية وضع علامات استفهام حول وباء "كورونا"، ويبدو أن العلماء، لن يتمكنوا من إيجاد إجابات نهائية، حول كيفية مكافحة "كورونا"، في المنظور القريب، وتبقى حاليا جميع الإجابات الطبية، أشبه بالمقاربات أو التكهنات غير القاطعة، أو بإدارة الأزمة في أحسن الأحوال.

قد يهمك أيضا  :  

  فيروس كورونا ونظرية المؤامرة

عن مناعة القطيع !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن وباء يحتوي العالم عن وباء يحتوي العالم



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday