بيروت بين التفجير والتفجُّر
آخر تحديث GMT 15:59:33
 فلسطين اليوم -

بيروت بين التفجير والتفجُّر

 فلسطين اليوم -

بيروت بين التفجير والتفجُّر

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

إلى أن يتم الكشف عن كل أو معظم الملابسات التي ما زالت «تلفّ» بهذا المصاب الذي انطوى حتى الآن على كارثة وطنية لبنانية، وإلى أن تتوضح الخطوط الأولى لها، فإن الشارع اللبناني والعربي والمحيط الدولي، أيضاً، سيظلُّ منشغلاً بالبحث عن السبب أو الفاعل والأهداف.

هذا طبعاً إذا تمكن أحد من كشف الملابسات، وأحاط بهذه الخيوط، وإذا لم تأخذ المسألة نفس مسار مقتل الرئيس الحريري قبل عدة سنوات، وإذا لم توضع الكارثة الجديدة على نفس السكّة.
إلى حينه، والذي ربما لن يحين أبداً، فإن هذه الكارثة التي ألمّت بالشعب الشقيق قد تؤدي إلى أهداف ونتائج كبيرة وخطيرة حتى قبل معرفة أي شيء عنها من حيث الدوافع والأسباب. وإليكم ما يمكن أن يحدث حتى من دون الوقوف على حقيقة ما جرى وما نتج عنه حتى الآن.

إذا صحّت «نظرية» الاستهتار والفساد وغياب المؤسسة الرسمية، وإهمال الدولة، وسادت هذه النظرية وتسيّدت سياسياً وإعلامياً، فإن من أهم تداعياتها هو تخلخل وضع الدولة اللبنانية بصورة غير مسبوقة، وحدوث تصدعات كبيرة وجديدة تطيح بالواقع السياسي الرسمي إلى ما هو أبعد من حكومة وإلى ما هو أعمق من تحالف أو ائتلاف.

وقد يؤدي الأمر إلى استقالات جماعية من مجلس النواب، وقد تصل الأمور إلى فقدان المجلس لشرعيته أو البقاء في وضع دستوري هش يفاقم من أزمة الواقع السياسي أكثر من أي مؤسسة أخرى في البلاد.
كلل الاصطفافات الحزبية الرسمية يمكن أن تتصدع بصورة جديدة وكحالة نوعية جديدة إذا ترافقت الأمور مع تداعيات وتبعات نظرية الاستهتار على المستوى الشعبي.

وإذا شعر أركان معسكر «الدولة» أن نظرية الاستهتار هي مجرد شمّاعة سياسية لتحقيق أجندات سياسية خاصة، فليس من المستبعد أن تقلب الطاولة بالكامل، وأن يقوم تحالف عون، برّي، نصر الله وأعوانهم ومساعديهم وحلفائهم بإعادة الاصطفاف لصالح «معركة مصيرية» على المستوى السياسي الشامل.

في هذه الحالة لن يظلّ الهاجس الدستوري هو المعيار، ولن تظلّ المسألة الدستورية هي الضابط الأوحد أو الوحيد للسلوك السياسي وغير السياسي.
وحينما نتحدث عن البعد الشعبي فالمسألة هنا أكثر تعقيداً بما لا يُقاس.
الحرمان والإفقار وتردّي الأوضاع الاقتصادية بعد هذه الكارثة سيتضاعف ويستفحل، ولا ضمانة بالمطلق أن يظل الحراك «سلمياً»، وأن لا يتطور إلى أشكال غير مسبوقة من الاحتكاك والعنف، وليس هناك من مسلّمات ديمقراطية يمكنها أن تبقي حالة الاحتكاك في دائرة هذه المسلّمات.

وفي هذه الحالة فلن يكون لا مستبعداً ولا مستغرباً أن تصل الأمور إلى ما هو أبعد من السلمية بكثير، وقد نشهد بداية انزلاقات خطرة نحو العودة إلى نوع جديد ومستجد من الحرب الأهلية.
أما إذا انتقلنا إلى نظرية العمل المدبر، والمسألة بدأت بأصابع الاتهام إلى جهة خارجية، أو جهات خارجية، وبدأت أحاديث متواترة عن علاقة التفجير بأهداف سياسية أو اقتصادية معينة، أو جرى الربط ما بين هذا التفجير والمحكمة الدولية حول اغتيال رفيق الحريري، أو ما بين التفجير والتوتر القائم على الجبهة الشمالية، أو الربط ما بينه وما بين الأزمة الداخلية في إسرائيل، أو حتى ما بين التفجير وما بين خطة «تركيع» الدولة اللبنانية «وإنهاء دور الشريان الوحيد الذي تبقّى لهذه الدولة وهو المرفأ لصالح موانئ أخرى في المحيط المباشر، فالأمور هنا ليست مرشحة إلاّ لانقلابات مباغتة في الواقع اللبناني.

أخطر ما في هذا السيناريو أن الحرب الطاحنة ستكون قد وضعت على جدول الأعمال المباشر، وأغلب الظن أن هذه الحرب ستفتقد إلى عنصر الحذر والحسابات الدقيقة والمدققة، وأنها (الحرب) لن تكون محدودة ولا بأي مقياس من المقاييس وليس فيها محرّمات، والدمار سيكون شاملاً والخسائر فوق مستوى التصور والخيال.

ولن تكون هكذا حرب لا محلية ولا موقعية، وهي ربما تكون إقليمية ماحقة، وقد تتطور إلى ما هو خارج نطاق الإقليم الضيق لتتعداه إلى واقع إقليمي واسع وإلى دائرة أكبر من المنطقة المباشرة لهذه الحرب.
واضح هنا وبقدر ما يتعلق الأمر بنظرية «فعل فاعل» أو العمل المدبّر فإن أحد أهم الاستهدافات هو دور «حزب الله» وسلاح «حزب الله»، خصوصاً وأن هناك ما يكفي من الأدلة أن هذا الحزب يتحكم بصورة مباشرة أو غير مباشرة بالميناء وبالمطار، أيضاً.

جدير بالإشارة هنا أن المطار بحكم المعطّل في ظل وجود الجائحة، والبنية الصحية في لبنان متداعية للغاية، ما يثير الكثير من الأسئلة حول دائرة الاستهداف المباشر لهذا العمل إذا ثبت أنه يمكن أن يكون مدبّراً، أو حامت حوله شكوك كافية لردود أفعال من مستوى وقبيل ما ذهبنا إليه في سياق هذا التحليل.

وسواء كان الأمر يتعلق بانفجار حدث أو بانفجار تمّ بصورة مدبّرة فإن دائرة الاستهداف هي الدائرة التي تتحكم بالدولة اللبنانية حالياً، وسلاح «حزب الله» هو موضوع محوري في إطار هذا الاستهداف، وتغيير معادلة الردع الداخلي والخارجي هو في صلب الأهداف المباشرة.
لبنان ما بعد كارثة الميناء لن يكون أبداً هو نفس لبنان ما قبل هذه الكارثة.

المعادلات اختلفت، والحسابات اختلفت، ليس على مستوى لبنان وحده، وإنما على مستوى المحيط الإقليمي بلبنان.
سيكون صعباً أو ربما مستحيلاً التوصل سريعاً إلى نتائج حاسمة حول هذا المصاب الهائل، وسيكون مستحيلاً أكثر أن يتفاهم اللبنانيون على مواجهة موحدة لهذا المصاب، وسيكون الأصعب على الإطلاق إقناع الناس أن الفساد والاستهتار يمكن أن يكون بأي شكل من الأشكال خارج نطاق الاتهام.

تحمّل اللبنانيون ما لم تتحمّله الجبال، وصبروا إلى ما هو أبعد من حدود كل صبر، دون أن ينالوا شيئاً، أو يصلوا إلى مخرج أو نتيجة وهذا هو بالضبط الوجه الآخر لهذه المأساة، وربما الأكثر قسوة من تداعيات المصاب.
كل إنسان تعزّ عليه قضيته الوطنية والعروبة والإنسانية يشعر بأن هذه الحادثة أصابته في الصميم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بيروت بين التفجير والتفجُّر بيروت بين التفجير والتفجُّر



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday