بقلم : نبيل السهلي
اتفقت الأحزاب العربية داخل "الخط الأخضر" أخيراً، على خوض انتخابات «الكنيست 22» المزمع إجراؤها في 17 أيلول (سبتمبر) المقبل، ضمن قائمة واحدة. ويرى متابعون سياسيون أن تجميع قوى الكتل العربية في كتلة واحدة، سيشكل ثقلاً سياسياً في مواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وحلفائه من أحزاب اليمين، إذ من المتوقع أن يمثل القائمة العربية الجديدة 12 نائباً، في مقابل عشرة نواب في «الكنيست 21».
وثمة أسباب دفعت الكتل العربية الممثلة في الكنيست الحالية إلى الاتحاد، وفي مقدمتها التحديات التي تواجه الأقلية العربية، والمتمثلة في رزمة من القوانين العنصرية ضدها خلال حكم نتانياهو، ناهيك عن إمكان الارتقاء بعدد المقاعد النيابية وزيادة التمثيل في لجانها المختلفة.
تحديات جمة تواجه الأقلية العربية، إذ لم تتوقف السياسات التهويدية الإسرائيلية للحظة واحدة. وشهد العقد الأخير نشاطات استيطانية كثيفة في كل أراضي فلسطين التاريخية، سواء في منطقة الجليل أوالنقب أو في الضفة الغربية بما فيها القدس، التي تواجه نشاطاً استيطانياً محموماً، خصوصاً في الأحياء العربية، بغرض تهويدها وفرض الأمر الواقع الإسرائيلي عليها. وترافق ذلك مع ضغوط إسرائيلية مدروسة كثيفة ومتشعبة على الأقلية العربية، لتحقيق الهدف الديموغرافي، بعد مصادرة المساحة الكبرى من الأرض الفلسطينية، ما أدى ذلك إلى تفاقم معاناتها. فبينما لا تتعدى معدلات البطالة بين اليهود في سوق العمل الإسرائيلي تسعة في المئة، ارتفعت معدلات البطالة بين العرب إلى أكثر من عشرين في المئة. وبسبب ضعف الخيارات، يرتاد 44 في المئة من الأطفال العرب رياض الأطفال، مقابل 95 في المئة للأطفال اليهود في سن ثلاث سنوات، فيما يعاني أكثر من ربع الأطفال العرب داخل "الخط الأخضر" فقراً مدقعاً.
ونتيجة للتمييز في موازنات التعليم، ارتفعت معدلات الأمية بين العرب إلى 12 في المئة، مقابل خمسة في المئة بين اليهود. وبغرض الإخلال بالوضع الديموغرافي لصالح الرؤى الإسرائيلية، وضعت سلطات الاحتلال مخططاتٍ لتهويد الجليل والنقب، بهدف كسر التركز العربي في المنطقتين، عبر مسميات مختلفة، في مقدمتها ما يسمى مشاريع التطوير والتحديث.
واللافت أن حملة الانتخابات الإسرائيلية لـ "كنيست 22 " رفعت شعارات وخطابات دعت في مجملها إلى إصدار قوانين من شأنها تهميش الأقلية العربية. وذهبت شخصيات إسرائيلية إلى أبعد من ذلك، عبر دعوتها إلى طرد الأقلية العربية، ما يدل على تفاقم العنصرية الإسرائيلية أكثر من أي وقت مضى.
وثمة تحديات أخرى تواجه فلسطينيي الـ 48 ، تتمثل في إمكان إصدار رزمة متسارعة من القوانين العنصرية ضدهم، خصوصاً وأن الحكومة الإسرائيلية المقبلة ستكون أكثر يمينية وعنصرية، ومتسلحة بدعم مطلق من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
لا يبدو أن نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة ستغاير نتائج سابقتها، لناحية حصة كلّ معسكر من الأحزاب والكتل المتنافسة بمسمياتها المختلفة على مقاعد "الكنيست 22". وتبعاً لذلك، فإن بنيامين نتنياهو سيجد نفسه، في حال تكليفه، أمام مشهد ما بعد انتخابات "الكنيست21 ذاته. ولعلّ ذلك ما يركّز أفيغدور ليبرمان اللعب عليه من أجل تحقيق أهدافه، علماً أنه المستفيد الأكبر من إعادة الانتخابات.
وعلى رغم دخولها المعترك السياسي الإسرائيلي منذ عام 1977، إلا أن الأحزاب العربية، الممثلة في الكنيست أو خارجه، لم تستطع تحقيق آمال الأقلية العربية، في جوانب العدالة الاقتصادية والسياسية، علماً أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ عام 1948، سعت إلى قطع اتصال الأقلية العربية مع محيطها العربي، وحاولت، في الوقت ذاته، استيعابها ودمجها في المجتمع الإسرائيلي، ولكن على هامشه في كل مناحي الحياة. كما طبقت اسرائيل سياسات محكمة لطمس الهوية العربية عبر تفتيتها، فحاولت جعل الدروز والشركس قومياتٍ منفصلة، وفرضت عليهم الخدمة الإلزامية في الجيش الإسرائيلي منذ عام 1958، وحاولت التفريق بين العرب المسلمين والمسيحيين، فضلاً عن تقسيم المسيحيين إلى طوائف شرقية وغربية، والمسلمين إلى مذاهب مختلفة. والأخطر من ذلك إصدار قوانين عنصرية لترسيخ فكرة يهودية الدولة وتهميش الكفاح الخاص الذي تمارسه الأقلية العربية داخل "الخط الأخضر"، ومن بين تلك القوانين ، قانون يحرم الأقلية العربية من إحياء ذكرى النبكة، وقانون آخر يتم من خلاله إلزام أي شخص يحمل الهوية الإسرائيلية بالقسم ليهودية الدولة، الأمر الذي يهدد بسحب الهوية الإسرائيلية من الأقلية العربية ويهيء الظروف لطردها في نهاية المطاف.