البطولة الحقيقية هي في انقاذ الانسان من المآسي والمآسي تأخذ أشكالاً متعددة لا حصر لها، والجامع المشترك بينهما هو استهدافها لانسانية الانسان واهدار كرامته.
وجاذبية الأبطال على مدار التاريخ هي في غيرتهم على كرامة الانسان مطلق انسان بغض النظر عن عما يتصف به سلباً او ايجاباً.
لذلك جاء التوجيه الإلهي العظيم " لا إكراه في الدين" لأن الاكراه يعني القهر والقهر استعاذ منه النبي محمد (ص) قائلاً : } اللهم اني اعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال{ وكأنه يقول اليوم: اللهم إني أعوذ بك من ديون البلد وقهر الرجال الذين يحكمونها، والديون والفساد هي الوصفة الجهنمية لإدامة القهر على الناس كل الناس.
وفي نفس السياق تُفهم مقولة النبي عيسى (ص)} هل جُعل السبت من أجل الانسان أم جُعل الانسان من أجل السبت{ ؟
أي أن الدين والايدلوجيا في خدمة الانسان وليس العكس لذلك نقول بكل ثقة واطمئنان: أن غاية أي دين أو ثورة هو الانسان، وبالتالي لا يجوز أن يتحول الانسان إلى وسيلة لأنه هو الغاية ويجب أن يبقى هو الغاية ، وأي حالة يصبح الإنسان أو الشعب فيها وسيلة تكون غاية في الابتذال لكل شيء للقيم وللانسان وللحياة
ما هي خلاصة هذه المقدمة؟ الخلاصة هي أن الأبطال الحقيقين الذين يتحقق الإنقاذ والخلاص على أيديهم هم القادة الذي يحملون أفقاً إنسانياً حينما يهبط إلى الميدان أي ميدان يتحول إلى أفق وطني.
وحينما نقول أفق وطني، أي الأفق الذي ينظر للمواطن كإنسان بغض النظر عن جنسه – رجلاً أو امرأة- وبغض النظر عن معتقداته ناهيك عن لونه أو انتمائه.
إذن الأفق الوطني الإنساني هو المؤهل للتعامل مع حركة الشارع اللبناني الثورية، أنا سأنطلق من فرضية أسميها مثلث الانتصار في الواقع المحلي والإقليمي والدولي الذي نعيش اليوم.
مثلث الانتصار ( حفظ الكرامة ، حفظ الوحدة ، حفظ المقاومة)
وفي واقع لبنان وفلسطين تحديداً فإن النجاح في الاختبار لا يتحقق لأي حزب أو حكومة إلا من خلال هذا المثلث ( مثلث النصر) الحفاظ على المقاومة باعتبارها الواجب والوسيلة الأهم للحرية والتحرير وأثناء مشوار المقاومة لا بد أن نكون شفافين إلى أبعد حد تجاه وحدة الشعب ووحدة المجتمع، لأنه مهما قويت شوكتك لا يمكن أن تفوز بأهدافك في ظل انقسام وتشرذم شعبك ومجتمعك.
والعامل الأهم الذي يؤكد اخلاصك لقضيتك، ويؤكد أهليتك للنصر وبالتالي قيادة الناس والمجتمع هو شفافيتك العالية تجاه كرامة شعبك وكرامة أهلك، والكرامة تُداس على يد المحتل القاتل كما تُداس بأقدام الجوع الكافر والاثنان لا حرية للمواطن بوجودهما المحتل والجوع لأنهما يتعاونان ويتكاملان على قتل الروح والتفكير والتوازن لدى المواطن الإنسان.
إذن المعالجة المنشودة للحالة الثورية التاريخية في لبنان تتطلب الأفق الوطني الإنساني والاحتكام لمثلث النصر المشار إليه أعلاه.
فلنتقدم قليلاً في المعالجة الواقعية والعملية لهذه الحالة الثورية التاريخية في لبنان
لبنان اليوم يملك أرقى مقاومة موجودة في عصرنا الحالي، وتملك من القدرة والشجاعة والدهاء ما أهلها للانتصار في أعقد المعارك والساحات – مواجهة العدو الصهيوني العنصري- ومواجهة برابرة العصر الحالي الدواعش التكفيرين .
ولبنان اليوم يملك جيشاً وطنياً بامتياز قياساً لكل مراحل تاريخ لبنان المعاصر ، وعلى الأقل هو أكثر مؤسسة وطنية لبنانية تحوز على اجماع اللبنانين، وشهدت الانتصارات على برابرة العصر –الدواعش التكفيرين – بالتعاون مع المقاومة على قدرة هذا الجيش ووطنيته.
في ظل نقاط قوة لبنان الأهم / وهي الجيش والمقاومة الواقع اليوم يؤكد أن مسألة كرامة المواطنين المستباحة من السياسين ومن حكام البلد على مدار عقود على الأقل – تُهدد نقاط القوة المُشار إليها أعلاه وهي المقاومة والجيش من خلال اعتلال كرامة ومعنويات الشعب.
لذلك خرج الشعب من القمقم ، خرج المارد إلى الميدان، خرج البطل اللبناني المعتقل من قبل الطوائف والأحزاب والزعامات التي عاشت وتعيش ورقصت ولا تزال على آلام الشعب وعلى طموحاته المقبورة على أيدي تلك الزعامات التي لا تستطيع أن تبري أحداً منها خصوصاً –أمراء الحرب الأهلية- الذين أصبحوا نجوم السياسة اللبنانية.
اذن نقاط قوة لبنان – المقاومة والجيش- مهددة مائة في المائة ومصدر التهديد الحاسم والأساس هذه المرة هو الطبقة الحاكمة حصراً دون غيرها.
في ظل هذه الواقع الذي شخصناه جاءت الفرصة الإلهية التاريخية ، جاءت هذه الحالة الشعبية الثورية في لبنان.
جاءت بإقرار الجميع حالة شعبية ثورية عابرة للطوائف والمناطق والأديان والأحزاب بامتياز
جاءت حالة شعبية ثورية تملك القدرة على إعادة الثقة في النفس وفي البلد، وقادرة على صناعة الفرح وتعميمه على اللبنانيين في الداخل والخارج.
وجاءت كحالة شعبية ثورية تجسد التعددية بكل أشكالها وتنشد الدولة المدنية التي تعتمد المواطنة وتسعى لتحقيق الكرامة الإنسانية على أكمل وأجمل وجه.
وبالسياسة – وهذا مربط الحصان- جاءت كأهم رافعة سياسية لتحقيق ما عجزت الطبقة السياسية - .بقضبِّها وقضيضها - عن تحقيقه خلال عقود.
وشهد الزعماء الأهم في البلد على أنها خدمتهم واختصرت عليهم الجهد والوقت لتحقيق إنجازات لهذا البلد المقهور والمعتقل – لبنان.
بالخلاصة / إذن نحن أمام حالة شعبية ثورية تمثل فرصة تاريخية نادرة هذه الحالة تنشد الكمال ولا تدَعيه، وهي تعبر عن الإرادة اللبنانية الجمعية المبدعة والمتألقة الباحثة عن دولة الانسان- دولة المواطنة التي تدوس الطائفية والعنصرية، وتطمح لأن تقدم نموذجاً مجتمعياَ وسياسياً راقياً على مستوى لبنان والمنطقة والعالم.
وهي تملك طاقة جبَارة لا تعرف الضجر ولا المستحيل ولديها الثقة في إعادة صياغة البلد من جديد بأفق وطني انساني راقي .
لا يحق للعجزة والفَسَدَة والفاشلين أن يطالبوها بالكمال ولا يحق للعجزة والفَسَدة والفاشلين أن يأخذوا دور الواعظ ويحتلوا منبر الوعظ لها.
وعلى الجيش والمقاومة وكل أحرار لبنان أن يحترموا أنفسهم وألا يسمحوا بإضاعة الفرصة التاريخية ، وألا ينظروا لها بأنها تهديد للبنان، بل التهديد هي الطبقة السياسية الحاكمة حصراً.
على الجيش والمقاومة وكل أحرار لبنان أن يستنفروا ليل نهار لحماية الحالة الشعبية الثورية من الصغار في الداخل ومن المجرمين الإقليمين والدوليين في الخارج ولن يرحمكم التاريخ إن تركتموها فريسة ً لتحليلاتكم ونظرياتكم وغروركم وادعاءاتكم وفرضياتكم
نعم هناك خطورة تهدد المقاومة والبلاد
وهذه الخطورة تتمثل في ترك الطبقة السياسية الفاسدة تحكم البلد من جهة ..
وترك الفرصة التاريخية والذهبية تذهب دون استثمارها لصالح لبنان ولكل من يحبون لبنان ومقاومته وشعبه من جهة أخرى