بقلم : عبير بشير
بعد توسع بؤرة تفشي فيروس كورونا وارتفاع ضحاياه، وتحوله إلى ما يشبه الوباء العالمي، ووجود نحو 300 مليون طالب محرومين من الدراسة حول العالم، بحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة «اليونسكو» التي تحدثت عن رقم غير مسبوق- حيث اضطرت 14 دولة إلى إغلاق مدارسها وجامعاتها، من بينها فلسطين ولبنان والسعودية، وشمال إيطاليا- وذلك في محاولة لوقف انتشار وباء «كوفيد – 19» الذي يثير هلعاً في العالم.
وبعد توجيه هذا الفيروس لكمة شديدة للاقتصاد العالمي، بسب تعطيله حركة السفر والسياحة، والمهرجانات والسينما والمباريات، وتعطل سلاسل التوريد في الصين وفي غيرها من الدول، ما تسبب في توقف الإنتاج، وأن تبدو شبكات التجارة أكثر هشاشة.
• بعد كل هذا، هل يمكننا أن ننساق حول التفسيرات والادعاءات الخاصة بانتشار هذا الفيروس والتي ذهبت إلى درجة المؤامرة، منها الادعاء بشأن هروب فيروس السارس عام 2004، عبر «التسرب» من أحد المختبرات العلمية في بكين، والذي أشعل الادعاءات الحديثة حول هروب السلالة الجديدة من فيروس «كورونا» من مختبر في ووهان، وأن هذا هو السبب في التفشي السريع للمرض. علاوة على الاتهام المباشر لشركات الأدوية العالمية كونها المستفيد من انتشار هذا الوباء.
• ولكن الأكثر لفتا للانتباه، هي نظرية المؤامرة، التي تقول بأن فيروس كورونا الجديد مصدره ليس طبيعياً وإنما تم تطويره في مختبرات لاستخدامه كسلاح بيولوجي، وتحديدا، بأن فيروس كورونا تم تصنيعه في معامل الأميركيين بغرض قتل المنافس الصيني، مادياً ومعنوياً وجيوسياسياً، ويقال لك، ألا تنظر إلى الخسائر التي ألمت بالتنين الصيني، بالمليارات.
وقد استشهد بتصريحات منسوبة إلى القائد السابق لحلف الناتو، جيمس ستافريديس، الذي تحدث عن أسلحة بيولوجية وأوبئة، يمكن أن تقضي على خُمس سكان الأرض.
كما فتح حديث الرئيس الأميركي دونالد ترامب في تجمعاته الانتخابيه، عن قرب إنتاج الولايات المتحدة للقاح ناجع ضد فيروس كورونا، شهية منصات التواصل الاجتماعي، للتأكيد على أن فيروس كورونا أنتج في المختبرات الأميركية، لقرص أذن التنين الصيني، وأنه حان الوقت لإخراج اللقاح أو الترياق من قبعة الساحر الأميركي، بعد إذعان الصين للشروط الاقتصادية الأميركية!
غير أن المراقبين يرون بأن تصريحات ترامب موجهة للناخب الأميركي والجمهور العام، بهدف طمأنته بأن كل شيء تحت السيطرة، وخصوصا بأن الأسواق والأسهم الأميركية، بدأت تتراجع وتهتز مع سقوط ضحايا في الولايات المتحدة نتيجة الفيروس، وهناك حالة هلع تلف الولايات الأميركية.
وهناك من يوجه أصابع الاتهام لترامب، في عدم جاهزية الولايات المتحدة لمكافحة وباء كورونا، وذلك لأن ترامب قضى فترة ولايته في تجريد الأجهزة الأميركية الوبائية من أدواتها، بمحاولات تقليص ميزانية «مركز السيطرة على الأمراض»، وفكك فرقاً كاملة من الخبراء.
ودفعت نظرية المؤامرة العلماء إلى دراسة بنية الفيروس بالتفصيل، وتوصلوا إلى أن كورونا هو تطور لفيروس آخر ولم يتم تحريره من قبل البشر أو الآلات، وإنه لا يوجد ما يوحي بأنه صناعة بشرية أو تكنولوجية.
• ووفقا لعالم الفيروسات الدكتور تريفور بيدفورد، فإن نظريات المؤامرة حول أصل فيروس كورونا الجديد لا تستند إلى حقائق علمية، حيث أتت طفرات الفيروس بتطور طبيعي، وليس فيه ما يشير إلى حدوث أي تغييرات غريبة أو غير متوقعة. وأضاف العالم الذي كان قد درس طبيعة فيروس «سارس2»، إنه لا يوجد شيء في فيروس كورونا المستجد يشير إلى أنه تمت هندسته وراثياً، وأن «الطفرات في الفيروس تتفق تماماً مع التطور الطبيعي»، حيث تتحور الفيروسات بشكل طبيعي مع مرور الوقت، وهي تتكيف وتتغير من أجل البقاء على قيد الحياة، ما قد يجعل من الصعب علاجها أو وقفها، وفق ما يقول العلماء. كما أن الاعتقاد السائد هو أن فيروس «كورونا» جاء من الخفافيش، حيث خلصت دراسة إلى أن الفيروس مطابق بنسبة 96% للفيروس الذي اكتشف في الخفافيش، ويعتقد أن حيوانا وسيطا آخر اصطاد الفيروس من الخفافيش ثم نشره لدى البشر في سوق للماشية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، ينتقل وباء «كوفيد-19»، عبر المجرى التنفسي بشكل رئيسي (من خلال اللعاب مثلا) وأيضاً من خلال الاتصال الجسدي وعبر لمس المساحات الملوثة بالفيروس التابع لعائلة «كورونا»، وينتمي للعائلة ذاتها فيروس «سارس.
ومع تداول الإشاعات التي تتحدث بأن طرود البريد، والأنسجة والملابس القادمة من الصين تشكل ناقلا للعدوى بفيروس كورونا، أكدت منظمة الصحة العالمية أن الفيروس لا يستطيع الحياة خارج الجسم، على أسطح مثل مظاريف الرسائل أو طرود البريد أو الملابس، إلا لفترة قصيرة للغاية تقل كثيرا عن الوقت اللازم لانتقال هذه الأشياء إلى المرسل إليهم في بلدان أخرى.
على أية حال، ليس العلماء البيولوجيون فقط من يدحض نظرية المؤامرة في تفسير تفشي فيروس كورونا.
فلأول مرة تأتي الشهادة من أعداء الولايات المتحدة، حيث تناولت صحيفة «كيهان» المقربة من المرشد الأعلى علي خامنئي، موضوع تفشي فيروس كورونا في إيران، بشكل مهني، بدلا من الحديث عن المؤامرة، وتحت عنوان «مؤامرة أم وهم» اعتبرت الصحيفة أن مخطط الاغتيال البيولوجي عن طريق كورونا غير علمي، حيث يؤكد العلماء أنه لا يوجد شيء في الفيروس يدل على أنه تم إعداده وهندسته، وتمريره من قبل البشر.
هذا الكلام جاء بخلاف ما درج عليه الإعلام الإيراني المقرب من الحرس الثوري، في الأسابيع الماضية، وهي أن كورونا سلاح بيولوجي أميركي، لضرب التنمية الاقتصادية الصينية، وضرب المقاومة في إيران!
قد يهمك أيضا :
إدلب آخر قطعة في الكعكة السورية
ملاحظات على هامش رحيل حسني مبارك