الدروز بين الشرع وإسرائيل
أخر الأخبار

الدروز بين الشرع وإسرائيل

 فلسطين اليوم -

الدروز بين الشرع وإسرائيل

بقلم : عبد الرحمن الراشد

تاريخياً، إيرانُ الخميني تعاونت عسكرياً مع إسرائيلَ، وكذلك فعل عراق صدام. واستقبل شيعةُ لبنانَ قواتِ إسرائيل ونثروا عليهم الرُّز والوردَ، ولجأ مسيحيُّو لحد إليها.

إسرائيلُ خبيرةٌ في صراعات المنطقة، واليوم تعرض مساعدتَها على دروز سوريا تحثُّهم على التَّمرد. فهل يقبلُ الدروز؟ وهل يسكتُ الشرع؟

تستهدف إسرائيلُ دمشقَ مع أنَّ حكومة الشرع بادرت مبكراً للتصريح بأنَّها لا تريد معاداتها، وتشترك معها في العداء لطهرانَ و«حزب الله».

إسرائيل ربَّما مرتابة من حقيقة نيات النظام السوري الجديد تجاهها، وتبني شكوكَها على طبيعة النظام ذي الجذور الدينية السياسية المتطرفة.

لكن لإسرائيل سبب آخر، فهي تنتهج استراتيجيةً مختلفة في أعقاب هجمات أكتوبر (تشرين الأول) 2023، ففي السابق، كانت تكتفي بالتفوق العسكري الدائم، وتتعامل مع ما قد تتعرَّض له من هجمات وخسائرَ هامشية. وكانت كبرى الخسائر التي ألحقتها «حماس» بإسرائيل 73 قتيلاً في عام 2014 في مواجهات دامت خمسين يوماً.

في أكتوبر 2023، نفذت «حماس» في يوم واحد عملية ضخمة قتلت أكثرَ من ألف إسرائيلي. دفع الهجوم إسرائيلَ لتبني استراتيجية دفاعية جديدة، وقرَّرت ألا تكتفي بمفهوم الردع من خلال التفوق العسكري. قالت إسرائيل إنَّها لن تسمح بعد اليوم بوجود قوى تهددها في محيطها الجغرافي، ولهذا قضت أولاً على قيادات وقدرات «حماس» و«حزب الله»، وتسببت في إسقاط نظام الأسد. ثم عمدت إلى بناء ثلاث مناطق حدودية عازلة أوسع، في قطاع غزة، وجنوب لبنان، وكذلك في الجولان.

ويبدو أنَّها الآن تريد استغلال التوترات في سوريا، تحديداً في المناطق ذات الأغلبية الدرزية بالسويداء، والعلوية في الساحل، لنسج تحالفات دفاعية.

يخطئ من يلجأ إلى تبسيط التطورات الجديدة، باتهام الدروز أو العلويين. هذه مناطق قلقة من الأصوات المتطرفة الموالية لدمشق، كذلك تنشط فيها فلولُ نظام الأسد وإيران و«حزب الله» التي تثير الخوف من دمشق.

وعن خصوصية العلاقة الإثنية مع إسرائيل، ففي داخل إسرائيل، المسلمون الدروز هم مثل المسلمين السنة، جزء من الدولة العبرية، يحملون هويتَها ويشاركون مجتمعها.

التحليل الخاطئ الآخر هو الجزم بأنَّ إسرائيلَ تسعى لضمّ مناطق دروز سوريا، لأنَّ ضم سبعمائة ألف درزي سيهدد التوازنَ الديموغرافي الهش داخلَ الدولة اليهودية. الأرجح أنَّ إسرائيل ستعمل بجد لدعم فكرة إقليم درزي ذاتي الحكم عن دمشق، يعزّز حزامَها الأمني. وهذه تعوّضها جزئياً عن غياب الترتيبات الأمنية التي أبرمت مع الأسد الأب ثم الابن، وعاشت بفضلها الجبهةُ السورية الإسرائيلية سلاماً أكثر حتى من الأردنية والمصرية.

لأنَّ خصومَ الشرع يدركون صعوبةَ إسقاط نظامه، ويبقى البديلُ عندهم خلق مناخِ صدام مع الإسرائيليين.

هذا سيضطر دمشق إمَّا إلى التوصل إلى تفاهمات مع الدولة العبرية، كما فعل الأسدان من قبل، أو التصالح مع المناطق المضطربة بتقديم مزيد من التنازلات. لا يوجد خيار ثالث.

لإخماد الفتن والاضطراباتِ، سيحتاج نظامُ الشرع إلى ترجمة عملية لمفهوم «الدولة الوطنية». في رأيي الدستور الانتقالي مليء بالثقوب، لكن أي بديل له لن يفيَ بكل المطالب والتوقعات. الشرع ليس زائراً مؤقتاً في دمشق، بل يريد أن يضمنَ سلطته ووجودَه على رأسها، السؤال: هل بمقدوره تحقيق التوافق وتحقيق الدولة الوطنية التي وعد بها؟

الأسدان من قبله حاولا ما يفعله الشرع اليوم. صاغا دستوراً يحدّد إسلاميةَ الرئيس، والمرجعية الفقهية، ومنحا كثيراً من المواقع السّيادية للرفاق من السنة، خدام وطلاس والشرع. لكن هذا الديكور لم يَبنِ دولة حقيقية ولم يكسب ولاءات السوريين، حتى العلويون ثاروا ضد بشار. سيحتاج الشرع إلى أن يكمل ما بدأه ويبني الثقة مع الجميع.

وهناك المطالب الدولية، دولة مدنية تستوعب عموم السوريين، خالية من الميليشيات الأجنبية. هذا ما تتَّفق عليه جميع دول مجلس الأمن دائمة العضوية الخمس، التي من النادر أن تتفق.

الدولة الوطنية المنشودة في الحالة السورية ليست إمارة إدلب الصغيرة، ولا حكومة خاصة برفاق السلاح من «هيئة تحرير الشام»، ولا توجهها حسابات السوشيال من فرقاء الثورة السورية الذين يصرّون على الفرز والإقصاء ضد من يعدّونهم محسوبين على النظام السابق أو تعاملوا معه. هؤلاء ينظرون إلى سوريا المستقبل من الماضي، في حين أن دمشق مهددة بتحديات أخطر، وبعضها لم ينفجر بعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الدروز بين الشرع وإسرائيل الدروز بين الشرع وإسرائيل



GMT 05:42 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

طلعت حرب أم سفاح التجمع؟!!

GMT 05:40 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات 100 قائد عسكرى ورمز دبلوماسى

GMT 05:39 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

علاقات سياسية معقدة

GMT 05:38 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

ما سمعناه.. وما نراه

GMT 05:29 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

خلافة ترامب!

GMT 05:28 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

أخلاق مبهوأة!

GMT 05:27 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

شجرة التطرف الوارفة (الأخيرة)

GMT 01:03 2025 الأربعاء ,02 إبريل / نيسان

صلاة الفجر في مكة

الملكة رانيا تتألق بعباءة وردية مطرزة بلمسات تراثية تناسب أجواء رمضان

القاهرة ـ فلسطين اليوم
الإطلالات التراثية الأنيقة المزخرفة بالتطريزات الشرقية، جزء مهم من أزياء الملكة الأردنية رانيا ترسم بها هويتها في عالم الموضة. هذه الأزياء التراثية، تعبر عن حبها وولائها لوطنها، وتعكس الجانب التراثي والحرفي لأبناء وطنها وتقاليدهم ومهاراتهم في التطريز الشرقي. وفي احدث ظهور للملكة رانيا العبدالله خلال إفطار رمضاني، نجحت في اختيار إطلالة تناسب أجواء رمضان من خلال تألقها بعباءة بستايل شرقي تراثي، فنرصد تفاصيلها مع مجموعة من الأزياء التراثية الملهمة التي تناسب شهر رمضان الكريم. أحدث إطلالة للملكة رانيا بالعباءة الوردية المطرزة بلمسات تراثية ضمن اجواء رمضانية مميزة يملؤها التآلف، أطلت الملكة رانيا العبدالله في إفطار رمضاني، بعباءة مميزة باللون الوردي تميزت بطابعها التراثي الشرقي بنمط محتشم وأنيق. جاءت عباءتها بتصميم فضف�...المزيد

GMT 09:09 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

الفنانة نانسي عجرم ضيفة عمرو أديب في "كل يوم"

GMT 10:29 2018 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

وفد من الجبهة الشعبية يهنئ "فتح" بذكرى انطلاقتها 54

GMT 18:08 2018 السبت ,27 تشرين الأول / أكتوبر

فرانشيسكو يشعر بالحَيرة والإحباط لعدم ثبات مستوى روما

GMT 00:02 2017 الأربعاء ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش اللبناني يحصل على مقاتلتين خفيفتين إيه-29 من أميركا

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday