بقلم : منى بوسمرة
جاءت زيارة محمد بن زايد إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية في توقيت بالغ الأهمية، تدرك فيه قوى العالم الحية والمؤثرة حساسيته من جهة، وحاجة هذه الدول إلى تنسيق المواقف إزاء مختلف القضايا.
توقيت يؤكد أيضاً المكانة العالمية لدولة الإمارات من جهة، وتأثيرها في سياسات العالم إزاء أبرز الملفات التي تشغل مراكز القرار في كل مكان، خصوصاً أن العالم اليوم يقف أمام التحديات ذاتها، وبدون لغة مشتركة وتفاهمات عميقة لا يمكن لهذا العالم مواجهة هذه التحديات التي تتعاظم يومياً على أكثر من صعيد، خصوصاً هذه الأيام.
هذه الزيارة، التي تمت بدعوة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، والتي قوبل سموه خلالها باهتمام كبير من المجتمع الألماني والشخصيات السياسية والاقتصادية والإعلام الألماني، أثمرت نتائج مهمة، خصوصاً إزاء قضايا الأمن والاستقرار ومحاربة التطرف، وملفات اليمن، وتهديدات إيران، وغير ذلك من قضايا توافقت عليها الإمارات وألمانيا في البيان الختامي الذي تناول قضايا مختلفة بشكل تفصيلي ومحدد.لقد استطاعت الإمارات، خلال فترة قصيرة، أن تصبح دولة مؤثرة بين دول العالم، ولها كلمتها على صعيد مراكز القرار الدولية، بعد أن ثبت أن كل السياسات الإماراتية، التي تعزز السلم والأمن وتؤكد الجوامع الإنسانية بين الشعوب، سياسات ذات أثر عظيم، وهذا يفسر من جهة ثانية قدرة الإمارات على تعزيز وجودها الدبلوماسي والسياسي، وتجاوب العالم مع كل الدعوات الإماراتية لتنسيق الجهود أمام التحديات.
إن العلاقات الثنائية بين الإمارات وجمهورية ألمانيا الاتحادية على مشارف مرحلة جديدة، عبر تطوير هذه الشراكة الاستراتيجية، وتحويلها إلى شراكة شاملة، تهتم بمجالات اقتصادية، وبملفات الطاقة والتكنولوجيا والتعليم، وغير ذلك، في سياقات سعي الإمارات إلى تنمية علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية أيضاً، والتحالف مع القوى التي تدرك أهمية السلم والأمن ونبذ الكراهية والتطرف والإرهاب في العالم أجمع.في هذا الإطار، جاءت تغريدة محمد بن زايد التي أشار فيها إلى أهمية هذه الزيارة: «سعدت اليوم بلقاء المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، مسيرة التعاون بين بلدينا تاريخية وممتدة، تعززها روابط الشراكة الاستراتيجية، وسنعمل معاً على تدعيمها والارتقاء بها، موقفنا راسخ في دعم جهود السلام العالمي، وإعلاء قيم التسامح والتضامن الإنساني، ونبذ التطرف والتصدي للإرهاب».
لقد استطاعت الإمارات بكل اقتدار بناء خريطة علاقات عالمية، قائمة على مفاهيم سياسية-إنسانية، تتمثل بالعلاقات مع دول العالم على أساس مفاهيم مشتركة، تركز على السلم والأمن ومحاربة التطرف، وتعتبر أن التنمية الإنسانية والاقتصادية الأولوية الأولى، وأن حياة الإنسان يجب أن تتم حمايتها وصون مكتسباتها، وهذا لا يكون إلا عبر صياغة تحالفات مع القوى المؤثرة والمدركة لأهمية توافق الدول على رؤى موحدة.
هذه الزيارة ترفع من معنوياتنا أيضاً، إذ إنها تعكس ما بنته قيادتنا طوال عقود من مكانة لدولة الإمارات، وهي مكانة أُسّست على جهد متواصل، وتخطيط يدرك معادلات العالم، ويقرأ التغيرات، ويحدد مكامن القوة والضعف في خرائط العالم، وهي مكانة تنعكس مباشرة على كل فرد إماراتي، بحيث يلمس كل واحد فينا اليوم المعاني والصور والحقائق التي تترافق مع الحديث عن الإمارات في كل مكان في العالم.