النكبة في عيون مفجري الثورة الأوائل
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

النكبة في عيون مفجري الثورة الأوائل

 فلسطين اليوم -

النكبة في عيون مفجري الثورة الأوائل

بقلم : د. ابراهيم ابراش

ماذا تنتظر منظمة التحرير الفلسطينية؟ - شعرة معاوية أفضل من العداوة والانفصال - الرفض ليس دوما موقفا وطنيا أو بطوليا - كل تاريخ الثورة الفلسطينية منعطفات مصيرية - النخب السياسية الفلسطينية: ميكانزمات الهيمنة والإخضاع - الانقسام وصفقة القرن ليسا قدرا على الشعب الفلسطيني إحياء الشعب الفلسطيني للذكرى 71 للنكبة يؤكد أن حرب 1948 أو ما تسمى النكبة ليست مجرد هزيمة عسكرية أو سياسية للجيوش العربية أمام العصابات الصهيونية، ولم تكن مجرد جولة من الجولات التي خاضها الشعب العربي الفلسطيني وما زال ضد الحركة الصهيونية وإسرائيل، أو حالة شبيهة بالمعارك التي تخوضها الشعوب المقهورة وحركات التحرر ضد مستغليها وقاهريها، بل كانت وما زالت أعظم وأخطر جرائم الحرب والتطهير العرقي، حيث أدت حينها إلى شطب اسم دولة فلسطين من على خارطة العالم وإحلال اسم "دولة" جديدة مصطنعة محلها –إسرائيل- بالإضافة إلى تداعياتها المدمِرة على المجتمع الفلسطيني سياسيا واجتماعيا ونفسيا. وَقّعُ النكبة الأليم والشكل الصادم للنكبة، وخيانة بعض العرب حتى من الذين شاركوا في الحرب، للشعب الفلسطيني أثر على نفسية الشعب ومداركه، حيث كانت النكبة ومشاهدها المأساوية حاضرة بقوة في وجدان وذاكرة القادة الاوائل للثورة الفلسطينية المعاصرة وهم يهيئون لإعادة استنهاض الشعب والهوية الوطنية والرد على الهزيمة التي تسببت فيها سبعة جيوش عربية ودفع ثمنها الشعب الفلسطيني. في هذا السياق تحدث القائد الفتحاوي كمال عدوان عن النكبة وتأثيرها: "بفعل النكبة أصبح الفلسطينيون شعباً تائهاً مشرداً، يعاني الأمرين في معسكرات للتجمع تتناثر في الأقطار العربية وفاقداً وعيه وفكره، يعيش في ذهول بسبب الحركة السريعة التي تطورت بها الأحداث من حوله." ("فتح الميلاد والمسيرة: حديث مع كمال عدوان"، شؤون فلسطينية، العدد 17، يناير 1973). كان وقع النزوح واللجوء قاسياً رهيباً حيث زعزع أسس المجتمع الفلسطيني وأحدث اضطراباً في قيمه ومعتقداته، كانت الضربة قاسية على النفس، جارحة للإحساس، أن يتحول الإنسان فجأة من مواطن كريم في وطنه إلى لاجئ يعامَل كمواطن من درجة ثانية شيء لا يطاق. لقد تحول الشعب الفلسطيني بفعل النكبة إلى شعب مفكك البنية الاجتماعية، فاقد لعملية التفاعل والتواصل الاجتماعي بين أفراده وطبقاته، هذه العملية التي تشكل الأساس الضروري في تشكيل القاعدة التي تنبع منها القيم والأفكار والمبادئ وعلي أرضيتها تصاغ أسس التعامل وأهداف المستقبل. في أرض الغربة أصبحت مهمة غالبية الفلسطينيين البحث عن لقمة العيش وما يسدون به رمقهم. في المنفي عاش اللاجئون في ظروف تنظر إليهم فيها الحكومات العربية كحمل ثقيل، ومصيبة نكراء وقعت عليهم وعلى حد قول الشاعر الفلسطيني محمود درويش "منذ أن ألقت حراب الاحتلال الإسرائيلي بالفلسطيني ’ضيفاً‘ على إخوته العرب – هكذا سموا اللاجئ في البداية – قدموا له كل الوعود التي لا تتحقق وظل مطارداً بما هو أكثر من التمييز، كان موسوماً بالعار، إنه متهم ومطارد ومشار إليه أنه لاجئ، أنه التائه الجديد." فكيف يمكن لإنسان دون مأوي ودون أمل ودون مستقبل، جائع عار، مطارد، أن يفكر بشيء غير لقمة العيش؟ كانت هموم الفلسطيني "التائه" متواضعة محدودة في نظر الإنسان العادي لا تتعدي تأمين المأوى ولقمة العيش ورد المهانة، ولكنها بالنسبة للفلسطيني كانت بمثابة رحلة طويلة مع العذاب والمعاناة، فلا الأقطار العربية كانت مهيأة لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين ولا الأمم المتحدة مهتمة جدياً بهذه القضية بالإضافة إلى غياب القيادة الفلسطينية المسئولة. (شفيق الحوت، "الفلسطيني بين التيه والدولة"، بيروت، 1977). كانت المعاناة أكثر وطأة وقسوة، عندما كانت أصابع الاتهام تشير على الفلسطيني بأنه مسئول عن نكبته وبأنه باع أرضه لليهود! وقد حاولت بعض الأنظمة العربية زرع مثل هذا الوهم عند جماهيرها لتسقط عن نفسها مسؤولية ما حدث في حرب 48، ومارست على الإنسان الفلسطيني كل أنواع القهر والاضطهاد، وقتلت كل بارقة أمل أمامهم، وجعلتهم مجرد أرقام في سجلات المخابرات ومكاتب وكالة غوث اللاجئين. ضمن هذه الظروف والأوضاع تشكلت نفسية الإنسان الفلسطيني "لاجئ" أبغض كلمة في قاموس اللغة العربية على قلب الإنسان الفلسطيني، بما أضحت توحي به من معاني القهر والسحق والإذلال، نفسية تفشت فيها روح إتكالية، أفقدت الفلسطيني الرغبة في عمل أي شيء وفقد الأمل في تحقيق أي شيء، وتفشت اللامبالاة، التي جعلت الفلسطيني رقماً مهمشاً في مجريات الأحداث، وكأن ما يجري حوله لا يعنيه. فقد الثقة بنفسه وبمن حوله، وأصبح يعيش حالة من الإحساس بفقدان الأمان المستمر والدائم، والذي عززته حالة التسلط التي مارستها عليه بعض الأنظمة ومعاملته كمواطن من درجة ثانية، الأمر الذي ولَّد لديه عقدة الاضطهاد. وسياسياً فرض واقع الغربة والتشرد على من كان نشيطاً سياسياً من الفلسطينيين، أن يعيش حيلة اللجوء السياسي التي تُحيل الحياة إلى معاناة وقلق رهيب، كفيلة بتشويه أحاسيس كل مناضل يحترم نفسه، وتدمير إيمانه بالغد وتشويه نظرته إلى الوجود. (كمال ناصر، "مذكرات لاجئ سياسي"، شؤون فلسطينية العدد 44، ابريل 1975). ضمن هذا الجو المُحبط لكل شيء غرق الفلسطيني في متاهات الشك، فأصبح يشك في كل شيء، وهي حالة نفسية من الصعب على الفرد أن يُكوِن قناعة تامة وثابتة حول أية أيديولوجية، أو فكر أو موقف، والكفيلة بتدمير كثير من القيم التي تربي عليها، وفي الوقت نفسه تجعل من الصعب عليه فرز قيم جديدة وقناعات جديدة، ويبقي موقفه سلبياً يتابع الأخبار والأحداث التي يصنعها أو يصنعها له غيره. ("فتح، الميلاد والمسيرة: حديث مع كمال عدوان"). أما جورج حبش القائد المؤسس لحركة القوميين العرب ولاحقا للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فيتحدث عن تأثير النكبة قائلا: "لقد شعرت بالإهانة في أحداث 1948، فقد أتى الإسرائيليون إلى اللد وأجبرونا على الفرار، إنها صورة لا تغيب عن ذهني ولا يمكن أن أنساها. ثلاثون ألف شخص يسيرون، يبكون، يصرخون من الرعب. نساء يحملن الرضع على أذرعهن والأطفال يمسكون بأذيالهن والجنود الإسرائيليون يشهرون السلاح في ظهورهن. بعض الناس سقط على قارعة الطريق وبعضهم لم ينهض ثانية. لقد كان أمرا فظيعا ما أن ترى ذلك حتى يتغير عقلك وقلبك، فما الفائدة في معالجة الجسم المريض عندما تحدث مثل هذه الأمور، يجب على الإنسان أن يغير العالم، أن يقتل إذا أقتضى الأمر، يقتل ولو أدى ذلك إلى أن نصبح بدورنا غير إنسانيين." (باسل الكبيسي، "حركة القوميين العرب"، دار العودة، بيروت، ص 77). وما زالت النكبة حاضرة فينا وأضيف لها نكبة الانقسام، فهل ستفجر النكبة الجديدة ثورة كما فعلت النكبة الأولى؟ القاعدة

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النكبة في عيون مفجري الثورة الأوائل النكبة في عيون مفجري الثورة الأوائل



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday