الوجه الجديد للأزمة الأميركية
آخر تحديث GMT 15:50:21
 فلسطين اليوم -

الوجه الجديد للأزمة الأميركية

 فلسطين اليوم -

الوجه الجديد للأزمة الأميركية

عبد المجيد سويلم
بقلم: عبد المجيد سويلم

تتهاوى الدعاوى التي رفعتها حملة الرئيس ترامب واحدة تلو الأخرى، وانتقلت المقارعة من الدائرة القانونية إلى الدائرة السياسية، بعد خسارة هذه الحملة لكل الادعاءات الترامبية في جورجيا وبنسلفانيا وميتشغان وغيرها وغيرها.وجوهر الانتقال من «المشاغلة» القانونية، والتي ليست أكثر من شراء وقت، ومن محاولة إلهاء ـ كما كتبنا قبل ذلك ـ للوصول إلى الصلب السياسي، أو العمق السياسي المستهدف من قبل الرئيس وحملته، وهو الوجه الجديد للأزمة في الولايات المتحدة.

مع هذا الانتقال الذي يتسارع في الواقع، لم تعد المسألة مجرد «قبول» ترامب بالنتائج من عدمه، وذلك لأن ترامب لن يقبل أبداً بهذه النتائج، وهو لا يحتاج إلى من يدفعه إلى عدم القبول، لأنه هو الذي يقود ويتزعم هذا الموقف، وإنما المسألة هي أن الرئيس ترامب، المنتهية ولايته يريد أن يزجّ بالحزب الجمهوري إلى معمعان معركة سياسية، وليست قانونية فقط، أو لنقل يريد أن يتغطى بالمسألة القانونية لتحويل الصراع إلى صراع سياسي مفتوح.

وبتحويل الصراع إلى صراع سياسي مفتوح فإن على الحزب الجمهوري أن يتخلى بالكامل عن كل المعطيات القانونية، وعن الكثير من الأسس والأعراف والمرتكزات الدستورية التي تؤمّن تماسك المسألة الديمقراطية، بل وتماسك النظام السياسي الأميركي برمّته.
هنا نحن أمام عدة احتمالات بقدر ما يتعلق الأمر بالمعطيات المتوفرة حتى هذه اللحظة.فإذا انساق الحزب الجمهوري بأغلبيته المؤثرة إلى المربع الترامبي فإن صراعاً سينفجر على نطاق واسع، وغير مسبوق، وبما لا يكرس حالة الشرخ العميقة في المجتمع الأميركي فحسب، وإنما ـ وهذا هو الأخطر ـ الوصول إلى شارعين أميركيين متصادمين،

وبالوسائل التي لا يمكن التكهن بمدى سلميتها وانضباطها للمعايير «الديمقراطية» المعتادة أو المعهودة.هذا الاحتمال هو الأضعف والأبعد عن الوقوع، وبالرغم من عدم إمكانية استبعاده كليا إلا أن خطورته الشاملة والكبيرة على السلم الاجتماعي هي ما يرجّح عدم وقوعه، أو بالأحرى الوقوع في شركه.أما إذا انقسم الحزب الجمهوري بين مؤيد ومعارض للرئيس ترامب، بعد أن استنفد كل فرصه القانونية فإن تبعات ذلك ستكون وخيمة على الحزب نفسه أولاً، وعلى السلم الاجتماعي بدرجة أقل، وأقل كثيراً من ما كان سيكون عليه الأمر لو أنه تم جر كامل الحزب إلى المربع المذكور آنفاً.

أهم التبعات المباشرة لانقسام الحزب الجمهوري سيكون على الأغلب خسارة الحزب لمجلس الشيوخ بعد أن خسر مجلس النواب، وبعد أن تكرست خسارته للرئاسة الأميركية.أما التبعات المتوسطة فهي أن الواقع الأميركي سيتغير بصورة كبيرة مع وجود حزبين جمهوريين أو أكثر، ومع احتمال انحيازات «جمهورية» إلى الحزب الديمقراطي، ومع احتمال إعادة تشكيل الخارطة السياسية في الولايات المتحدة كلها على المدى الأبعد.

وفي هذه الحالة وأمام احتمال من هذا القبيل يمكن أن نتصور ظهور فاشية مكشوفة قوامها الجناح الترامبي الصلب في الحزب الجمهوري ومنظمات يمينية متطرفة، أشبه في تركيبتها وفي أفكارها، وفي سلوكياتها «السياسية» بالعصابات المسلّحة والأقرب إلى الميليشيات التي شهدتها الفترة النازية في ألمانيا والفترة الفاشية في إيطاليا، وفي بلدان أخرى.أما الاحتمال الثالث فهو أن لا يسلم الرئيس ترامب بنتائج الانتخابات، وأن يجبر على مغادرة البيت الأبيض، وأن يعتبر نفسه ضحية لمؤامرة داخلية قام بها الحزب الديمقراطي بالتواطؤ مع مؤسسات الدولة العميقة «بتزوير» الانتخابابت أولاً، و»سرقة» البيت الأبيض منه،

لكي يحضر نفسه للانتخابات القادمة في العام 2024، ليس بصفته مهزوماً، وإنما بصفته رئيساً تمت الإطاحة به «بانقلاب» سياسي مدبّر.
هذه الصورة يحتاجها ترامب كي لا يشعر بالهزيمة، أو كي يصور لأنصاره وأتباعه أنه ما زال قوياً وصلباً وقادراً على العودة إلى البيت الأبيض، ولكي يبقي على الزخم الذي رافق هذه الانتخابات.هذا الزخم بالذات هو موضوع كبير بحد ذاته.فبالرغم من كل أخطائه وخطاياه، ومن كل العبث الذي مارس به سياساته وأفكاره وقناعاته، ومن كل الأعمال المعيبة التي أقدم عليها، ومن الحماقات التي تحولت إلى «نهج» مميز وخاص به شخصياً،

وكل ما يتمتع به من مواصفات فريدة على مستوى البعد النفسي لمسلكياته من ثأرية وانتقامية وعنجهية، ومن ارتجالات طائشة إلا أنه في نهاية المطاف حصل على ما يزيد على سبعين مليون صوت.حالة الاستقطاب والتحشيد في أعلى معدلاتها، والتوتر السياسي وحتى الاجتماعي وصل إلى ذروته في المجتمع الأميركي مع هذه الانتخابات، والرئيس ترامب لا يريد أن يفقد هذا الزخم، وهو لا يستطيع أن يحافظ على هذا الزخم، إلا إذا أبدى «صلابةً واستبسالاً» من نوع معين في الدفاع عنه، ولا طريق أمامه في الوصول إلى ذلك سوى الظهور بمظهر الضحية «لمؤامرة» كبيرة اشتركت وشاركت بها قوى داخلية جبّارة..

هكذا يعتقد ترامب، وهكذا يفكر باستثمار هذا الزخم.باختصار ليس هناك من فرصة ـ كما أرى ـ أن يتنازل ترامب عن السلطة، لا بطيب خاطر ولا بطريقة حضارية كما جرت العادة في الولايات المتحدة على مدى عقود وعقود طويلة، وكما هي عليه بروتوكولات تداول السلطة في معظم بلدان الديمقراطية الراسخة.الفرصة الوحيدة القائمة، وهي ما زالت مجرد احتمال من بين احتمالات أخرى، أكثر خطراً من هذا الاحتمال هي «إرغام» ترامب على التنازل، ورفضه المطلق للاعتراف بالهزيمة، والتظاهر بمظهر من انتزعت منه السلطة عنوةً، وبانقلاب داخلي مزعوم.

أما الحقيقة المغيّبة في كل هذا المعمعان فهي أن العالم يهرب ويتهرب من الإجابة عن السؤال التالي:هل ندرك معنى ومغزى أن أكثر من اثنين وسبعين مليونا صوتوا لترامب، وعقليته وأيديولوجيته، وكل أنواع الأعمال الحمقاء والخرقاء التي تميزت بها سياسته؟هل المسألة مجرد لحظة عابرة في مرحلة متوترة ومشدودة، وفي سياقات سياسية استقطابية حادة، أم أن البنى الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية الأميركية قد وصلت إلى حدود المأزق التاريخي الذي سيولد، إما الانفجار أو صعود الفاشية؟

عندما يصوت أكثر من سبعين مليون أميركي لخيارات كالتي طبعت مسار السياسة الأميركية في السنوات الترامبية الأربع الأخيرة، فهل هذا مجرد مصادفات خاصة، أم أنه «اتجاه» على أعلى درجات الأهمية والخطورة في أكبر وأقوى بلدان هذا العالم.وإذا أجبر ترامب على التنازل اليوم فهل سيستطيع أحد بعد اليوم وقف مسار هذا الاتجاه، وإذا تمكنت الدولة العميقة من وقفه اليوم فهل سنتمكن من وقفه في المستقبل؟ أليس هذا هو السؤال الأهم والاستنتاج الأهم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجه الجديد للأزمة الأميركية الوجه الجديد للأزمة الأميركية



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday