عـبـثٌ زاد عـلى كـلّ حـدّ
آخر تحديث GMT 07:34:27
 فلسطين اليوم -

عـبـثٌ زاد عـلى كـلّ حـدّ

 فلسطين اليوم -

عـبـثٌ زاد عـلى كـلّ حـدّ

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

لا أحد في الساحة الفلسطينية يرغب بتسعير نار أيّ نوع من الخلاف مع أيّ دولة عربية في ظل ما يحيط بالقضية الفلسطينية من أخطار وأهوال وتحديات غير مسبوقة بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
ولا أحد بالمقابل يخفى عليه كيف أن الحالة العربية تشكل في الواقع إحدى نقاط الضعف الكبيرة في الواقع المحيط بالحالة الفلسطينية.
ويكاد الكل الفلسطيني أن يُجمع على أن الحالة الفلسطينية الداخلية، والتي تشكل نقطة الضعف القاتلة في هذا الواقع المرير، تصبح عندما تنضم إلى بؤس الحالة العربية، وإلى تراخي الحالة الدولية بسبب ضغوطات الإدارة الأميركية والقيادة اليمينية في إسرائيل، وبسبب هوان وضعف الحالتين العربية والفلسطينية، تصبح عنوان مأزق كبير وخطير وغير مسبوق على حد سواء.
كما أن هناك من اليقين ما يكفي، ومن المشاعر ما يفيض، ومن الإحساس ما هو قوي وعميق، بأن ثمة من الأدوار التي قامت بها قطر في السنوات الأخيرة ما هو في صلب تعزيز حالة الانقسام والإبقاء على التشرذم، بل وفي مفاصل ومحطات معينة ما هو إمعان مباشر في التشجيع على الانفصال، بل وأحياناً البحث عن وسائل «جهنمية» لإذكاء الخلاف والاختلاف كلما اقتربنا من إعادة النقاش الجاد لإنهاء هذه الحالة الشاذة والمدمرة في الواقع الفلسطيني.
نفس هذا الإجماع الشعبي الفلسطيني على خطورة الدور القطري سواء المكتوم أو المجاهر به، وبما يشمل جزءاً من القاعدة الشعبية لحركة «حماس» نفسها وجزءاً أكبر من القاعدة الشعبية لحركة الجهاد الإسلامي، هذا الإجماع يدرك إدراكاً واعياً أن «قلب» قطر ليس على الفقراء في القطاع؛ لأن عقلها يهدف إلى تدجين حركة «حماس» و»إدراجها» في خطط التوظيف الأميركي والإسرائيلي لهذه الحركة في محاولة تفتيت الجسد الوطني، والنيل من المشروع الوطني، والانقضاض على وحدة التمثيل الشرعي للشعب الفلسطيني، والتي هي عنوان الحقوق الوطنية الفلسطينية وأهداف النضال الوطني التحرري لهذا الشعب.
ومن المفجع حقاً أن «يكتشف» الشعب الفلسطيني أن الأمور قد وصلت إلى التنسيق بين «الموساد» الإسرائيلي وبين قطر؛ «لتأمين» ما يلزم من أموال وهبات وإغراءات للإبقاء على حركة «حماس» داخل جوقة الإيقاع السياسي لليمين الإسرائيلي، في ظرف حساس، وفي مرحلة مفصلية كالتي تعيشها القضية الوطنية بعد طرح خطة الإدارة الأميركية لتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية، وفي الوقت الذي يحتاج فيه الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة بالذات إلى لملمة صفوفه، وتوحيد كل مكوناته في مواجهتها. وكأن ما يجري من محاولات التطبيع بين الكثير من البلدان العربية مع إسرائيل «لم يعد كافياً» لكي يتسيّد اليمين الإسرائيلي المشهد السياسي في إسرائيل، ولكي يمعن سرقةً واستيطاناً ومصادرةً وضماً للأرض الفلسطينية، ويواصل التنكيل بهذا الشعب في كل شبر من الأرض المحتلة، إضافة إلى عمليات التهويد الجارفة للقدس، وإلى تجويع الشعب الفلسطيني ووضعه تحت «رحمة» سياساته العنصرية بما في ذلك تلك الموجهة إلى أهلنا في الداخل.
الموقف الرسمي الفلسطيني الذي «اعتاد» على الحذر الشديد في التعامل مع كل خطايا النظام العربي حيال التطورات التي تعصف بالقضية الوطنية، ربما لم يعد متفهماً من قبل شرائح واسعة من الجمهور الفلسطيني، على الرغم من أن درجة معينة من هذا التفهم ربما تظل حاضرة في الوعي الشعبي، بسبب صعوبة الظروف، وبسبب حاجة النظام السياسي الرسمي الفلسطيني إلى درجة معينة من استمرار علاقاته بالواقع العربي، وربما حاجته المالية الماسة لهذه العلاقة، وباعتبار أن هذا الواقع العربي تحوّل إلى ما تحوّل إليه من نتاج سنوات طويلة من التراكم السلبي على هذا الصعيد، إلاّ أنه ومع كل ذلك ظل النظام العربي بالعموم يرفض - ولو من الناحية الشكلية - المجاهرة بالاستعداد المباشر للتساوق مع المخططات الأميركية والإسرائيلية.
وفي المقابل، فإن النظام السياسي الفلسطيني يدرك أن بعض البلدان العربية لا «يمكنها» أن تكون حليفة قوية للولايات المتحدة، وأن تكون في الواقع تحت مظلة «الحماية» الأميركية، وألا تستجيب لدرجة أو أخرى من درجات «التطبيع» مع إسرائيل، ولهذا فإن القيادة في الغالب لا تذهب إلى أبعد من بعض الإشارات للتدليل على معارضتها لهذا النوع من التطبيع مهما كان محصوراً ومهما كان رمزياً.
لكن موقف الحركة الشعبية الفلسطينية هو الأكثر مدعاةً للدهشة والاستغراب.
الحقيقة أن الأمور على هذا الصعيد تبعث على أشد درجات الأسى والمرارة.
فإذا كان الوعي الشعبي يدرك بحسه السياسي اليقظ أن الموقف الرسمي له [بعض] ما يبرره أحياناً، إلا أن «تفهّم» موقف الحركة الشعبية ليس وارداً بأي شكل من الأشكال إلا ّفي حالة قطاعات معينة من حركة «حماس»، باعتبار أن تياراً واسعاً داخل هذه الحركة هو بالأساس متساوق مع الموقف القطري، بل ويسعى لتعزيز هذا الموقف. أما بقية الفصائل أو غالبيتها الساحقة فإنها لم تتخذ ولا لمرة واحدة من المواقف ما هو أبعد من بيان هنا وتصريح هناك إدانةً أو لوماً أو استنكاراً. وهو أمر - كما أرى - شجع ذلك التيار داخل حركة «حماس» على المضيّ قدماً في التساوق مع الدور القطري الخطير، تماماً كما شجع قطر نفسها على الاستمرار في هذا الدور دون أن تحسب أي حساب لموقف الحركة الشعبية. عندما كان يجري إدخال الأموال بوساطة نتنياهو إلى قطاع غزة، كان هناك من ينادي «بتفهّم الأمر»؛ باعتبار أن هذه الأموال تساهم ولو قليلاً في التخفيف من الأعباء المعيشية لبعض أشد الفئات فقراً وعوزاً في القطاع.
وعندما كان يتم الحديث عن «مشاريع» هنا وهناك، فقد رأينا كيف أن البعض حاول تسويق هذا الأمر وكأنه للتخفيف من أعباء الحصار الإسرائيلي.
أما أن يتم تنسيق الأمر بصورة رسمية بين «الموساد» والدولة القطرية، فهذا زاد عن كل حد، وفاق كل التوقعات والتصورات والمعادلات والحسابات.
السكوت هذه المرّة ليس ككلّ مرّة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عـبـثٌ زاد عـلى كـلّ حـدّ عـبـثٌ زاد عـلى كـلّ حـدّ



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday