عن تصفية هشام الهاشمي
أخر الأخبار

عن تصفية هشام الهاشمي

 فلسطين اليوم -

عن تصفية هشام الهاشمي

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

تأكدت الانقسامات العراقية: بعرف المحاصصة الذي جاء به الاحتلال «شيعة، سنة، كرد، تركمان، أقليات»، والأحزاب المسيطرة «الشيعية، السنية، الكردية، التركمانية..» التي أرادت تأكيد مكاسبها عبر الانقسام، والأحزاب الدينية التي استبدلت التنافس الحزبي بالطائفة.

هذا ما كتبه المحلل السياسي العراقي هشام الهاشمي قبل ساعة فقط من اغتياله أمام منزله، وسط بغداد قبل أيام. الخبر الفاجع هز العراق، فالهاشمي كان أفضل المحللين فيما يتعلق بالجانب الأمني. وكان من أقوى الأصوات العراقية ضد الإرهاب، إرهاب داعش وإرهاب الميليشيات، وخصوصاً ما صار يُسمى في العراق بالميليشيات الولائية التي دأبت على التعامل مع الحكومة بطريقتين؛ فهي جزء من الحكومة حين يتعلق الأمر برواتب منتسبيها، وهي ليست كذلك حين تقوم بتنفيذ عملياتها الخاصة المرتبطة بشكل مباشر بإملاءات تصدر عن الحرس الثوري.

والواضح أن الهاشمي دفع أخيراً ثمن أنشطته الإعلامية والبحثية التي أسهمت بشجاعة في تسليط الأضواء على شبكات المليشيات، وفي فضح خضوع الدولة العراقية ومعظم أجهزتها السياسية والأمنية لابتزاز الميليشيات والمجموعات المسلحة التي تأتمر بدولة عسكرية ومذهبية عميقة فوق الدولة.

وتبدو عملية اغتيال الهاشمي، في ظاهرها، جواباً على العملية التي ألقت الحكومة العراقية من خلالها القبض على عدد من مقاتلي «كتائب حزب الله» العراقي المعروفة «بخلية الكاتيوشا»، التي كانت تتجهز لتنفيذ عمليات قصف في المنطقة الخضراء وداهمتها القوى الأمنية العراقية بأمر من رئيس الوزراء الكاظمي، أواخر حزيران الماضي. وعلى ما يبدو فهناك صلة وثيقة بين العملية، والمعلومات التي دأب الهاشمي كشفها عن خلايا كتائب حزب الله، وخط سيرها.

لكن القتلة الذين وجهوا رصاصهم إلى جسد هشام، كانوا يستهدفون حقيقة رأس رئيس الوزراء، فقد أصبح الكاظمي في مرمى القناصة، الذين حذروه من مغبة مد يده على سلاحهم ومكاسبهم وغنائمهم. فاغتيال هشام الهاشمي في هذا المنعطف الخطير من تاريخ العراق، هو أعنف رسالة توجه إلى الكاظمي منذ تسلمه رئاسة الوزراء، تطال دائرته الضيقة والمقربين منه، وتحاول إسكاتهم أو إخضاعهم بهدف إيقافه ومنعه من تنفيذ وعوده بمحاربة العصابات المسلحة، وتجريده من الكفاءات الوطنية المحيطة به التي بنت تجربتها خارج السياقات السياسية، كما كانت جزءاً من انتفاضة تشرين الأول وتبنت مطالبها.

وما قاله زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي في الرسالة التي وجهها إلى مصطفى الكاظمي بعد العملية الأمنية ضد ميليشيا «الكاتيوشا»، تُعبر بوضوح عن مطالب هذه الجماعات المسلحة، التي تحصر دور هذه الحكومة في إخراجهم من المأزق الاقتصادي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للميليشيات.

وهذا يعني، أن هناك من يتعامل مع موقع رئيس الوزراء على أنه مدير تنفيذي لشركة خاصة، تم تعيينه من قبل أطراف تمتلك أسهماً في شركة تجارية، ولا يحق لمديرها إلا تنفيذ ما اتفقوا عليه. وفي حين يطلب المساهمون الذين يريدون من المدير الجديد أن يعالج أزمة شركتهم وإفلاسها من دون المساس بامتيازاتهم.

لقد دفع الهاشمي الثمن، ليس فقط لأنه كان قريباً من الكاظمي فحسب، بل لأنه كان يعرف الكثير من التفاصيل عن كل ما له علاقة بالأدوات الإيرانية في العراق وغير العراق.
لقد وضع اغتيال الهاشمي، مصطفى الكاظمي، أمام خيار صعب.

فهو إن هادن الميليشيات المتطرفة كسباً للوقت، خسر الحرب ضد الميليشيات، وخسر مصداقيته أمام الشعب العراقي، وإن استعجل المواجهة، قد تندلع معركة من الصعب أن يسيطر على نتائجها، وخصوصاً أن العملية السياسية في العراق تعتمد على نظام برلماني مشتت بين الائتلافات والأحزاب، ولا يوجد لدى الكاظمي حزب سياسي يدعمه، على العكس تتشكل تحالفات سياسية تسعى للحد من جهوده، لذا يضطر لخلق موازنات سياسية للبقاء في السلطة وتمرير قرارات ضرورية. الموازنات تعني الحاجة للمساومات، لا محالة. وهذه المساومات تعرقل عجلة الإصلاح، وهي على حساب سيادة الدولة، كما أن الإصلاح يحتاج إلى تحالفات سياسية، والتحالفات السياسية تحتاج إلى مساومات، والمساومات تأتي على حساب الإصلاح، وهكذا يبقى العراق يدور في حلقة مفرغة.

وعلى أية حال، لم يكن المقصود من جريمة اغتيال هشام الهاشمي وسط بغداد التخلص من صوت كاتب وطني حر ينادي باستعادة هيبة الدولة وضبط واحتواء الميليشيات الإيرانية بسلاحها الفالت، بل كان المقصود وضع الحكومة العراقية التي يتزعمها لأول مرة منذ الاحتلال الأميركي رجل لا يحظى برضا إيراني أمام حائط أصم.

قد يهمك أيضا : 

 عن أزمة سد النهضة (1 من 2)

لا بديل عن حكومة حسان دياب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن تصفية هشام الهاشمي عن تصفية هشام الهاشمي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

الملكة رانيا تتألق بعباءة وردية مطرزة بلمسات تراثية تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ فلسطين اليوم
الإطلالات التراثية الأنيقة المزخرفة بالتطريزات الشرقية، جزء مهم من أزياء الملكة الأردنية رانيا ترسم بها هويتها في عالم الموضة. هذه الأزياء التراثية، تعبر عن حبها وولائها لوطنها، وتعكس الجانب التراثي والحرفي لأبناء وطنها وتقاليدهم ومهاراتهم في التطريز الشرقي. وفي احدث ظهور للملكة رانيا العبدالله خلال إفطار رمضاني، نجحت في اختيار إطلالة تناسب أجواء رمضان من خلال تألقها بعباءة بستايل شرقي تراثي، فنرصد تفاصيلها مع مجموعة من الأزياء التراثية الملهمة التي تناسب شهر رمضان الكريم. أحدث إطلالة للملكة رانيا بالعباءة الوردية المطرزة بلمسات تراثية ضمن اجواء رمضانية مميزة يملؤها التآلف، أطلت الملكة رانيا العبدالله في إفطار رمضاني، بعباءة مميزة باللون الوردي تميزت بطابعها التراثي الشرقي بنمط محتشم وأنيق. جاءت عباءتها بتصميم فضف�...المزيد

GMT 08:00 2025 السبت ,05 إبريل / نيسان

إدوارد يكشف سبب رفضه البطولة المطلقة
 فلسطين اليوم - إدوارد يكشف سبب رفضه البطولة المطلقة

GMT 08:03 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

لن يصلك شيء على طبق من فضة هذا الشهر

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 07:07 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء إيجابية ومهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 13:12 2018 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

جاستين بيبر يغنى للمارة في كندا عام 2007 قبل الشهرة

GMT 23:20 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السورى يستعيد قرية جب عوض وتلة الشيخ محمد

GMT 22:47 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد الأحمد سعيد بحصوله على جائزة عمر الشريف

GMT 17:08 2017 السبت ,07 كانون الثاني / يناير

كاظم الساهر يؤكد لمن يشوهون صورته سعيه لخدمة وطنه

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday