عن نظامنا البيئي الهش
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

عن نظامنا البيئي الهش

 فلسطين اليوم -

عن نظامنا البيئي الهش

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

مصانع مغلقة، شوارع خالية، وسيارات مركونة بعضها لأسابيع.. ومطارات مقفرة، بعدما كانت خلية نحل، يبدو مشهداً كئيباً في ظل الحجر الصحي الذي فرض على السكان في العديد من دول العالم بسبب جائحة فيروس كورونا.

ولكن لحظة.... دعنا نوجه الكاميرا إلى زاوية أخرى، ففي مقاطعة ويلز نزلت قطعان الماعز البرية من التلال إلى الشوارع والحدائق، وتجولت في الشوارع الفارغة من السكان، ووجدت مقاهي فارغة فتجولت بين المقاعد والطاولات، وبدا أن المدينة بأسرها أصبحت ملكاً لها بينما جلس السكان في بيوتهم محبوسين، واكتفوا بالنظر من النوافذ للملاك الجدد لمدينتهم.

ونشرت شبكات التلفزة مقاطع «لبطات» تتنزه في شوارع باريس الخالية بحرية وثقة، أمام واجهات مسرح «كوميدي فرانسيز». دون مضايقة أحد من السكان.
أما المدينة الجميلة العائمة فينيسيا أو البندقية، والمهددة بشبح الغرق في البحر، فقد استراحت، بعدما كانت مرهقة، ومتعبة من ثقل «السياحة الزائدة» ومن آلاف السياح الذين يجوبون جداولها، وقنواتها المائية عبر السفن والزوارق.

وقد تذمر سكان فينيسيا من غلبة السياح على مدينتهم، وقالوا، إنها تحولت من مدينة تاريخية لمدينة ترفيهية، فهم وإن كانوا مصدر رزق لمطاعمها ومحلاتها، إلا أنهم أيضاً يضرون المدينة بالتلوث الذي تسببه البواخر التي يصلون عليها، وبإلقاء النفايات في كل مكان.

لكن اختفاء القوارب والسفن السياحية وإقفال أكشاك الهدايا التذكارية، بسبب الإغلاق الناجم عن تفشي فيروس كورونا، أدى إلى تحول في قنوات «سيرينيسيما» المائية، وأصبحت مياه الممرات المائية صافية لدرجة أن حركة الأسماك باتت ملحوظة فيها بعد غياب حركة القوارب الكثيفة في هذه الممرات.

وعلى ما يبدو فإن الحاجة الماسة، لإيجاد توازنات بين العوالم الحية، لا يقتصر فقط على الطبيعة والسياحة. فإفراط البشر في خلخلة توازنات العوالم الحية أساس في موجات الأوبئة، وفي التلوث المناخي. فالعلاقة ليست مبسطة بين مثلث البيئة والأوبئة والنشاطات الصناعية، مع التعدي المتمادي على البيئة من قبل نشاطات بشرية منفلتة العدوانية، على  البيئة والطبيعة وأنواعها الحيّة وغلافها الجوي ومسطحاتها المائية.

وكم هي قاسية ومؤلمة، عقلية الاستهلاك المنفلت والربح المتوحش، خصوصاً عبر نشاطات الصناعة وما يرافقها من تلوث مهول للمناخ، ومن أنماط العمران كالمدن الحديثة وزيادة ديموغرافية متصاعدة في أعداد السكان، وهجرات سكانية واسعة، وتآكل التنوّع البيولوجي، وتزايد انقراض الأنواع الحية، واستهلاك مفرط للمصادر الطبيعية وغيرها.

ويتعلق أمر الاستهلاك المفرط للموارد الطبيعية باقتصاد مرتكز على الاستهلاك المتوسع مع تركيز أحادي على تصاعد الربحية وتضخيم رأس المال المالي، وتجري تلك الأمور كلها دون وضع الإنسان والقوى العاملة في المركز، بل في الهامش.

ومع حدوث اختلالات ضخمة في التوازن بين البشر والبيئة. ويضاف إلى ذلك حدوث اختلالات داخل مكونات البيئة نفسها كتقلص مساحات الغابات، وزيادة التصحر، وتراجع أعداد الحشرات المفيدة للإنسان مثل: النحل، وتراجع قدرة الطبيعة على تجديد ذاتها، وإعادة تعبئة مصادرها.

ذلك يجعل من الصعب، رسم صورة كاملة للانهيار الواسع في التوازن بين الجنس البشري والبيئة، وفي اللحظة الحاضرة، ثمة أسئلة لا حصر لها عن علاقة ذلك الانهيار البنيوي في النظام البيئي الشامل، مع الأوبئة التي جاء وباء «كوفيد 19» ليعطي مثلاً عنها. وليس بعيدا عن ذلك ما قالته عالمة طبيعة من ان «الطبيعة تنتقم لنفسها بهذا الفيروس». ولتذيقنا بعض ما قدمت يدانا، ولتذيقنا طعم الحجر والعزلة، أسوة بكثير من السجناء والمقهورين.

امرأة عجوز تحتسي كوباً من الشاي في بريطانيا، وتقول: لن يجبرني أحد على التزام المنزل، سأخرج ساعة أشاء. لن يكون الفيروس أشدّ ضراوة من الحرب العالمية الثانية، ولا من الجرائم التي ارتكبها الإنسان بحق أخيه الإنسان.

لكن هل يطول زمن العزلة؟ لا أحد يعرف؛ لكن هناك دائماً ملاذ في الطبيعة، وربما هي المنقذ لنا، رغم أننا لم نكن رحيمين بها. لن تتضجر الحدائق من المشي بها مرة أخرى، رغم اننا لطالما رمينا نفاياتنا بها، ولن تعترض الزهور، التي لطالما عبثنا بها، ولن تبخل علينا الطيور بغنائها رغم أننا لم نوفر فرصة لاقتناصها.

قد يهمك أيضا :  

  عن مناعة القطيع !

عن وباء يحتوي العالم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن نظامنا البيئي الهش عن نظامنا البيئي الهش



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday