معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل
آخر تحديث GMT 11:47:49
 فلسطين اليوم -

معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل

 فلسطين اليوم -

معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

لا أتصوّر أن إسرائيل قد تعرضت للإرباك الذي نلاحظه عليها اليوم.
في السابق وفي مراحل مفصلية وحرجة كان الإرباك يتخذ الطابع الأمني، مبطناً أو مغلفاً به، وكان الإرباك يتخذ الطابع السياسي والدبلوماسي، واتخذ هذا الإرباك طابعاً عسكرياً في معركة الكرامة، ثم في حرب تشرين، وفي حرب تموز 81، ثم في تموز 2006، وربما في مفاصل أخرى.

كما عانت إسرائيل من إرباكات اقتصادية في ثمانينيات القرن الماضي أوصلتها إلى معدلات غير مسبوقة إلى حينه من البطالة والتضخّم.
الارتباك الذي نشهده اليوم والانهماك السياسي والفكري والأمني الناتج عن هذا الارتباك والمسبب له، أيضاً، هو بكل المقاييس حالة نوعية جديدة لم تشهدها إسرائيل منذ تأسيسها وحتى يومنا هذا.
يشعر الجميع في إسرائيل بهذا الإرباك والارتباك، ويستشعرون ما يمكن أن ينتج عنه، وما سيرتبه عليهم من تبعات ومن استحقاقات.

«الموساد» له تقدير مختلف عن تقدير «الشاباك»، والاستخبارات العسكرية لها تقديرات مختلفة وربما متناقضة مع تقديرات الشرطة، ولدينا تقديرات واشتراطات متباينة بين غانتس ونتنياهو، كما لدينا تقديرات متعارضة بين اتجاهين، وربما ثلاثة داخل صفوف المستوطنين أنفسهم.
ولدينا إضافةً إلى كل ذلك تباينات ليست متعارضة وإنما متناقضة مع ما يسمى «الوسط» و»اليسار».

تتقاطع وتتشابك هذه المواقف مع قراءات متعارضة ومتناقضة للموقف الأميركي، وحدوده، وحقيقة اشتراطاته، وفيما إذا كانت تتوفر إمكانية أصلاً لمثل هذه القراءة.
لكن الموقف الإقليمي والأوروبي [الأسهل للقراءة والتمحيص] هو الأصعب من كل القراءات، ومن بين كل الاحتمالات. فالبعض يراها هامشية، وليس لها تأثير وثقل حقيقي على قرارات الحكومة الإسرائيلية بالسلخ والاستيلاء، في حين يحذر البعض الآخر من تبعات المواقف الأوروبية إن كان على صعيد الاعترافات التي تبدو أنها ستكون تباعاً بالدولة الفلسطينية، واتخاذ إجراءات تصل إلى مستويات غير مسبوقة، بحيث تنقل المواقف الأوروبية من دائرة الشجب والاستنكار إلى دائرة الردع والتصدي، مهما كانت، وعلى أي درجة بدأت.

كما يحذر البعض من المواقف الإقليمية ويحذر من تبعاتها، إن كان لجهة إبطاء التطبيع، أو وقفه أو إن كان لجهة وصول بعض المواقف الإقليمية إلى مواقف أعلى من مجرد الاعتراض والتنديد، وخصوصاً في حالة الموقف الأردني ثم الموقف المصري ومواقف أخرى مهمة.

وهنا فإن التعارضات والتناقضات تتحول إلى شروطٍ واشتراطات، ويتم حيالها تحويل وربط برنامج السلخ والاستيلاء بدرجات من «التوافق» مع المحيط الإقليمي، وإلى درجات من التفاهمات المسبقة.
نفس الإرباك والارتباك نلاحظه بوضوح حيال ردود الأفعال الفلسطينية على مخططات إسرائيل.

فمنهم من ينادي بعدم الاكتراث، والاكتفاء «بتحضير» الردود الإسرائيلية الأمنية والعسكرية لمواجهة «موجات» محدودة من الردود الشعبية، في حين يرى آخرون أن ردود الأفعال الفلسطينية ستكون أكبر بكثير من الهبات التي شهدناها في السنوات الأخيرة، وصولاً إلى إمكانية اندلاع انتفاضة ثالثة شاملة وعارمة.

تراهن جماعة عدم الاكتراث على ضعف الحالة الفلسطينية عموماً، وعلى حالة الانقسام وتعزيز اتجاهاته الانفصالية في قطاع غزة، وعلى اتجاهاته «التفككية» في الضفة الغربية، وعلى الحالة الاقتصادية المتردية التي ستحد من إمكانية تحول الحركة الشعبية إلى انتفاضة، في حين يرى الآخرون أن الركون إلى ذلك سيكون خطأً جسيماً سيقلب الكثير من المعادلات ويربك العديد من الحسابات.

في «النقاشات» الأكثر عمقاً يلاحظ أن الافتراقات العمودية والأفقية تصل إلى حدود التأثيرات الاستراتيجية والوجودية لدولة الاحتلال لما سيمثله السلخ والنهب والاستيلاء من «أخطار» تتعلق بالفصل العنصري، و»الدولة الواحدة»، و»الدولة الثنائية القومية» من الزاوية الموضوعية، كما يمتد «النقاش» إلى «جدوى» المشروع الصهيوني من أساسه طالما أن «الضمّ» من شأنه أن «ينهي» دور السلطة الوطنية الفلسطينية، وطالما أنه سيجبر إسرائيل على تولّي شؤون السكان الفلسطينيين ليس فقط في مناطق «الضمّ» وإنما في كل الضفة، إذا فشلت إسرائيل في «إيجاد» قيادات بديلة تقبل بأن تقوم بدور السلطة، ووكيلاً عن سلطة الاحتلال.

ولا تقف الأمور عند هذا الحدّ، فقد بدأنا بملاحظة توجّسات إسرائيلية حيال التعاون «المضمون» من قبل «حماس» والتساوق مع هذا المشروع قبل أن تسحب إسرائيل منها كل السلاح، وقبل أن تتأكد إسرائيل من أن هذا السلاح لم يعد يشكل تحت أي ظرف من الظروف «تهديداً» لها من أي نوع كان.

وحول هذه المسألة بالذات نلاحظ أن «المناقشات» الإسرائيلية لم تعد تستثني أن يكون من بين ردود الأفعال الفلسطينية على خطة البدء بالضمّ موجات من «العنف»، ومن القصف الذي يعكّر على نتنياهو ومعاونيه من المتطرفين «صفو» هذا الضمّ، وصولاً إلى «اضطرار» إسرائيل إلى شن حرب أو حروب جديدة لتجريد فصائل «المقاومة» في غزة من سلاحها، وبما قد يصل الأمر إلى إعادة احتلال القطاع أو أجزاء منه على الأقل.

وهكذا فإن «الضمّ» يمكن أن ينتهي إلى عزلة سياسية، وإلى تراجعات كبيرة في مسار «التطبيع» العربي، وإلى اعترافات بالدولة الفلسطينية تحت الاحتلال مع نهاية السلطة الوطنية، وإلى اصطفاف دولي جديد لصالح فلسطين، وإلى إعادة الاحتلال عملياً دون أن تحقق إسرائيل شيئاً ملموساً واحداً على ما حققته حتى الآن.
كل ما يسمى الضمّ من أساسه وتفاصيله مبنيّ على أوهام ومراهنات موهومة.

فاعتراف ترامب بالضمّ مهما كان لا يؤسّس واقعاً ممتداً، وترامب نفسه ليست مضمونة إعادة انتخابه، و»قصة» «أرض إسرائيل» لم تعد مقبولة من أحد بما في ذلك قطاعات سياسية ومدنية مهمة داخل الولايات المتحدة، وأقلّ منها داخل إسرائيل، وهي لن تقبل أبداً من الشعب الفلسطيني، ولا من الشعوب العربية والإسلامية، ولا من شعوب العالم ومؤسساته السياسية والقانونية، وهي لا تحقق لإسرائيل أي ربح استراتيجي سوى الأرباح الموهومة التي يبحث عنها نتنياهو، والتي ينهمك المجتمع الإسرائيلي بها، ويرتبك بسبب هذا الانهماك أكثر مما انهمك وارتبك أبداً. ولنا عودة.

قد يهمك أيضا :  

   ليبيا في مهبّ العاصفة!

عن مناقشات البيت الأبيض حول «الضم» ؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل معادلة الإرباك والانهماك في إسرائيل



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday