العمالة الفلسطينية في زمن «كورونا»
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

العمالة الفلسطينية في زمن «كورونا»

 فلسطين اليوم -

العمالة الفلسطينية في زمن «كورونا»

مهند عبد الحميد
بقلم : مهند عبد الحميد

بعد يومين يتصادف عيد العمال في الأول من أيار 2020، وقد أحلت جائحة «كورونا» بالعمال الفلسطينيين وبكل عمال العالم مشكلة كبيرة وصادمة عنوانها توقف موارد نسبة كبيرة من العمال، وتهديد فيروس كورونا لحياتهم.. ففي الوقت الذي دعت فيه الحكومات في البلدان المداهمة بالفيروس الى التباعد الاجتماعي، الا انها سمحت لفئات من العمال بمواصلة الانتاج دون ان توفر لهم شروط الوقاية الملائمة، ودون الاكتراث لاصابتهم، لطالما جرى الحفاظ على أرباح الشركات الكبيرة. كاشفة للعالم حقيقة الانحياز للمال على حساب ابسط الحقوق وهو الحق في الحياة.

يستحضرنا الموقف اللاإنساني البشع الذي مارسه ارباب عمل اسرائيليون عندموا تخلصوا من عمال لمجرد الشك بإصابتهم، مستخدمين اسلوبا وحشيا هو القاء عمال على الحواجز العسكرية الفاصلة بين المجموعتين السكانيتين. معظم الدول تلكأت في اتخاذ اجراءات حرصا على استمرار الأرباح مقدمة الدليل على التوحش الاقتصادي الذي لا يعبأ بحياة البشر.   وعندما وضعت موازنات للإنقاذ، خصصت النسبة الأكبر منها للشركات الكبرى وبخاصة في الولايات المتحدة، وألقي بالفتات للعاملين المعطلين عن العمل، فقد صرف للعاملين النظاميين 1200 دولار لمرة واحدة، من اصل 2 ترليون دولار مجموع موازنة الطوارئ التي اعتمدتها إدارة ترامب. واستثني العاملون دون عقود وهؤلاء يعدون بالملايين.

تتوقع منظمة العمل الدولية في بيانها الصادر بتاريخ 8 نيسان خسارة  200 مليون من العاملين لعملهم في الأشهر الثلاثة المقبلة فقط.
وكان البيان السابق - قبل ثلاثة اسابيع - قد توقع تعرّض 25 مليون وظيفة للتهديد بسبب كورونا. ونوه البيان الى ان الاغلاق أثر سلبا على نحو 2.7 مليار عامل، أي 4 من بين كل 5 من القوى العاملة في العالم.

يذكر ان عدد العاطلين عن العمل قبل «كورونا» بلغ 190 مليون شخص التحقوا بصفوف البطالة. كما نرى فإن تقديرات جهات الاختصاص تسير في منحنى هابط والاخطر ان الازمة الاقتصادية الراهنة التي تضاهي ازمة الثلاثينيات من القرن العشرين وربما تكون اشد ضررا، هذه الازمة تهدد الاستقرار الاجتماعي والحقوق المدنية والانسانية ما دامت الاطراف التي تدير الازمة وتتحكم بها هي القوى صانعة التوحش الاقتصادي.

كان من شأن تخفيض الاموال المخصصة للرعاية الصحية والضمان الاجتماعي، ضعضعة القطاع الصحي الحكومي لصالح القطاع الخاص الذي لا هدف لديه غير الربح وقد تقاعس في انقاذ المهددين بالموت ولا يستطيعون الدفع. لقد دفع العاملون في الجهاز الصحي الحكومي ثمن صرف مئات الالاف من العاملين، وذلك حين اتسعت الاصابات في صفوفهم وأدت الى موت الكثيرين، واضطرارهم للقيام بعمل مضنٍ لساعات فاقت قدرتهم على التحمل، مقدمين بذلك نموذجا ملهما للدفاع الشجاع البطولي عن حياة البشر.

إنه الوجه المشرق الذي جعل البشرية تفخر وتعتز بهذا النوع من العاملين الرائعين الذين انتزعوا محبة وتقدير الشعوب في أركان الارض. الوجه المشرق للجيش الابيض كان على نقيض للوجه البشع الذي فرط وقامر بحياة البشر. ما حدث للعمال الفلسطينيين والعاملات الفلسطينيات لا يقل سوءا عن نظرائهم في البلدان التي تعرضت لغزو كوفيد 19 – كورونا.

من بين 133 الف عامل وعاملة يعملون داخل اسرائيل والمستعمرات. بقي 40 عاملا فقط بحسب الارقام الاسرائيلية. وما تبقى توقف عن العمل، وقد ساهمت المعاملة الاسرائيلية غير الانسانية في عودة او امتناع العدد الاكبر عن العمل.

وما زال العمال في قطاعي البناء والزراعة يتعرضون للضغوط من اجل عودتهم. ليس هذا وحسب فقد تحدث وزير العمل الاسرائيلي في فضائية «بي بي سي» عن حاجة دولة الاحتلال للعمالة الفلسطينية في القطاعين المذكورين، ودعا إلى عودتهم دون ان يعتذر عن الإذلال الذي تعرضوا له سواء لجهة عدم الاكتراث بنقل الفيروس اليهم، او عدم تأمين شروط انسانية لاقامتهم.

فضلا عن التمييز بينهم وبين العمال الاسرائيليين في الحقوق، حيث يكتفي رب العمل الاسرائيلي بتقديم أجر أعلى من الأجر الذي يتقاضاه العامل لدى رب العمل الفلسطيني، والناجم عن البون الشاسع بين الاقتصاديين والناتجين المحليين ومتوسط الدخل.

كما تتجاهل سلطات الاحتلال حقيقة سرقتها للموارد الطبيعية الفلسطينية. لا شك بأن جائحة «كورونا» طرحت قضية العمال والعاملات في فلسطين بما هي قضية حساسة ومهمة وخطيرة على الصعيد الوطني والاجتماعي والنقابي والاقتصادي، والتي لا يمكن اختصارها في الجزء العامل داخل الدولة المحتلة ومستعمراتها.

ما تعرض له العمال والعاملات في فلسطين من قبل القطاع الخاص الفلسطيني ينطبق عليه قول الشاعر (وظلم ذوي القربى أشد مضاضة). بحسب آخر استبيان للجهاز المركزي للاحصاء  فإن 667.600 عامل يعملون لدى القطاع الخاص في الضفة والقطاع.

وعدد العاملين والعاملات في القطاع غير المنظم بلغ 320.600 واذا اضيف لهم المستخدمون دون حقوق في سوق العمل فانهم يشكلون 57% من مجمل العاملين. الارقام تكشف عن بنية هشة تجعله عرضة للاستغلال. اكبر دليل على ذلك. وجود 109.000 عامل يعملون بأجر أقل من الحد الادنى للاجور المعتمد رسميا وهو 1459 شيكل، 80% من هؤلاء العمال والعاملات في قطاع غزة ويبلغ متوسط اجرهم  700 شيكل (المصدر استبيان الجهاز المركزي للاحصاء). وعن مصير هؤلاء بعد قرار الطوارئ الذي أدى للتوقف عن العمل وتسريح عدد كبير – لا يوجد رقم معتمد-.  أصبح لدينا 453 ألف عامل فلسطيني متضرر من أزمة كورونا، نتيجة لتوقف نحو 100 ألف منشأة عن العمل من أصل 142,400 منشأة تعمل في فلسطين.

وبسبب انخفاض عدد العمال لدى دولة الاحتلال ومستعمراتها في الضفة الغربية. ما هو مصير هؤلاء العمال والعاملات. وماذا عن الاتفاق الذي ابرم بين وزارة العمل والتحاد النقابات والمجلس التنسيقي للقطاع الخاص. الذي نص على:
1- دفع اجور العمال الذين توقفت منشآتهم بدفع الاجور عن شهري آذار ونيسان بواقع 50% من اجرهم وبما لا يقل عن 1000 شيكل على ان يدفع الباقي بعد انتهاء الازمة.
2- تقليص عمل الامهات في القطاع الخاص اسوة بزميلاتهن في القطاع العام.
3- العمل على انشاء صندوق طوارئ لمعالجة الاثار الناجمة عن الازمة.

اتفق مع الزميل عمرو سلعوس الذي نقد الاتفاق بالقول إنه يعكس تنازل وزارة العمل، واتحاد النقابات لمصلحة القطاع الخاص. فبدلا من تطبيق المادة 38 في قانون العمل التي تنص: على صاحب العمل الاستمرار في دفع اجور عماله طيلة فترة الاغلاق او الايقاف المؤقت. لقد جرى تعطيل مادة قانونية لصالح العمال، والاتفاق خارجها لمصلحة ارباب العمل. كما يقول الزميل سلعوس في مقالته بعنوان الخطوات الحكومية لدعم العمال عرض إعلامي ام خطوات فعالة والتي نشرت في موقع الحوار المتمدن.

بقي القول، ان واقع العمال المرير يطرح إعادة النظر، في شروط العمل الداخلي مع القطاع الخاص، وفي شروط العمل الخارجي في دولة الاحتلال ومستعمراتها. كما يطرح إعادة النظر في النقابات والاتحادات المنفصلة عن العمال وهمومهم. ولا ريب في أن إعادة النظر تبدأ من داخل العمال والعاملات.

قد يهمك أيضا : 

 الاستجابة الاجتماعية ضد الجائحة

العبادات في الشكل والجوهر زمن «كورونا»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العمالة الفلسطينية في زمن «كورونا» العمالة الفلسطينية في زمن «كورونا»



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday