مقتدى الصدر  رجل التناقضات
آخر تحديث GMT 18:41:05
 فلسطين اليوم -

مقتدى الصدر .. رجل التناقضات

 فلسطين اليوم -

مقتدى الصدر  رجل التناقضات

عبير بشير
بقلم :عبير بشير

زعيم شيعي عراقي نادى بحل الحشد الشعبي الشيعي في العراق، وطالب بشار الأسد بالتنحي، وزار السعودية التي وصفها بالـ «الأب» رغم علاقاته الوثيقة مع إيران، وهو بيضة القبان في المشهد العراقي، إنه مقتدى الصدر رجل المفاجآت، والتناقضات، والانقلابات، والذي انقلب أخيراً على الانتفاضة العراقية، بعدما كان الراعي الأبوي لها، في

الفضاء الشيعي العراقي، وذلك بعد خروج جمهوره من الساحات، وقيامه بحرق خيام المتظاهرين. ومقتدى الصدر، هو نجل محمد صادق الصدر أبرز رجال الدين الشيعة المعارضين لصدام حسين، والذي قتله نظام صدام عام 1999. وهو أحد الشخصيات التي لعبت دورا محوريا في إعادة بناء النظام السياسي   بعد سقوط نظام صدام، ويتمتع

بشعبية واسعة في أوساط فقراء الشيعة، خصوصا في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية الكبيرة في بغداد. ويمتلك الصدر أجنحةً عسكرية ممثلة في كتيبة «سرايا السلام» أو «جيش المهدي»، الذي شارك في القتال ضد الوجود الأميركي للعراق عام 2003، ثم انخرطت ميليشياته ضمن قوات «الحشد الشعبي» في القتال ضد «داعش».

ويطرح المعمم- مقتدى الصدر- نفسه راعياً للإصلاح في بلد يحتل المرتبة 16 في لائحة الدول الأكثر فساداً في العالم، على الرغم من أن الصدريين هم جزء لا يتجزأ من الطبقة السياسية في عراق ما بعد صدام حسين، وكانوا دائمي الحضور، في المناصب الوزارية والعامة. ورغم أن الصدر كان عراب حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة، لكن

موجة الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 480 شخصاً، دفعت بالصدر الذي يتزعم ائتلاف «سائرون» الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة مع 54 مقعداً في البرلمان، لوضع ثقله لدعم الانتفاضة التي تمكنت في ذروة صعود الوطنية العراقية ونضوج مفهوم الدولة في الوعي الجماعي الشيعي، من فرض شروطها على الطبقة

السياسية التي فشلت في مهمتين، الأولى محاولة إخمادها، والثانية في أن تكون جزءاً منها. وقام مقتدى الصدر بقلب الطاولة على حكومة عادل عبد المهدي، بتبنيه إجراء انتخابات مبكرة تحت إشراف أممي، وتشكيل حكومة دستورية، وصولاً إلى إجبار حكومة عبد المهدي على تقديم استقالتها، بضغط من الشارع العراقي.

وضمن مسلسل التقلبات الأخير، لم يجد الصدر سوى استحضار ما أسماه بـ «القواعد السماوية والعقلية» لتبرير انقلابه على المتظاهرين العراقيين بحجة «إرجاع الثورة إلى انضباطها وسلميتها»، وقال الصدر في تغريدة له «إنه وفقاً للقواعد السماوية والعقلية لا بد من إرجاع الثورة إلى انضباطها وسلميتها»، وطالب أصحاب «القبعات الزرق»-

أنصاره- بالتنسيق مع القوات الأمنية لفتح الطرقات المغلقة منذ عدة أشهر بسبب الاعتصامات والاحتجاجات، ومعاقبة كل من يعرقل دوام المدارس والشركات، في إشارة فهمها المتظاهرون أنها إذن منه لمهاجمة التظاهرات. واعتبرت اللجنة التنسيقية للتظاهرات في العراق، بأن الصدر غدر بهم، وخان الأحرار. وانتقلت المواجهات بين أنصار الصدر

والمتظاهرين العراقيين، إلى مدينة كربلاء في تكرار لما حصل في مدينة النجف، عندما حاول مناصرو الصدر إحراق الخيام في ساحات الاعتصام، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح. لقد أدت استدارة الصدر المفاجِئة إلى قطيعة شبه كاملة مع الانتفاضة العراقية، بعدما عجز أو لم يعد يرغب في التماهي مع حركة إصلاحية شعبية

بطبيعة ثورية ترفع شعارات القطيعة مع مرحلة ما بعد صدام حسين، وتطالب بالسيادة الوطنية الكاملة وإصلاح شامل للعملية السياسية. انقلاب الصدر على الانتفاضة العراقية، أدخلها البعض في إطار تقويض الاحتجاجات الشعبية بعد تكليف محمد توفيق علاوي تشكيل الحكومة الجديدة، الذي جاء إلى رئاسة الحكومة حلاً وخياراً لأحزابٍ عراقية كثيرة

باتت تشعر أن ضغط الشارع وثورته ستطيح بمكاسبها، وبعد الضربة الكبيرة التي تلقتها إيران، باغتيال قاسم سليماني، ومن هنا كان تكليف محمد كوثراني مسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني، ليقوم بمهمة فرض مرشح تقبل به إيران، حتى لو لم يكن مرشحها المفضل. ولم تُخفِ الصحف الإيرانية احتفاءها بتكليف علاوي، معتبرةً أنه نجاح لاتفاق سياسي بين كتلة «سائرون» التي يترأسها الصدر مع كتلة «الفتح» التي يقودها زعيم تنظيم بدر وأحد قادة الحشد الشعبي هادي العامري. لكن الساحات العراقية المنتفضة، رفضت تكليف علاوي كونه أحد الفاعلين في العملية السياسية منذ 2003، وامتداداً للطبقة السياسية التي يطالبون بتغييرها وعزلها عن التحكم في العراق، فقد كان وزيراً

للاتصالات في عهد رئيس الحكومة الأسبق، نوري المالكي، وهو عضو في البرلمان، وحزبيٌّ عمل ضمن كوادر حزب الدعوة لسنوات طويلة. لكن نظرة أعمق للموضوع، تقودنا إلى استنتاج آخر غير أن الزعيم الشيعي يمارس نوعاً من اللعبة السياسية المزدوجة وخلط الأوراق في العراق، تقوم على دعم النقيضين : القوى السياسية،

والمتظاهرين، وخصوصاً أنه بعد اغتيال أميركا في بغداد قائدَ فيلق القدس الإيراني سليماني، كان للصدر موقف متشدد ضد واشنطن، وكان أول الساعين للمطالبة بإنهاء الوجود الأميركي في البلاد عبر تظاهرة ضخمة نظمها في العاصمة. فطهران والمرشد الأعلى علي خامنئي ربما يخططان إلى تعويض النزيف الذي حدث في الحضور

الإيراني في العراق، عقب اندلاع الثورة الشعبية، وذلك بتبني صفقة مع مقتدى الصدر – الزعيم الذي يحظى بدعم الحواضن الشعبية العراقية – وتقوم الصفقة على وعد من المرشد بأن يكون مقتدى أو أحد رجاله الصدريين، رئيس الوزراء القادم بعد توفيق علاوي، مقابل أن يقوم الصدر بالتخلي عن الانتفاضة الشعبية، ووضع يده بيد إيران.

قد يهمك أيضا :  

حسان دياب في السراي الحكومي

بريطانيا تودع الاتحاد الأوروبي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقتدى الصدر  رجل التناقضات مقتدى الصدر  رجل التناقضات



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday